IMLebanon

المصارف ليست كيس ملاكمة  والاستقالة … مراهقة سياسية

المعالم التي لا تزال تدل على وجود دولة لبنان على الخريطة قليلة، أقلها أربعة: الجيش والقوى الأمنية. المصرف المركزي. حكومة الرئيس سلام. الرئيس نبيه بري. والمس بأي من هذه المكونات هو أقرب الى زعزعة دعائم بنيان قديم، وتعريضه أكثر فأكثر الى التداعي والسقوط. والنظام اللبناني الذي تخطاه الزمن، هو في حد ذاته وفي طبيعته، يحمل دينامية انتاج الأزمات لا الحلول حتى في أوقات السلم! ووضع لبنان اليوم أكثر صعوبة وتعقيداً وخطراً، لأنه محاط بزنار النار على حدوده كافة… وهو الأمر الذي يستدعي من الأطراف كافة – مؤسسات وسياسيين ومواطنين – محاولة تطويق الأزمات واطفاء الحرائق، وليس افتعال أزمات جديدة، وصب الزيت على النار!

الدول العظمى تعمل على تنفيذ استراتيجيتها العامة ومصالحها الدائمة، وليس من المنتظر أن تكون حريصة على لبنان أكثر من اللبنانيين أنفسهم. والجانب الصهيوني من السياسة الأميركية الخارجية صدَّر الينا في لبنان، في الآونة الأخيرة، قانوناً مصرفياً أميركياً، سرعان ما انفجر في شكل أزمة داخلية أحدثت انفجاراً على باب مصرف لبنان والمهجر في منطقة شارع الحمرا! ورجال السياسة في لبنان في غالبتيهم، من هواة المصارعة والملاكمة والمنازلات الزجلية! غير ان الكيان المصرفي في حد ذاته لا يصلح كيس ملاكمة للتمرين!

ليست حكومة الرئيس تمام سلام من نوع الحكومات التي سيتم التفاخر بها في التاريخ اللبناني، ولكنها من نوع كما تكونون يُولى عليكم… والجود من الموجود! ووجودها – على كل ما فيه من عيوب وثغرات – هو أفضل من عدم وجودها، لا سيما في ظل هذه الخريطة الهائلة من التعقيدات في الداخل اللبناني وفي المنطقة. واذا كان لا بد من دور بطولي، فهو في محاولة تبريد الرؤوس الحامية، وتدوير الزوايا، والصبر وطول البال، الى أن يأتي الفرج. والضرب في الحكومة في هذه الآونة وفي الظروف الراهنة هو نوع من العمل غير المسؤول. والاستقالة من الحكومة – أية استقالة – في ظل هذا الواقع، هي نوع من المراهقة السياسية، ليس هذا هو أوانها!