النظام السوري وحزب الله يعطِّلان عودة اللاجئين السوريِّين والحملات على الأوروبيين لإخفاء المسؤولية المباشرة
استغل النظام السوري وحزب الله وحلفاؤهما قرار البرلمان الاوروبي الذي يؤيد بقاء اللاجئين السوريين في لبنان، ودعوته لعدم اعادتهم قسراً الى سوريا، حتى تأمين العودة الآمنة والطوعية لهم، ذريعة مزدوجة للتملص من مسؤوليتهم المباشرة في منع وتعطيل كل المحاولات والمساعي لإعادة هؤلاء اللاجئين الى ديارهم، وتوجيه شتى الحملات والاتهام بتوطينهم بلبنان وباستهداف وحدته واستقراره، للرد على تجرؤ البرلمان المذكور لاول مرة، بتسمية الشخصيات والاحزاب السياسية واتهامها بالمسؤولية المباشرة عن الازمة المتدحرجة والاوضاع الماساوية التي وصل اليها لبنان حاليا، ورفع توصية لفرض عقوبات على كل من يعرقل انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومن يعرقل التحقيق بتفجير مرفأ بيروت، إلى المتورطين بملفات الفساد.
ليست المرة الأولى التي يوجه فيها النظام والحزب سهامهما المسمومة ضد دول الاتحاد والمفوضية الاوروبية، ولكن هذه المرة حاولا التلطي وراء هذا القرار، لغسل ايديهما الملطختين بمأساة اللاجئين، وتوجيه كل اللوم والمسؤولية على الدول والمؤسسات الاوروبيه التي تتولى مساعدة هؤلاء النازحين، واتهامها بانها هي التي تقف حائلا دون هذه العودة، خلافا للواقع والحقيقة. بينما يعلم الجميع، بأن النظام والحزب الايراني، هما اللذان تسببا بتهجير هؤلاء النازحين، وقتل واعتقال أبنائهم وتعذيبهم، وتهديم منازلهم وقراهم، وتجريف المناطق وتغيير معالمها الديموغرافية، في ابشع جريمه، تقارب ما ارتكبه العدو الاسرائيلي ضد الفلسطينيين، او حتى تتجاوزها باساليبها الدموية والاجرامية المبتكرة، ضد ابناء الشعب السوري المطالبين بالحرية والمشاركة بالسلطة ومقدرات الدولة، وما يزالان يفعلان ما بوسعهما لمنع هذه العودة، برغم كل الادعاءات والحرص المزيف والكاذب على هؤلاء النازحين.
ومنذ صدور قرار البرلمان الاوروبي بهذا الخصوص، وحملات الاستنكار والصراخ السياسي، على اشدها من حلفاء النظام والحزب، تنتقد قرار البرلمان الاوروبي، وتتهم الذين يقفون وراءه، بمخطط مشبوه، يهدف لتغيير الواقع الديموغرافي، وتوطين النازحين السوريين، على حساب اللبنانيين ومستقبل لبنان كله، في حين يعلم القاصي والداني بأن الطرفين المذكورين، يضربان عرض الحائط بكل القرارات الدولية، التي تخص الازمة في سوريا، وتحديدا بما يخص مشكلة اللاجئين السوريين، ولا يهابونها، فكيف بالنسبة للقرار الصادر عن البرلمان الاوروبي، وهو قرار غير ملزم، وليس له أي مفاعيل تنفيذية على الارض؟
ماذا فعل النظام السوري وحزب الله منذ البداية، وحتى اليوم، لإبطال القرارات والخطط الاوروبيه لابقاء اللاجئين السوريين في لبنان كما يرددون بإستمرار، وما هي الإجراءات العملية التي قاموا بها، لاعادتهم الى ديارهم فعليا، وهما اللذان قاما بتهجيرهم قسرا تحت وابل من الحديد والنار، بدل تحميل الاوروبيين وغيرهم مسؤولية بقائهم في لبنان؟
لعل قيام النظام السوري وحزب الله، بتعطيل وعرقلة كل المحاولات والمساعي التي بذلتها الدولة اللبنانية على مدى السنوات الماضية، لاعادة هؤلاء النازحين، والتي كانت أشبه باستعراضات اعلامية، أبلغ دليل قاطع على رفض هذين الطرفين المؤثرين معا، لهذه العودة، وكل ما يشاع ويروج خلاف ذلك، يبقى في اطار التضليل وحجب مسؤولية النظام والحزب الايراني عن كارثة تهجير السوريين من بلدهم ومنع عودتهم إلى ديارهم.
