Site icon IMLebanon

ضمير أوباما يستيقظ؟!!  

 

 

يبدو ان مثل «روما من فوق غير روما من تحت» هو قول صحيح. إذ عندما يكون الرئيس في موقع الرئاسة يقول أشياء، في حين يتصرّف تصرفات تناقض أقواله عندما يترك الكرسي ويتراجع عن الكثير من مواقفه التي كان يعتمدها وهو في سدّة الرئاسة.

 

لن أستفيض في شرح هذه النظرية، ولكن ما صرّح به الرئيس السابق باراك أوباما يكفي أن يعطي الصورة التي نتحدّث عنها ويوضح ما نقوله…

 

فماذا قال أوباما؟:

 

دعا الرئيس الاميركي الأسبق باراك أوباما الشعب الأميركي الى استيعاب الحقيقة الكاملة المتعلقة بالحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية في غزّة. منوّهاً بأنّ الجميع متواطئ الى حدٍّ ما في إراقة الدماء في الحرب.

 

وفي تصريحاته الأخيرة يوم الجمعة الفائت، أقرّ أوباما بالمشاعر القوية التي أثارتها الحرب. وحثّ مؤيّديه ومؤيّدي الحزب الديموقراطي على قبول الحقيقة كاملة، وقال: إنّ ما فعلته «حماس» كان مروعاً، والاحتلال الاسرائيلي وما يقوم به في القطاع لا يطاق.

 

ولا بدّ لي بداية من العودة الى موقف أوباما من القضية الفلسطينية ككل ومن الفلسطينيين تحديداً… إذ عقب توليه رئاسة الولايات المتحدة عام 2009، أعلن الرئيس الأسبق أنّ بلاده لن تدير ظهرها لرغبة الفلسطينيين في أن تكون لهم دولة خاصة بهم… وهو ما أحيا الآمال بخصوص حلّ الصراع الفلسطيني – الاسرائيلي… غير أنّ أوباما وبعدما شارف عهد حكمه (ولايتان من 8 سنوات) على الانتهاء، ولم يتبقّ منه سوى بضعة أسابيع، يبدو أنّ ومضة الأمل هذه في طريقها الى أن تتلاشى، بل اعتبرها مراقبون محايدون «تلاشت» بالفعل.

 

ولَأعُد أيضاً بالذاكرة الى بداية عهد أوباما، فإنّ الاتصال الهاتفي الأول الذي أجراه في أول يوم له في البيت الأبيض، كان مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس… وفي اليوم التالي عيّـن ممثلاً خاصاً له في الشرق الأوسط من أجل عملية السلام، مبدياً تبنيه أسلوباً مختلفاً عن السياسات المنحازة لإسرائيل التي انتهجتها بلاده دائماً.

 

قلنا يومذاك: «حيّا الله أوباما… صاحب الضمير الحي». إلا أنه في فترة رئاسته الثانية انهالت عليه الانتقادات وكثرت الضغوط، وبالتالي «نام ضميره» وابتعد أكثر عن التوصّل لحل. إذ بعد فترة قصيرة من توليه الرئاسة، لم يلبث أوباما أن عاد الى السياسات المنحازة لإسرائيل. واكتفى بمشاهدة مخططات الاستيطان التي انتهكت القانون الدولي، والحصار المفروض على قطاع غزّة.

 

ولم يقتصر الأمر على المشاهدة، بل اعتبر أوباما الهجوم الذي بدأته إسرائيل على قطاع غزّة في 7 تموز (يوليو) 2014 واستمر 51 يوماً وأدّى الى مقتل أكثر من ألفي فلسطيني ضمن «حق إسرائيل في الدفاع عن النفس».

 

واستمرت الولايات المتحدة في عهده في الوقوف بوجه الانتقادات التي توجّه الى إسرائيل، في مجلس الأمن الدولي، إذ استخدمت الڤيتو ضد مشروع قرار يدين وينتقد المستوطنات على الأراضي الفلسطينية. كما صوّتت الولايات المتحدة عام 2012 في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد اقتراح بمنح الفلسطينيين صفة دولة مراقب غير عضو في المنظمة الدولية، ورغم موقف أوباما هذا حصلت فلسطين على هذه الصفة بالفعل.

 

كما أدّى الدعم الذي قدمته الولايات المتحدة -في عهد أوباماـ لإسرائيل في الأمم المتحدة، الى تحويل نظام المؤسّسة المسؤولة عن حفظ النظام الدولي، لصالح حماية إسرائيل، بدرجة كبيرة جداً.

 

وبموازاة الدعم السياسي الأميركي لتلّ أبيب، كان الدعم العسكري لإسرائيل على أشدّه… حيث قدّمت الولايات المتحدة في عهد أوباما، أكبر مساعدة عسكرية تمنحها لإسرائيل في تاريخها. فقبل أشهر من انتهاء ولايته، وقّع أوباما على اتفاقية تقضي بتقديم مساعدات عسكرية بقيمة 38 مليار دولار الى إسرائيل على مدى عشر سنوات. وبيّـن أوباما أنّ تلك المساعدات تأتي بسبب المخاوف بشأن مستقبل «الشعب الاسرائيلي ودولة إسرائيل»، معتبراً انه بذلك يقدّم التزاماً راسخاً بخصوص أمن إسرائيل، إشارة الى ان هذه المساعدات التي قدّمها أوباما تُعدّ أكثر بثمانية مليارات عن المساعدات العسكرية التي كانت الولايات المتحدة تقدّمها لإسرائيل خلال السنوات العشر الماضية.

 

نام ضمير أوباما… بل غابَ في سُباتٍ عميق… وها هو ذا اليوم وبعد المجازر الفظيعة التي ارتكبت -ولا تزال- في قطاع غزّة… في ظلّ التهديد باجتياح رفح، وإمكانية مقتل مئات الآلاف من المدنيين المتواجدين فيها، «يصحو» ضمير أوباما فجأة… لأقرأ تصريحات له تثير العجب والاستغراب… فلننظر بما قاله أوباما..