Site icon IMLebanon

تركيبة سياسية مفلسة  تتشاطر على انشتاين

ختام ثلاثية الحوار لم يكن مسكاً، خلافاً للتعبير العربي التقليدي. ولا مبرر للرهان على ترجمة عملية لما قيل في ديوانية عين التينة، وبعضه انتهى الى مُخرجات حسب التعبير المستخدم في الحوار بين المتصارعين في اليمن. فما كان مطلوباً ملء السلة به، وأهمه الرئاسة وقانون الانتخاب، ضاع في زحام التطورات الاقليمية والارتهانات اللبنانية لها. وما لجأ اليه المتحاورون لايجاد بدل من ضائع هو اعادة اكتشاف الطائف، بحيث تصرفوا كمن يبذل الجهود عبثاً لما لا حاجة اليه، وهو اعادة اختراع الدولاب.

ذلك ان المتحاورين تشاطروا، لا فقط على اللبنانيين بل أيضاً على انشتاين. كيف؟ العبقري صاحب نظرية النسبية قال إن تكرار التجارب على المواد عينها، وتوقع الحصول على نتيجة مختلفة، هو جنون مطبق. ودهاقنة السياسة اللبنانيون الواقفون على باب النظام النسبي في الانتخابات، كرروا التجارب على المواد عينها، وأوحوا أنهم حصلوا على نتيجة مختلفة هي مجرد حيلة عبر تغيير الموضوع المطلوب.

لكن من الوهم استمرار الهرب من الحقيقة. فالبلد الذي قادته حرب طويلة الى مؤتمر الطائف مهدد اليوم باستمرار الفراغ والذهاب الى مؤتمر آخر يقود الى حرب أخرى. والتأكيد على التزام الطائف والبحث في كل شيء تحت سقفه هو محاولة بثلاثة أبعاد: أولها تطمين الخائفين على الطائف وما أعطاهم من مكاسب الى أن الخروج منه ليس على جدول الأعمال، وان المنطقة المضروبة بالصراعات والحروب تتجه الى حلول للأزمات على طريقة الطائف. وثانيها تطمين الخائفين أصلاً من الطائف والخائفين اليوم من سوء تطبيق بعضه والامتناع عن تطبيق الاصلاحات المهمة الى أن الطريق صار مفتوحاً لإكمال التطبيق وخصوصاً لجهة مجلس الشيوخ واللامركزية الادارية؟ وثالثها تطمين الذين يعرفون صعوبة الخروج رسمياً من الطائف ويمارسون عملياً سياسة الخروج على الطائف الى أن التزام الطائف يبقى نظرياً، لا يلزمهم التوقف عن اي شيء يفعلونه ولا التخلي عن تحقيق الأجندة التي يطمحون اليها.

والسؤال هو: ماذا نسمي تركيبة سياسية عاجزة بالقصد عن الاتفاق على قانون انتخاب؟ وكيف نتوقع منها، وهي المفلسة المصرة على احتكار السلطة والمال، ان تكمل تطبيق الطائف؟

في آخر ايام الامبراطورية النمسوية – المجرية، سئل وزير الخارجية عن حال آل هابسبورغ حكامها، فقال: ميؤوس منها لكنها غير خطيرة. واذا كانت حال لبنان خطيرة وغير ميؤوس منها، فإن حال التركيبة السياسية ميؤوس منها وغير خطيرة. ولا أحد يعرف، وإن كان الكل يتمنى، متى وكيف نصبح في حال جيدة.