IMLebanon

بشّار الجزّار.. جرائم لا تُعدّ  

 

كم مجزرة على غوطة دمشق تحمّلها، كم ليل سيمتدّ الحصار، كم مرّة ستقصف الغوطة بالسلاح الكيماوي وسيقف العالم يتفرّج ويدّعي أنّه يجري تحقيقات حول استخدام هذا السلاح المحرّم، هذا الإحساس بالعجز في كلّ مرّة نرى فيها صور الأطفال خارجة من تحت الردم وجثث القتلى مرميّة في الشوارع هو أحساس قاتل للمشاعر الإنسانيّة، ليس قدراً أن نعتاد صور موت الأطفال وتشظّي أجسادهم الصغيرة، عقولنا لم تعد تتحمل هذا القتل الجماعي الهستيري، هذه الإبادة البشريّة الملعونة للشعب السوري!

 

وصف ابن الوردي غوطة دمشق في كتابه عجائب البلدان «الغوطة هي الكورة التي قصبتها دمشق وهى كثيرة المياه نضرة الأشجار متجاوبة الأطيار مونقة الأزهار ملتفة الأغصان خضرة الجنان… استدارتها ثمانية عشر ميلاً كلها بساتين وقصور تحيط بها جبال عالية من جميع جهاتها ومياها خارجة من تلك الجبال وتمتد في الغوطة عدة أنهار وهى أنزه بقاع الأرض وأحسنها».

اشتق اسم الغوطة من الغائط وهو المطمئن من الأرض وقال ابن الأعرابي: الغوطة مجمع النبات وورد اسم الغوطة بلفظ التثنية في الشعر القديم والحديث قال أبو المطاع بن حمدان «‏سقى الله أرض الغوطتين وأهلها‏/ فلي بجنوب الغوطتين شجون»‏ وقال أبو نواس»يأممن أرض الغوطتين كأنما/ لها عند أهل الغوطتين نذور»‏..

لم تعد عقولنا تتحمل تكرار الكلام نفسه في كلّ مرّة يستخدم فيها سفّاح الشام السلاح الكيماوي ضدّ الشعب السوري، كم تحقيق دولي فُتحِ ولم يفضِ إلى نتيجة، مجدداً يقول لنا خبراء جرائم الحرب في الأمم المتحدة إنهم يحققون في التقارير المتعددة التي تفيد بإلقاء قنابل يُدَّعى أنها تحتوي غاز الكلور المحرم في سوريا على المدنيين في بلدتي سراقب في إدلب، ودوما في الغوطة الشرقية.

كم مرّة بعد سنتحمّل أن تقول المندوبة الأميركية ـ مهما كان تغيّر اسمها ـ أمام المجلس إن هناك «أدلة واضحة من عشرات الضحايا» تؤكد وقوع هجمات بغاز الكلور في المنطقة التي يسيطر عليها مسلحو المعارضة في الغوطة الشرقية، وأنّ حكومتها تمتلك تقارير بأن حكومة الأسد استخدمت غاز الكلور ضد شعبها غير مرة في الأسابيع الأخيرة»، وكم مرّة بعد سنتحمّل أن تدافع روسيا عن بشّار الأسد وترد على أميركا متهمة إياها  بشن «حملة دعائية» تهدف إلى لوم الرئيس بشار الأسد كذبا بالهجمات الكيمياوية»، أما نظام الإرهاب فعلى جري عادته قال للعالم «هذه الاتهامات لا تستند إلى أدلة تثبت صحتها في الوقت الراهن، ولا تعدو كونها أكاذيب مبنية على روايات من سمتهم الإدارة الأميركية شركاءها على الأرض»..

هل يكفي بيان رئيس اللجنة الدولية الخاصة بالتحقيق في سوريا باولو بنهايرو الصادر في جنيڤ الذي وصف حصار وقصف منطقة الغوطة الشرقية بأنّه أفضى إلى «جرائم دولية تتمثل في القصف الجوي العشوائي، والتجويع المتعمد للسكان المدنيين».

هذه الأمم المجتمعة عاجزة عن إصدار بيان إدانة لهذا النظام المجرم، حتى»داعش» لم يقصفها أحد بغاز السارين أو غاز الكلور، كم مرّة سنتحمّل بعد وقاحة نظام الجزّار بشّار وهو يقول للعالم «لا يوجد دليل»، أليْس هذا ما يتكّل عليه هذا النظام بأن لا أدلّة على ارتكابه كل جـرائمه ضدّ الإنسانيّة!