كثر المنظرون وكذلك الذين قصدوا الشاشات ووسائل الإعلام كافة تحت تسمية دكاترة وخبراء… ولا يمر يوم واحد إلاّ نشاهد ونسمع هؤلاء المنظرون يحملون مسؤولية الأزمة اللبنانية ساعة الى مصرف لبنان وساعة الى المصارف عامة.
حيناً يقولون إنّ مصرف لبنان بدعمه الليرة مقابل الدولار خسر المليارات.
وآخرون يقولون إنّ الهندسات المالية التي نفذها الحاكم رياض سلامة أعطت المصارف ملايين الدولارات.
أولاً- لنبدأ بدعم الليرة: فكما هو معلوم فإنّ هذا الدعم له أهمية ملحوظة كون المواطن اللبناني عموماً: الموظفون العمال العسكر الخ… أليْست «معاشاتهم» بالعملة اللبنانية، وبالتالي فالحفاظ على سعر الصرف هو عمل وطني.
ثانياً- يتحدثون أنّ الهندسات المالية وفرت أرباحاً بالملايين للمصارف فلماذا لا ينظرون الى المليارات التي أوتي بها كودائع وأودعت في المصارف اللبنانية… التي بلغت ١٨٠ مليار دولار.
في الحقيقة ان المشكلة ليست في المصارف التي وفرت للدولة القروض التي مكنتها من سداد فوائد الدين العام والنفقات من ٣٠ سنة حتى اليوم، في وقت كان متعذراً توفير المال لدفع النفقات العامة.
١- هنا نتذكر انه في أحد الأيام أعلنت جمعية المصارف انها لم تعد تمضي في إقراض الدولة إلاّ إذا جرت عملية إصلاح بدءًا بقطاع الكهرباء التي كلفت الدولة نصف الدين العام (أي نحو ٤٢ مليار دولار من أصل ٨٤ ملياراً)، ولولا هذا الدين لكان بالإمكان التغلب على معضلة الدين العام، وكان بالإمكان تسديد الدين، ولا حاجة الى «سيدر» وإلى القروض الخارجية.
٢- أمّا سلسلة الرتب والرواتب… كم وكم وكم كان يحذر منها أرباب العمل والمصارف وكانوا يقولون بدلاً من إعطائها دفعة واحدة يمكن تقسيطها على خمس سنوات، والمصيبة أنّ أحداً لا يعرف قيمتها حتى اليوم، فهل من بلد في العالم يزيد الأجور وهو شبه مفلس.
لسنا ضد الزيادات في الرواتب ولكن لا بد من إدارة رشيدة تتولى ذلك وفق إمكانات البلد.
فقبل الزيادة كان يجب توفير الموارد لهذه الزيادة.
٣- جلسات وجلسات واجتماعات وأوقات طويلة من أجل البحث عن الموارد… والنتيجة ان حالنا مثل من يلحس المبرد.
فكيف نشتم الدول العربية وبالأخص المملكة العربية السعودية وسائر بلدان الخليج ونطلب أن يأتي سياحهم وأن تردنا استثماراتهم في الوقت ذاته؟ علماً أنّ السياحة كانت القطاع الذي يشكل ٥٠٪ من الدخل.
٤- ماذا عن التهريب في المرافئ… وبعض المكاتب فتحت في هونغ كونغ، ودبي بحيث تورّد الى لبنان البضاعة التي تريد ويتم تسلمها هنا، وتدخل تحت أسماء دينية واجتماعية معروفة، كما هو معروف من يسيطر على المرفأ والمطار والمعابر غير الشرعية.
٥- التوظيف العشوائي… كذلك في «تقليد» السياسيين في لبنان أنّ الوظائف تمر عبر الزعماء، وآلاف الموظفين في الإدارات الرسمية يتقاضون الرواتب من دون أن يقدموا أي إنتاج… وشركة الطيران (MEA) كان فيها 6000 موظف، وعندما حصروهم بالنصف بدأت الشركة تربح مئة مليون دولار سنوياً في حين كانت تخسر مئة مليون.
المشكلة الحسّاسة في لبنان أنه لا توجد دولة، فنحن نعيش في دولة ضمن دولة، دولة السلاح هي التي تتحكم بالشؤون اللبنانية وهي المسؤولة عن حماية الفساد والمفسدين.
عوني الكعكي