IMLebanon

بشّار الداعشي

حسناً يفعل هذا العالم في حربه على الإرهاب. صحيح أنه تأخر أكثر من اللزوم لكنه حزم أمره أخيراً، وقرّر أن يشمّر عن ساعديه لوضع حدّ للقتل الإقليمي والكوني الأعمى.

مهلاً: “داعش” تنظيم إرهابي مئة في المئة. ويجب التعامل معه بما ملكت الأيدي. لكن، ماذا عن النظام السوري الذي ارتكب ولا يزال يرتكب ما يحتاج “داعش” إلى عشرات السنين والعقود لموازاته، أو للتفوّق عليه؟

العالم بأسره، أصبح “مقتنعاً” الآن بجدوى بقاء الرئيس السوري. يا لهذا العالم العبقري! أما سوريا، والشعب السوري، فلا بأس. يمكنهما أن يتحملا، ما دام الهدف واضحاً، والطريق إلى تحقيقه واضحاً هو الآخر. ففي إمكان الرئيس السوري البقاء في السدة، لأن وجود “النظام” خيرٌ من عدمه، لإكمال المهمة الملقاة على عاتقه، صعوبة وهي محاربة الإرهاب. إذ لا يجوز أن يطالب أحدٌ اليوم برحيل الأسد، في غمرة المواجهة الكبرى مع “داعش”. كل مطالبة من هذا النوع، تعني فتح الباب أمام قوى التكفير والإرهاب للحلول محلّه. والحال هذه، ليس على سوريا والشعب السوري، سوى الانتظار؛ الانتظار على طريق الموت الجماعي، والتشريد الجماعي، والهجرة الجماعية، والخراب الجماعي، والجوع الجماعي، واليأس الجماعي… وهلمّ! وإذا من عدالة، فهذه هي العدالة. وإذا من مجتمع دولي، فهذا هو المجتمع الدولي. وإذا من مجلس أمن ومن أمم متحدة، فهذان هما مجلس الأمن والأمم المتحدة.

أكثر من ذلك: أوروبا التي دعت إلى إزاحة الأسد، ها هي تطالب ببقائه. اقرأوا ما يقوله السياسيون الفرنسيون في هذا الشأن، وخصوصاً المتشددين منهم حيال الرئيس السوري. أما الولايات المتحدة فحدِّثوا ولا حرج. هي تبيع وتشتري في الآن نفسه. عدوّها فوق الطاولة، هو صديقها تحت الطاولة، بل حليفها الاستراتيجي، وربما الأبدي. هل من خلاص؟ هل من أمل؟ أو بصيص؟ يمكننا أن نحلم دائماً. لكن العدالة الدولية كذبة دولية. إذ ليس في الأفق الدولي إلاّ التسويات المريضة التي تذهب الشعوب والأوطان ضحيتها، كفارق عملة. هل ثمة مَن يسأل، بعد، عن الشعب السوري، وأحواله، ومصيره، في غمرة الحفاظ على “النظام” في سوريا، من أجل محاربة الإرهاب؟

فلنسأل الجمهورية الإسلامية في إيران. ولنسأل الرئيس الروسي. بل يمكنني أن أكتفي بطرح السؤال الأشدّ صعوبة على الجميع، وإحراجاً للجميع: الشعب السوري مَن يعيده إلى بيته؟ والقتلى مَن يعيدهم إلى الحياة، الأطفال والأمهات منهم على وجه التخصيص؟ فضلاً عن الشابات والشباب والشعراء والمغنّين والمثقفين والأحرار والحالمين بالأمل والحبّ والديموقراطية والحرية؟! ترى، هذه الأرض السورية الخراب مَن يرفع عنها يد الخراب؟!