Site icon IMLebanon

ليف لا تحمل “خارطة طريق” للحلّ بل نصيحة وتحذيرا؟

 

 

 

لا ضمانة للمعارضة بعرقلة “البازار” السعودي – الإيراني

واشنطن تخشى من خروج الأمور عن السيطرة جنوباّ

 

لن تكون زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بربرا ليف الى لبنان يوم غد الجمعة، حاسمة على صعيد الاستحقاق الرئاسي، فهي لن تحمل معها اي “خارطة طريق” حيال الازمة المستعصية على الحل حتى الآن. الزيارة جزء من جولة استطلاعية الى المنطقة تشمل مصر والاردن وتونس، ومحطتها اللبنانية لن تكون “دسمة”، ولن تخرج بنتائج ملموسة، وانما ستحمل معها الكثير من “الهواجس” والتمنيات، وكذلك التحذيرات والنصائح، ويبقى همها الاول عدم خروج الامور عن السيطرة على الحدود الجنوبية.

 

مصادر ديبلوماسية، ترجح ان تكرر المسؤولة الاميركية موقف بلادها الداعي الى الاسراع في انتخاب رئيس يتمتع بمواصفات اصلاحية واضحة، وقادر على الحوار مع الجميع لإطلاق ورشة الاصلاحات الاقتصادية من “بوابة” توقيع اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ولن يختلف موقفها ابداً عن مواقف السفيرة الاميركية في بيروت دورثي شيا التي تشدد على عدم وجود مرشح مفضل لدى ادارتها كما عدم وجود “فيتو” على اي من الاسماء المرشحة “طبيعيا” للرئاسة.

 

واذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يسعى الى الحصول على تأكيدات من المسؤولة الاميركية باستعداد ادارتها للتعاون مع رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية بحال انتخابه رئيسا، فان قوى المعارضة على تشتتها تريد الحصول على ضمانات اميركية بعدم “بيعها” في بازار التسوية السعودية- الايرانية، عبر الحصول على دعم واشنطن لمنع حصول اي تسوية على حسابها. ووفقا لتلك الاوساط، لا تملك ليف القدرة على منح وعد مماثل لان الادارة الاميركية التي تراقب بحذر مفاعيل التقارب السعودي- الايراني لا ترغب في عرقلته من “البوابة” اللبنانية، طبعا اذا حصلت التسوية، ولا تبدو واشنطن في موقع المعارض الشرس لاي تفاهم لا يضر بمصالحها في المنطقة، وموقع الرئاسة اللبنانية لا يعد اولوية لديها ولا يستحق “القتال” لأجله. ولهذا لا بد من عدم المبالغة في الرهان على الدور الاميركي في عرقلة اي تفاهم بين الرياض وطهران حول الملف اللبناني.

 

واذا كانت المسؤولة الاميركية ستربط مجددا بين الاصلاحات الحقيقية، وملف استجرار الغاز والكهرباء من الاردن ومصر، فإنها ستحمل معها الى بيروت تحذيرا ونصيحة. النصيحة لمختلف القوى السياسية كي تحسن التعامل مع المستجدات والمناخات الايجابية في الاقليم، وعدم تفويت الفرصة لمحاولة انقاذ ما يمكن انقاذه. اما التحذير، فمن دخول البلاد في فوضى عارمة تؤدي الى خلل امني يخرج عن السيطرة، حيث قد لا تكون المساعدات الاميركية للقوى الامنية كافية كي تساعدها على الصمود. وهي فوضى قد تمتد الى الحدود الجنوبية التي لا ترغب الولايات المتحدة باشتعالها، وهنا “بيت القصيد”، خصوصا مع ازدياد حدة التوتر القابل للانفجار اذا وقع احد الطرفين في “حسابات خاطئة”، حسب تقدير الاميركيين، انفجار لا تريده ادارة بايدن التي تعمل جاهدة على خط “تل ابيب” لتبريد الازمات على كافة الجبهات، لكن دون نتائج حاسمة حتى الآن، وهو امر مقلق للغاية في واشنطن التي تخشى من انهيار كامل للاستقرار في المنطقة في وقت تنشغل به في ادارة الحرب في اوكرانيا.

 

وفي هذا الإطار، تبدو الادارة الاميركية هذه المرة أكثر قلقا من “السياسات الاسرائيلية المتهورة”، وهي تصل بعد ساعات من الانفجار الذي وقع يوم الثلاثاء على الحدود وأصيب فيه جنديين “اسرائيليين”، واثار الكثير من الارباك الامني واستنفر كل السفارات الغربية في بيروت، قبل ان يتبين انه جاء نتيجة انفجار لغم قديم زرعه “الجيش الإسرائيلي” في المنطقة. كما ان ليف تزور بيروت بعد ايام من عملية مجدو الامنية، التي لا تزال بعض تفاصيلها “لغزا” يحير القيادات العسكرية والامنية “الاسرائيلية” التي لم تفك بعد “طلاسم” كيفية تمكنه من استخدام سلم طويل لتجاوز الجدار، وكيفية تخطي الكاميرات وأجهزة الاستشعار المنصوبة فوقه! كما تقول الرواية “الاسرائيلية”، ولا يعرف حتى الآن مدى صحتها. ويبقى السؤال الاساسي، هل حقيقة سلك تلك الطريق ليدخل الى الاراضي الفلسطينية المحتلة؟

 

اما ما تقصده الادارة الاميركية من احتمال خروج الامور عن السيطرة إثر حسابات خاطئة، فهو يتعلق بتسريبات “اسرائيلية” عن استعدادات للقيام بعمليات اغتيال لقادة من حزب الله، وهي خطوة لا تمنحه اي ضمانة بعدم التورّط في حرب شاملة على الجبهة الشمالية، وتظن “اسرائيل” ان استعمال هذه الأدوات ليس فقط للرد، وإنما لاستعادة الردع. وهنا لا تقلل التقارير الامنية الاميركية من هذه التهديدات وتنظر الى ما يحدث على انه إشارة الى تصعيد محتمل. فقرار “اسرائيل” بالرد النوعيّ على الرد السريع، لا يعني استبعاد حصول مواجهة شاملة، خصوصا ان لا احد يضمن ماهية رد فعل حزب الله.

 

ولكي لا يتعرض البعض “للغش”، تشير مصادر سياسية بارزة الى ان واشنطن لا ترغب طبعا في تعزيز اي نفوذ لحزب الله في الداخل اللبناني، ولا تريد حمايته من ضربة “اسرائيلية”، لكنها تتعامل بواقعية مع التطورات والاحداث، وهي تدرك الآن انه لا يمكن تجاوزه في اي حل داخلي مفترض، وهي تشجع على ايجاد حل متوازن يدخل الجميع في شراكة جديدة في الحكم. وتتمنى ان يضعف دور الحزب، لكنها لا ترى ان الامر ممكن راهنا على الرغم من محاولات “خصومه” للإيحاء بوجود فرصة لإضعافه بعد التعادل “السلبي” في التعطيل في المجلس النيابي. لكن موازين القوى لا تقاس بعدد النواب، كما تقول تلك الاوساط، وانما في مكان آخر يرتبط بتقاطعات اقليمية ودولية. كما هي تعرف جيدا ان اي حرب لن تؤدي الى اضعافه او انهائه. ويبقى الترقب سيد الموقف لمعرفة مقدار الرغبة الاميركية في التراجع “خطوة الى الوراء” بتخفيف الضغط تدريجيا عن لبنان، بعدما هدد الحزب بنقل المعركة الى “الحديقة” الخلفية لواشنطن.