IMLebanon

حواجز تحاصر الحوار الثنائي

ليست المرة الأولى التي تلتئم فيها طاولة الحوار الثنائي بين «حزب الله» و «تيار المستقبل» على وقع سجال علنيّ يضرب الهدنة الهشّة بين الفريقين. جولات عديدة من الاشتباك العابر للاصطفاف كما للحدود، سبق لها أن حاصرت المائدة التي يستضيفها الرئيس نبيه بري ويتولّى حمايتها، لكنها لم تمنعها يوماً من أن تجدَ لنفسها فسحة هادئة تبقي خطوط التواصل قائمة بين طرفَي اللعبة الداخلية.

بالأساس، لو لم تكن علاقة الخصمَيْن مشوبة بالخلافات المتجذّرة العميقة، لما استدعى قيام تلك الجلسات، التي يُفترض أن تبلغ مساء غد الثلاثاء الرقم عشرين، ولما كان هناك حاجة ماسة لقناة اتصال متخصصة بينهما، ولو أنها حتى الآن لم تنجح الا في مهمة الحوار من أجل الحوار.

ومع ذلك، تبدو هذه الجولة مختلفة كلياً. صحيح أنّ ما صدر حتى اليوم من مواقف تؤكد أهمية الحوار يترك لهذا التواصل مطرحاً على رقعة المناوشات، ويشجع على الظنّ بأنّ الموعد الافتراضي لا يزال صامداً بوجه عواصف الاشتباك الكلامي بين الفريقين. ولكن هذا لا يعني أبداً أن الطريق معبّدة أو سهلة، وإنما أمامها الكثير من العراقيل.

وفق «المستقبليين» فإنّ ثلاثة حواجز تجعل هذا المسار صعباً وتستدعي معالجات استثنائية لتكون الطاولة منتجة وفعالة:

ـ أولاً، خطة البقاع التي يشتكي وزير الداخلية نهاد المشنوق من عدم تنفيذها بشكل فعّال، لا سيما وأنّ أرقام التجاوزات المسجلة لدى الأجهزة الأمنية تثبت بالوجه القانوني الحاجة الى تدخّل فاعل للقوى المعنية لوقف حالة النزيف الأمني في البقاع، اذ سجل خلال 14 شهراً أكثر من 155 حالة سلب وأكثر من 45 حالة خطف، وفي محيط بلدة عرسال وحده سجل أكثر من 40 حالة خطف.

وبالتالي فإنّ الكيل الأمني بمكيالين يُحرج موقف «الزرق» أمام جمهورهم. الا أن ما يساعد في هذه المسألة هو تأكيد الرئيس بري أمام وزير الداخلية نيته الإشراف شخصياً على الخطة الأمنية لتخطي هذه العقبة ودفع الأمور بالاتجاه الصحيح.

ـ ثانياً العلاقة مع السعودية ودول الخليج. فالرسائل الانتقادية التي وجّهها «حزب الله» في ذكرى عاشوراء، سواء تلك التي وردت على لسان الأمين العام السيد حسن نصر الله، والتي شكّلت استكمالاً لسياسة التصعيد ضدّ السعودية، أو تلك التي هتف بها جمهور الحزب، وبشكل غير مسبوق، في إشارة إلى شعار «الموت لآل سعود»، أربكت طبعاً القيادة الزرقاء التي لن يكون بمقدورها أن تهضم هذه الإشارات أو أن تبلعها، مع العلم أن الرئيس سعد الحريري، وللمرة الأولى نأى بنفسه عن الرد عن كلام نصر الله.. أقلّه حتى اليوم.

غير أن هذا التطور السلبي قد يعزز رأي الداعين الى التريث في الجلوس على الطاولة العشرينية، ويزيد من العراقيل أمام التئامها، لا سيما أن هناك من «المستقبليين» من صار مؤيداً لفكرة الجلوس الى طاولة الحوار الموسّعة، كي يتجنب عبء الحوار الثنائي الذي يأخذ منهم، كما يقول هؤلاء، أكثر مما يُعطيهم.

وقد ساهم في إنضاج هذا الطرح، ما حصل خلال الأيام الماضية، خصوصاً أنّ الردّ العنيف الذي تولاه السيد نصر لله على تلويح نهاد المشنوق بإمكانية مغادرة الحكومة وطاولة الحوار إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، منح رافضي هذه الطاولة، تحت عنوان عدم إنتاجيتها، حجة قوية كي يرفعوا من منسوب اعتراضهم، مع العلم أن أصحاب الرأي الآخر من «المستقبليين» يسألون: كيف يمكن بالنتيجة التعبير عن الرأي إذا كانت الشكوى ستنتهي بعبارة «الله معكم»؟