Site icon IMLebanon

حسابات بان وحسابات اللبنانيين

على مسافة ساعات من التعطيل السابع والثلاثين لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية يصل إلى بيروت الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون حاملاً إلى القيادات اللبنانية من فريقي 8 و14 آذار دعوة المجتمع الدولي الملحّة للإسراع في ملء الشغور في رئاسة الجمهورية نظراً للأضرار البالغة التي تلحق ببلدهم سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وحتى كيانياً جرّاء استمرار هذا الفراغ وعجز هذه القيادات عن تلقّف الفرص المتاحة دولياً للملمة الوضع الداخلي وإطلاق عجلة الدولة المتوقفة منذ قرابة السنتين بسبب خلافاتهم واختلافاتهم، ورهاناتهم على الخارج، والتي تُعتبر أطول أزمة تشهدها دولة عضو في الأمم المتحدة على مرّ التاريخ الحديث.

ويُفترض أن يستمع المسؤول الأممي من المسؤولين اللبنانيين الذين سيلتقيهم خلال زيارته القصيرة كلاماً كثيراً عن الأسباب التي ما زالت تحول دون اتفاق الأطراف المعنية على انتخاب رئيس للبلاد، ومناشدته تدخل الأمم المتحدة بصورة أكثر فعالية لوقف التدخلات الخارجية في شؤون لبنان الداخلية والتي تتحمّل وحدها مسؤولية عن عدم تمكين اللبنانيين من الاتفاق على سدّ الفراغ في الرئاسة الأولى والتفاهم فيما بينهم على إعادة إنتظام المؤسسات الدستورية وإطلاق عجلة الدولة وفق ما هو مطلوب لسدّ الثغرات وتحصين لبنان من كل التداعيات التي تنجم عن الأزمات والتحوّلات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ما يعني الاعتراف بأن لبنان عاجز عن تدبّر شؤونه بنفسه وأنه بحاجة ماسّة إلى تدخّل دولي مباشر لرفع التدخلات الخارجية عنه، وإلا فإن الأمور كما هو واضح ستزداد تعقيداً بما يجعل الخوف على مصير هذا البلد أمراً واقعاً لا مفرّ منه.

هذا ما هو مُفترض أن يحصل بين المسؤول الأممي والمسؤولين اللبنانيين ولكن من يُقنع الآخر بصوابية وجهة نظره، هل ينجح بان كي مون بإقناع أهل السياسة بمدى الخطر المحدق ببلدهم جرّاء إمعانهم في الرهان على الخارج، وعلى التحوّلات التي تشهدها المنطقة، والتخلّي عن هذا الرهان بدءاً بفك أسر الرئاسة الأولى، وإعادة الإنتظام إلى مؤسسات الدولة في إطار عملية وفاقية شاملة لا تستثني أحداً، وهل يُقنعهم أيضاً بأن بلدهم لم يعد أولوية عند المجتمع الدولي، أم ينجح المسؤولون اللبنانيين بإقناع المسؤول الأممي بأن اللعبة خرجت من أيديهم ولا بدّ من تدخّل دولي جامع لإجبار الجميع على الدخول في مشروع الدولة من باب انتخاب رئيس لها والتي لم تحصل حتى الساعة، وكأن العالم يتفرّج على هذا البلد ويتركه لقمة سائغة للطامحين بالنفوذ أو السيطرة واستخدامه ورقة ضغط في اللعبة الدولية الجارية على مساحة الوطن العربي.

لا نعتقد بأن الأمين العام للأمم المتحدة يحمل معه أكثر من التمنيات، ولا نعتقد في نفس الوقت أن هذه التمنيات ستحمل الأفرقاء اللبنانيين على تغيير رهاناتهم، والدخول في تسوية سياسية تُنتج رئيساً توافقياً في القريب العاجل، يُطلق أملاً جديداً بإمكان تجاوز الأزمة.