الكل يعرف ان عملية إعادة النازحين السوريين في لبنان الى بلادهم، هي بيد النظام السوري وحزب الله وحدهما، وليست بيد اي دولة اوروبية، او دولية، كما يحاول الطرفان إلصاق هذه التهمة بها باستمرار. ولو اراد الطرفان تسهيل هذه العودة فعليا، لكان بالامكان وضع جدول زمني منذ سنوات، لتأمين هذه العودة، بالتنسيق مع الدولة اللبنانية ودول النزوح المجاورة لسوريا، وتمت اعادة اعداد كبيرة منهم حتى اليوم، في حين ان ما قاله رئيس النظام السوري بشار الاسد لدى استقباله وزير الخارجية الاردني ايمن الصفدي مؤخرا في دمشق مباشرة، يبقى أوضح دليل على رفض النظام لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم، عندما ربط هذه العودة بجملة شروط ومتطلبات تعجيزية، يستحيل تنفيذها في السنوات المقبلة، عندما قال: بأن عودة النازحين السوريين اولوية، ولكن لا بد ان تقترن بتأمين البنية الاساسية لهذه العودة ومتطلبات إعادة الأعمار بكل اشكالها ودعمها بمشاريع التعافي، ما يعني ضمنا ان ظروف اعادتهم الى سوريا غير متوافرة في الوقت الحاضر.
لو جرى التنسيق بين الدولتين ووضع جدول زمني لكانت أعداد كبيرة عادت إلى منازلها في سوريا
ويبدو ان مواقف الاسد هذه، احدثت ردات سلبية وتفاعلات لدى الدول التي تستضيف النازحين السوريين، وكانت مدار مشاورات ديبلوماسية بين العديد من وزراء الخارجية العرب، وكشفت بوضوح ان كل الوعود التي نقلها وزير المهجرين عصام شرف الدين والجدول الزمني الذي اعلن عنه بعد زيارته لسوريا، لاعادة النازحين السوريين من لبنان، لم تكن سوى فقاعات سياسية وبمثابة دعاية فارغة للنظام، وظهرت اولى نتائجها بتنحي وزير الخارجية عبدالله بو حبيب عن رئاسة اللجنة الوزارية لبحث موضوع النازحين السوريين، متذرعا بانشغالاته الديبلوماسية ظاهريا، بينما السبب الحقيقي يكمن في الجدار المسدود والرفض المطلق للنظام لبحث جدي وايجابي في عملية اعادة النازحين السوريين إلى بلادهم.
جاء صدور قرار البرلمان الاوروبي بإبقاء النازحين السوريين في لبنان، وهو القرار الذي يستنكره ويرفضه اللبنانيون برمتهم، لانه يتعارض مع سيادتهم ويهدد وجود الدولة ومكوناتها، بمثابة خشبة خلاص للنظام السوري وحزب الله، للتغطية على مسؤوليتهما المباشرة وحرف الأنظار عن ممارساتهما السلبية، في منع وتعطيل كل محاولات وخطط اعادة النازحين السوريين إلى بلادهم منذ البداية، لاسباب طائفية وسياسية، وبدل القيام بخطوات ميدانية على الأرض لإبطال مفاعيل القرار الاوروبي، وإظهار حسن النية والرغبة الحقيقية لإعادة هؤلاء النازحين الى ديارهم، تصاعدت حملات الانتقاد واللوم السياسي لجوقة النظام والحزب على البيان المذكور، للتعمية على الحقائق، وإن كانت لا تعدو كونها كدموع التماسيح التي تذرف على ضحاياها.