ما الذي يعوق وضع بشار الأسد وحاشيته الضيقة في طائرة تنقلهما الى بلد يمنحهم اللجوء، بما يفتح الباب على عملية انتقال سياسي شاملة تُبقي الهياكل الضرورية للدولة كنقطة التقاء مع المعارضة لمواجهة “داعش” والتنظيمات المتطرفة؟
شيء واحد معقد يعوق هذا هو الخشية الأميركية والروسية المشتركة ان تندفع الجماعات المتطرفة لسد الفراغ، الذي سينتج من انهيار الأسد وتهاوي نظامه كاملاً، ولهذا يتركز الاهتمام على وضع ترتيبات صلبة للإمساك بالوضع في اليوم التالي لنهاية الأسد.
كل ما يقال عن غموض الموقف الروسي من القبول أخيراً بتسفير الأسد الى لجوء يحميه من الوقوف أمام محكمة الجنايات الدولية لا معنى له على الإطلاق، اذ يكفي ان نعرف ان موسكو أجلت معظم ديبلوماسييها ورعاياها من اللاذقية وان بين الذين رحلوا خبراء يعملون في غرفة عمليات دمشق التي تضم خبراء روساً وإيرانيين. ويكفي ان نقرأ التقارير الديبلوماسية عن سعي أعضاء الدائرة المحسوبة على الأسد الى الحصول على تأشيرات للسفر الى الخارج، لكي نفهم ان الأسد بات خارج الحساب الروسي.
دعونا من هذه المؤشرات ولنسأل هل كان المراوغ ستيفان دو ميستورا ليدعو الأسد الى الرحيل مطالباً واشنطن بالضغط عسكرياً في هذا الإتجاه، لو لم يكن يعرف ان هناك مساعي اميركية روسية تعمل ضمناً في هذا الإتجاه؟
ودعونا نسأل لماذا حرصت ايران بعد سقوط اللواء ٥٢ بما يفتح طريق المعارضة الجنوبي الى دمشق، على الإعلان ان ليس لها قوات تدعم الأسد على الأرض، في حين تتحدث التقارير من طرطوس عن ان قوافل الإيرانيين والأفغان الذين جندتهم طهران، يصلون لدعم الأسد الذي يتهاوى عسكرياً منذ أسابيع، أوليس هذا النفي من قبيل استباق احتمال انهيار النظام، بحيث تحاول طهران ان تدرأ نفسها سلفاً عن الهزيمة مباشرة!
لم يعد خافياً على أحد ان الأسد في نظر الأميركيين والروس بات يواجه نهايته المحتومة منذ بدأت سلسلة انهيارات قواته في الجنوب والشمال، وفي ظل هذا اتّسع هامش الحوار بين البلدين بحثاً عن مخرج يبعده ويقطع الطريق على زمن الدواعش، وليس مستغرباً ان يكون هذا فتح الأبواب على بازارات أخرى على هامش الملف السوري.
في هذا السياق ماذا يمنع بوتين من أن يدخل في مقايضة مع أميركا والأوروبيين فيبيع في سوريا مقابل الشراء في أوكرانيا، وخصوصاً اذا ضمن ان مصالح روسيا ستُحفظ مع النظام الجديد وان المعركة ستستمر ضد التكفيريين في سوريا، بما يحول دون عودة الدواعش من شيشانيين وروس وطاجيك وغيرهم لتنفيذ عمليات ارهابية في روسيا، وما الضرر من انخراطه في مقايضة ثانية مع الخليجيين الذين يشترون رأس الأسد بأي ثمن؟