Site icon IMLebanon

انتخابات الغد… وجودية عقابية تغييرية

 

يتوجّه الشعب اللبناني غداً إلى صناديق الإقتراع حاملاً كل المآسي والويلات التي خلّفتها سياسات السلطة وأوصلت البلاد إلى جهنم.

 

في هذا اليوم، سيضطر الكثيرون إلى العودة إلى بلداتهم بعدما أجبرهم النظام المركزي على تركها والعيش في المدن، وسيمنع لهيب أسعار المحروقات بعضاً من الراغبين بالإقتراع من الذهاب إلى مسقط رأسهم بسبب عدم قدرتهم على تعبئة سياراتهم بالوقود. كذلك، فإن هناك مرضى ستمنعهم حالتهم الصحية من المشاركة لأنها تطوّرت بسبب فقدان الدواء، وهناك أمّ شهيد في انفجار المرفأ ستذهب وحيدةً إلى صندوق الإقتراع لأن سلطة «النيترات» قرّرت تدمير العاصمة وسلبها إبنها الذي كان يرافقها دائماً.

 

إذاً، اللبناني أمام مهمة ليست صعبة لقلب الطاولة على رؤوس من جوّعه ودمّر بلده وشرّد ابناءه وهجّرهم بعدما ضاقت فرص العيش، وبالتالي فإن هذا المشهد المؤلم سيحضر أمام أعين كل ناخب يريد الإنتقام من الطبقة السياسية التي أوصلته إلى قعر الهاوية.

 

ربما تكون هذه الإنتخابات الأهمّ في تاريخ لبنان لأنها إنتخابات وجودية عقابية تغييرية، ففي السابق كانت تُخاض معارك نيابية كبرى تحت عناوين سياسية، لكن اليوم هناك عنوان واحد إما نبقى وتبقى الدولة اللبنانية أو يُستكمل مسار الإنحدار، لذلك فإن «القعدة» بالبيت لن تفيد.

 

منذ عهد الإنتداب الفرنسي مرّت على لبنان إنتخابات مفصلية، فأهم معركة في ذلك الحين كانت عام 1943 عندما فازت «الكتلة الدستورية» برئاسة بشارة الخوري على «الكتلة الوطنية» برئاسة إميل اده، وأدى هذا الأمر إلى انتخاب الخوري رئيساً للجمهورية وتحقيق معركة الإستقلال.

 

أما الإنتخابات الثانية المهمة، فجرت عام 1957 عندما أطاح الرئيس كميل شمعون بزعماء المعارضة ما ساهم بشكل مباشر بتوتير الأجواء، واستغل هذا الأمر حلفاء الرئيس المصري جمال عبد الناصر لتخريب الوضع الداخلي.

 

ولا تزال أخبار إنتخابات 1968 تتردّد حتى الآن وقصة «برمة سيدة حريصا» حاضرة دائماً، وشكّلت هذه الإنتخابات مدخلاً لنهاية «الشهابية» بعد فوز «الحلف الثلاثي».

 

وكانت إنتخابات 1992 مدخلاً لبسط سلطة الإحتلال السوري على المؤسسات رغم المقاطعة المسيحية والوطنية، في حين شكّلت إنتخابات 2005 إنعكاساً لواقع الأرض بعد خروج جيش الإحتلال السوري.

 

اليوم، يقف الشعب اللبناني أمام مفترق طرق خطير، إما يتدخل هو وينقذ نفسه ودولته وإما على الدنيا السلام، إذ إنه سيعيش 4 سنوات جديدة ويجدّد القهر لنفسه ولأبنائه، لذلك فإن هذه الفرصة ثمينة جداً، إذ لا يكفي إنتظار وصول المساعدة من الخارج، فإذا جدّد الشعب لحكّامه عندها سيقول العالم «هذه إرادة شعب لبنان ونحترمها».

 

ولا بدّ من التذكير بأن نسبة المشاركة الكثيفة هي الأساس في نجاح أي إنتخابات، في حين أن التغيير يحتاج إلى إرادة لأنه لن ينفع الندم، فالإنتخابات غداً ومنذ 3 سنوات يطالب قسم من الشعب بانتخابات مبكرة، فهل سيطالب من لم يشارك بانتخابات مبكرة بدءاً من الإثنين 16 أيار، أم أن عليه القيام بواجبه الأحد… وبعدها لكل حادث حديث؟