Site icon IMLebanon

الدولة والمصارف والمودعون يتقاسمون الفاتورة؟

 

أكّد وزير الاقتصاد السابق المصرفي رائد خوري، انّ النظام الاقتصادي الذي بُني منذ التسعينيات انهار ولم يعد يصلح. وبالتالي، انّ السير بخطة «ماكنزي» بات ضرورة، بل حاجة ملحة. واعتبر انّ حجم القطاع المصرفي كان اكبر من حجمه الحقيقي. وتوقع ان يتراجع في المرحلة المقبلة ما بين 30 الى 40 في المئة.

إعتبر خوري، انّ المطلوب سلّة اجراءات متكاملة، ولا يمكن لهذه السلة ان تخلو من المساعدات الخارجية التي قد تكون على شكل صندوق النقد او من قِبل الدول الاوروبية والعربية، مستبعدًا امكانية تحاشي مساعدة صندوق النقد، لأنّ الدول الاجنبية تتوافق على انّ في دول حالتها أو وضعها مثل وضع لبنان توكل فيه عادة مهمة الإنقاذ الى صندوق النقد.

 

ومع عودة الحديث عن خطة «ماكنزي» والتوجّه نحو الاستعانة بها في الفترة المقبلة، يؤكّد خوري انّ السير بخطة «ماكنزي» في هذه الظروف بات ضرورة، بل حاجة ملحة لأسباب عدة. وشرح انّه في السابق كان يدخل الى لبنان عملات صعبة من اللبنانيين المغتربين او غير اللبنانيين على شكل ودائع الى المصارف اللبنانية، اما اليوم ومن بعد الضوابط المعتمدة في المصارف توقفت التحاويل وبالتالي اصبح من الصعب دخول العملات الصعبة الى لبنان، والوسيلة الوحيدة للاستعاضة عن هذا الامر هو خلق قطاعات انتاجية تلبّي الاستهلاك المحلي فنخفّف الاستيراد من جهة ونزيد حجم الصادرات اللبنانية من جهة أخرى، وهذا من شأنه ان يُدخل عملات صعبة الى البلاد.

 

وبناء عليه، يمكن التأكيد انّ الحاجة الى تطبيق خطة «ماكنزي» اليوم باتت اضعاف اضعاف ما كانت عليه في السابق.

 

اضاف: «خطة «ماكنزي» ليست هي الحل السحري في الشق المالي، بل المطلوب اتخاذ عدد كبير من الاجراءات المالية بالتوازي».

 

النظام الاقتصادي انهار

وعمّا اذا كانت خطة «ماكنزي» والاستعانة بصندوق النقد من الضرورات في المرحلة المقبلة، قال خوري: «انّ النظام الاقتصادي الذي بُني منذ التسعينيات حتى اليوم انهار ولم يعد يصلح، والدليل انه لم يعد يدخل الى لبنان أخيراً اية اموال جديدة. لذا فإنّ خطة «ماكنزي» تضع خريطة طريق لنظام اقتصادي جديد، يفترض بلبنان ان يعتمده في العشر والعشرين والثلاثين سنة المقبلة، اي انّها تضع ركيزة جديدة للاقتصاد على المديين المتوسط والبعيد، وهذه الخطوة لا بدّ منها. اما بالنسبة الى الاستعانة بصندوق النقد او اي جهة خارجية أخرى، فيجب على الدولة اللبنانية، وقبل التوجّه الى اي جهة خارجية، ان تقوم بمجموعة اصلاحات بالفعل وليس بالشعارات، ولا سيما منها: اتخاذ القرار في ما خصّ دفع استحقاقات سندات الخزينة او التخلّف عن الدفع، اعادة هيكلة الدين ومن سيدفع فاتورة ذلك، كبار المودعين؟ اسهم المصارف؟ رساميل المصارف؟ الدولة، من خلال تسييل بعض اصولها مقابل السندات التي قد تتخلّف عن دفعها؟ الى جانب ضرورة إيجاد حلّ لأزمة الكهرباء خلال شهر كحد اقصى، حتى نتمكن خلال فترة لا تزيد عن السنة او السنة ونصف السنة من الحصول على كهرباء 24/24. وبعد إتضاح الصورة والاجراءات التي ستعتمدها الحكومة تجاه هذه الاستحقاقات والملفات عندها تتجّه الحكومة الى طلب العون من صندوق النقد او اي جهة خارجية اخرى».

