IMLebanon

بصبوص يحيي «سُنّة» الحاج وريفي: مديرية قوى الأمن تخالف القانون!

لا يمر أي تعيين لمدير عام لقوى الأمن، أصيلاً كان أو بالإنابة، من دون جلبة. في المديرية، يُغلّب العرف على القانون، وتُطيح السياسة بالضباط ذوي الرُتب الأرفع. قد لا يحمل اللواء ابراهيم بصبوص وزر ما يُجبره عليه أهل السياسة الذين يُمعنون في تهشيم المديرية

عُيِّن العميد فادي الهاشم، قائد وحدة القوى السيّارة بالوكالة، مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي بالوكالة أيضاً، لينوب عن اللواء إبراهيم بصبوص الذي يُسافر في زيارة إلى فرنسا. الهاشم ليس الضابط الأعلى رتبة بين عمداء المديرية، بل يعلوه رتبة سبعة ضباط (إميل كيوان، جمال الحواط، الياس الخوري، منذر الأيوبي، جورج وهبة، محمود العنان، نبيل عقيقي)، ما يُتيح لأي منهم القول: «لا أتلقى أوامر ممن هو أدنى مني رتبة»، ويطرح، بالتالي، مسألة تكرار بدعة كُرّست بأن يرأس المديرية ضابط في وجود ضباط أعلى منه رتبة، رغم اعتراضهم على تطبيقها.

هذه القضية تطرح إشكاليتين: الأولى تتعلق بكون التكليف يمسّ بـ«مبدأ الإمرة» الذي تقوم عليه المؤسسات العسكرية (الهرمية والأقدمية). والثانية قضية الضباط ذوي الرتب العالية الملحقين بديوان المدير العام، أو ما يعرف اصطلاحاً بـ«الموضوعين في التصرّف»، أي بحكم الواقع، «ضباط بلا وظيفة»، بحسب مرجع قانوني متخصص بالهرمية العسكرية، مع ما يستتبعه ذلك من إلغاء وتهميش لهؤلاء. وبحسب القانون الـ 17 والمرسوم 1157 والمرسوم 1460، التي تُنظم عمل مديرية قوى الأمن الداخلي، يُعيَّن المدير العام بالوكالة بموجب مرسوم يُتّخذ في مجلس الوزراء. وبحسب المرجع، «القاعدة القانونية واضحة: الوكيل لا يُمكن أن يُعيّن إلا من قبل السلطة التي تُعيّن الأصيل». علماً بأن العميد الياس سعادة الذي كان ينوب عن المدير العام، بموجب مرسوم متخذ في مجلس الوزراء، أحيل على التقاعد أخيراً، ما سبّب الخلل الذي «عولج» بتكليف الهاشم.

ورغم القاعدة القانونية الواضحة لتعيين مدير عام بالإنابة، استند بصبوص، وقبله المدير العام السابق أشرف ريفي، إلى «سُنّة» سنّها المدير العام الأسبق اللواء علي الحاج، وفق ما عُرف في حينه بـ»مذكرة اللواء الحاج» التي استبعدت يومها، خلافاً للأصول، العميد مروان زين الذي كان موضوعاً بالتصرف.

شاغل المنصب

بالوكالة 90 يوماً يحصل على 75 في المئة من مخصصات اللواء

مذكرة الحاج حصرت شغل منصب المدير العام بالوكالة بالضابط الأعلى رتبة ممن يشغل منصب قائد وحدة حصراً، مستثنياً بقية الضباط حتى ولو كانوا أعلى رتبة. وفي فترة لاحقة، سار ريفي على النهج نفسه لدى تكليفه قائد الشرطة القضائية العميد أنور يحيى بالمنصب مرة أولى، ومن ثم صديقه قائد القوى السيارة العميد روبير جبور مرة ثانية، علماً بأن من يشغل منصب المدير العام بالوكالة لنحو تسعين يوماً يحصل على 75 في المئة من المخصصات التي تُمنح لرتبة لواء!

الأمين العام المساعد الأسبق لمجلس وزراء الداخلية العرب فضل ضاهر، وصف التكليف بأنه «شواذ قانوني، ولو أنه يدخل في مسار تسيير أعمال المديرية، وهو خرق لمبدأ التراتبية»، لافتاً إلى أن «كل ما لم يأت ذكره في القانون 17 ومراسيم تنظيم مؤسسة قوى الأمن، تنبغي العودة فيه إلى قانون الدفاع الذي يحفظ التراتبية ويحرص عليها».

مصادر مطلعة كشفت أن بصبوص استند في قراره تكليف الهاشم إلى نشرة تصدر عن شعبة «التخطيط والتنظيم» في المديرية، تحمل اسم «التعليمات رقم 378». وهي تعليمات دائمة، لا يمكن تلفها، إنما تُعدل أو تُلغى. وتبعاً للبند الثالث، الفقرة 34، من هذه النشرة، فإنه في حال غياب المدير العام الأصيل مؤقتاً، يكلف الضابط الأقدم في الرتبة الذي يشغل مركزاً من ملاك قوى لأمن الداخلي بشغل المنصب وكالة. وتبعاً لهذه «التعليمات»، في حال شغور منصب المدير العام بالتقاعد أو الوفاة، يُسير الأمور قائد الوحدة الأعلى رتبة، شرط أن يكون معيناً بمرسوم. وبحسب ضاهر، فإن هذه «التعليمات» هي «مذكرة اللواء الحاج نفسها».

وبالعودة إلى الإشكالية التي تتعلق بالضباط الموضوعين في التصرف، يؤكد مرجع قانوني أن التعاطي مع هؤلاء الذين لا يزالون داخل المؤسسة يتسم بتجاوز المعايير المهنية. وبحسب المرجع نفسه، «خلال فترة من الفترات، وصل عدد الضباط الموضوعين بالتصرف إلى 21 ضابطاً عاطلاً من العمل، مع كل منهم سيارة وعنصران». وسأل ضاهر عن «سبب عدم تكليف الضباط الموضوعين بالتصرف بمهمات محددة، كاللجان مثلاً، إذ لا يجوز أن يكون هناك ضابط من دون أن تُسند إليه مهمة».