IMLebanon

“حماية ظَهر المقاومة” قَصْمُ ظهر الدولة

 

 

لو لم تكشف إسرائيل عن مطار «حزب الله»، لكان هذا المطار ما زال مخفياً، علماً أنه من الصعوبة بمكان إخفاء مطار يقع على مساحةٍ شاسعة ومكشوفة. يستدعي هذا الكشف تسجيل سلسلة ملاحظات:

 

الأولى: «حزب الله» ماضٍ في بناء ترسانته العسكرية، غير آبه بالمضاعفات وردَّات الفعل، وهو يريد بذلك أن يقارب توازن الردع مع إسرائيل، وتبديل قواعد الإشتباك.

 

الثانية: «حزب الله» غير آبه بطاولة حوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية، ويبدو أنّ لا شيء يوقفه عن بناء «استراتيجيته العسكرية» الخاصة به، بصرف النظر عن الدولة.

 

الثالثة: في العلوم العسكرية، يتدرَّج تأسيس جيش أو ميليشيا من سلاح المشاة إلى سلاح الطيران. من خلال «مطار بركة جبور»، يكون «حزب الله» قد بلغ المرحلة الأخيرة من قطاعاته العسكرية، من سلاح المدفعية إلى سلاح الصواريخ إلى سلاح الهندسة إلى سلاح الإشارة إلى الاستخبارات العسكرية إلى مكافحة التجسس، واخيراً، وربما ليس آخراً، سلاح الطيران.

 

ويبدو أنّ «حزب الله» في طور إنجاز هذا السلاح الذي ينتقل تدريجاً من طيران بطيَّار إلى طيران من دون طيَّار، وهذا ما يسهِّل عليه مهمته في بناء هذا السلاح، مستفيداً من التقدم الذي بلغته إيران في تكنولوجيا المسيَّرات.

 

الرابعة: أفاد «حزب الله» من الموقع الجغرافي لمنطقة «بركة جبور» التي تقع عقارياً في نطاق بلدة كفرحونة، ويملك عقاراتها حيث يقع المطار أهالي البلدة وهُم في غالبيتهم من المسيحيين، لكنهم كانوا محرومين من زيارة عقاراتهم منذ سيطرة منظمة التحرير عليها، لأهمية موقعها الجغرافي والمعروف بمثلث كفرحونة القطرانة عرمتى. ولا تقتصر المنشآت في تلك المنطقة على مهبط للمسيرات، بل فيها مراكز تدريب في كل المجالات، وبنى تحتية مخصصة لهذه الغاية.

 

في تاريخ الحرب اللبنانية، لم يغب سلاح الطيران عن الأحزاب اللبنانية، لعل أبرزها «القوات اللبنانية» التي درّبت ضباطاً طيارين على المروحيات، خارج لبنان، وكان لديها سربان من الضباط الطيَّارين، الذين قاموا بطلعات في البلد الذي تدربوا فيه وفي لبنان أيضاً، بالإضافة إلى فنيين، وكان مطار حالات أحد منشآتها، والذي كان حائزاً على ترخيص من وزارة الأشغال آنذاك. بالإضافة إلى منشأة أخرى في منطقة نهر ابراهيم.

 

وهناك مطار بعدران في الشوف الذي أنشأه الفرنسيون خلال فترة الإنتداب، وساهم بترميمه وتوسيعه رئيس «الحزب التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط، لكنه لم يُستعمَل على الإطلاق.

 

يأتي «مطار بركة جبور» وسلاح الطيران في «حزب الله»، بعد أربعة وثلاثين عاماً على تأسيس سلاح الطيران في «القوات اللبنانية»، وجاءت «حرب الإلغاء»، بعد أربعة أشهر على تأسيس هذا السلاح لدى «القوات»، ثم حل الميليشيات، لتوقف هذا المشروع كلياً.

 

سلاح الطيران اليوم أسهل بكثير مما كان عليه قبل المسيَّرات، فالمحرِّكون خبراء كومبيوتر وهندسة، وعملهم على الأرض وليسوا طيارين، لكن السؤال هنا: ما هي كلفة استخدام هذا السلاح على لبنان؟ صحيح أنّ «مطار بركة جبور» يقع في مربَّع أمني تابع لـ»حزب الله» لا يمكن الإقتراب منه، ولكن ماذا لو استُهدِف؟ ومَن يضمن سلامة أهالي المنطقة، وهي منطقة مأهولة، بين كفرحونة والقطرانة وعرمتى؟ أو حتى مدينة جزين التي لا تبعد سوى كيلومترات معدودة عن المطار.

 

يطالب «حزب الله» بـ»حماية ظهر المقاومة»، لكن هل يكون ذلك من خلال «قصم ظهر الدولة»؟ واستطراداً، هل المطار يحمي ظهر المقاومة؟