 

من سيدفع فاتورة العجز؟

عن افضل المخارج لحلّ الأزمة المالية، قال خوري: «الحل للأزمة التي نمرّ بها هو عبارة عن مجموعة حلول يجب اعتمادها، وذلك يرتبط بمدى القبول السياسي بالحلول المطروحة. الاكيد انّ هناك فاتورة يجب دفعها، انما السؤال المطروح من سيدفع؟ الاجدى ان تدفع الدولة ثمن الفاتورة لأنّها هي السبب الاساسي للمشكلة وهي من تخلّف عن السداد، وهي من اقرّ سلسلة الرتب والرواتب، وهي من قام بالهدر وسوء الادارة. لذا من المفترض بالدولة ان تدفع الفاتورة وربما عبر بيع اصول تملكها لحاملي السندات». وأشار على سبيل المثال: «عندما تخلّفت اليونان عن سداد ثمن السندات، وبعدما قاموا بإجراء haircut على السندات بنسبة 80%، قام الاتحاد الاوروبي بدفع ثمن هذه السندات. نحن في لبنان لن يكون امامنا هذا الامتياز بأن يدفع الاتحاد الاوروبي ثمن سنداتنا. لذا من المحتمل ان يدفع مودعون كبار جزءاً من الفاتورة، والجزء الآخر يُدفع من رساميل المصارف، وجزءاً من اصول الدولة».

 

هل انتهى دور المصارف؟

بعدما اقتصر دور المصارف اللبنانية في الفترة الاخيرة على سحب الاموال، ولجوء المودعين الى سحب مدخراتهم منها تخوفاً من فقدان اموالهم، ومع تراجع ثقتهم بهذا القطاع، يبقى السؤال المطروح هل انتهى دور المصارف اللبنانية؟ وكم تحتاج من الوقت قبل ان تستعيد دورها؟ واي دور سيناط بها في الفترة المقبلة؟

 

في السياق، يؤكّد خوري انّ دور المصارف اللبنانية لم ينتهِ بعد، انما تقلّص حجمها. لافتاً الى انّ حجم القطاع المصرفي كان اكبر من حجمه الحقيقي، وأكبر من اقتصاد لبنان. لذا المطلوب اليوم التوجّه نحو بديل ينهض بالاقتصاد مثل الانتاج من صناعة وزراعة وتكنولوجيا. عندها تستعيد المصارف حجمها الحقيقي، الذي هو اقل من حجمها الحالي، على ان يتمّ البناء على اسس صلبة وليس على إقراض الدولة. مع العلم انّ المصارف اللبنانية اقرضت القطاع الخاص نحو 50 مليار دولار وهذا رقم لا يستهان به، لأنّه يوازي الناتج المحلي. ورجّح ان يتراجع حجم المصارف والودائع في المرحلة المقبلة ما بين 30 الى 40 في المئة. ويكمن التحدّي في هذه المرحلة في رسم نموذج اقتصادي جديد.

 

ورداً على سؤال عن حتمية عودة المصارف اللبنانية الى بلدها الأم، قال: «بالتأكيد ستعود المصارف اللبنانية الى بلدها الام وذلك لسببين، اولاً: الحاجة الى سيولة بالعملة الصعبة، وببيع الاصول ستدخل العملة الصعبة الى البلاد.

 

ثانياً: اذا بات وضع المصرف الام ضعيفاً، من الطبيعي ان يبيع أصوله في الخارج او ان يخفّضها ويعود الى الداخل».