الأسد أكد أمام الوفدين الوزاري والنيابي على علاقة الأخوّة وتقدير لاحتضان لبنان لـ “أهلنا وشعبنا”: مستعدّون لكلّ شيء في كلّ المجالات
هل بدأت مرحلة جديدة من التعامل مع ملف” العلاقة الرسمية” بين بيروت ودمشق؟
ثمة معطيات تؤشر الى ان سياسة اعادة فتح الابواب بين لبنان وسوريا صارت اقرب من السابق، وان الاطراف المحلية المعارضة لم تعد تملك الاوراق التي كانت ترفعها في وجه هذا المسار.
واذا كان التنسيق بين البلدين قد تعطل منذ سنوات وسنوات، واقتصر على امور امنية وعمليات اعادة دفعات محدودة من النازحين السوريين الى سوريا، فان التطورات التي حصلت في السنوات الاخيرة على الصعد كافة، برهنت حاجة كل من لبنان وسوريا الى اعادة التعاون في كل المجالات.
وفي الفترة السابقة، استطاع بعض الاطراف بدعم غربي وبعض العرب من ممارسة ضغوط قوية على المؤسسات الدستورية والحكومات اللبنانية، وحالت دون انفتاح البلدين على بعضهما بعضا. لكن ما نشهده منذ فترة غير قصيرة من انفتاح عدد من الدول العربية على سوريا باشكال مختلفة، يؤشر بوضوح الى ان سياسة حصارها قد اخذت تفقد عناصر قوتها تدريجيا.
وتنظر الاوساط المراقبة الى ان ما سجل من مؤشرات اضافية الى هذا الانفتاح العربي النسبي على سوريا بعد كارثة الزلزال، ليست مجرد خطوات اغاثية، بقدر ما تعكس تطور العلاقة بين دمشق وعدد من العواصم العربية في السنتين الاخيرتين، لا سيما على صعيد اعادة فتح السفارات ومكاتب التواصل وتنامي العلاقات التجارية والاقتصادية.
وترى هذه الاوساط ان ما حصل بعد الزلزال، يؤشر الى توقع حصول مزيد من الخطوات في هذا الاتجاه، لافتة الى ان زيارة الرئيس السوري بشار الاسد الى سلطنة عمان تشكل محطة مهمة لتنشيط العمل من اجل توسيع تطبيع العلاقات بين سوريا والدول العربية، لا سيما الخليجية.
وعلى الرغم من الضغوط الاميركية المستمرة لابقاء الحصار على سوريا، فان ثباتها وصمودها في وجه كل اشكال هذا الحصار، ساهم ويساهم بالدرجة الاولى في احداث هذا التغير والتبدل الذي نشهده في سياسة العديد من الدول العربية تجاهها.
وفي اعتقاد الاوساط المراقبة، ان سياسة ابقاء الحواجز والجدران بين لبنان وسوريا لم تعد مقبولة وممكنة، مشيرة الى ان التطورات الاخيرة على الصعد الاقتصادية والنقدية والاجتماعية، بالاضافة الى قضية النازحين وتداعياتها، برهنت بما لا يقبل الشك الحاجة الملحة لاعادة التعاون بين البلدين في كل المجالات، لان في ذلك فائدة مشتركة ستنعكس حكما على الوضع في كل لبنان وسوريا.
ووفقا لاجواء اللقاءين مع الوفدين الوزاري والنيابي اللبنانيين مؤخرا، فان الرئيس الاسد كان واضحا ويصب في هذا الاتجاه.
وينقل مصدر في الوفد النيابي اللبناني تأكيد الرئيس السوري على ان العلاقات السورية- اللبنانية هي علاقات اخوية متجذرة تتجاوز علاقات المصالح، ونحن ندرك اهمية دورها، ليس بالنسبة لبلدينا وشعبينا فحسب بل ايضا بالنسبة لمنطقتنا. ونحن حريصون على التمسك بها لما فيه خدمة لبلدينا الشقيقين، ومستعدون لكل ما يساعد لبنان وحاضرون للقيام بكل ما يمكن في هذا المجال.
وثمّن الرئيس الاسد، وفقا لما ينقله المصدر النيابي اللبناني، الموقف اللبناني الرسمي والشعبي تجاه سوريا منذ اللحظة الاولى لوقوع كارثة الزلزال، ووصفه بانه كان مميزا لكنه غير مفاجىء، مقدرا الجهود التي قام بها للمساعدة في الاغاثة.واكد الرئيس الاسد ان هذه هي العلاقة التي نبني عليها لتطوير التعاون بين بلدينا وشعبينا في كل المجالات، مبديا الاستعداد للعمل من اجل تعزيز وتوسيع افاق التواصل والتعاون بين سوريا ولبنان على كل الصعد، معوّلا على الجهود التي من شأنها ان تزيل كل الشوائب في العلاقات بين البلدين.
وينقل المصدر عن الاسد قوله”نحن نعرف الظروف التي احاطت بما جرى في شأن
العلاقات، لكنني اؤكد كما عبرت سابقا اننا خرجنا منذ زمن بعيد من سياسة الزواريب في
لبنان، ويهمنا مصلحة لبنان وكل اللبنانيين، ونريد ان يكون لبنان معافى، لان في ذلك معافاة لسوريا”.
وتطرق الى قضية النازحين السوريين، مقدرا احتضان لبنان لاهلنا وشعبنا، ونعرف العبء الكبير الذي عليه في هذا المجال. وقد ابدينا ونبدي كل الاستعداد لبحث هذه القضية والتعاون في شأنها الى جانب البحث ايضا في كل القضايا التي تهم بلدينا، ومستعدون لكل شيء في كل المجالات. ولن نقف عند سلبيات بعض المواقف، فنحن محكومون بعلاقة اخوية مستمرة.
وفي رأي مصدر سياسي لبناني ان كلام الرئيس الاسد يعكس حقيقة وامرا واقعا يفرض التوجه بالعلاقة في المرحلة المقبلة الى التطبيع على الصعد كافة، مشيرا الى ان هذا الامر يتطلب ارادة وجهدا مشتركا لفتح صفحة جديدة مع سوريا لمعالجة كل الملفات المطروحة، وفي مقدمها قضية النازحين. ويلفت الى ان هناك مؤشرات وعناصر عديدة تصب في هذا الاطار منها:
– ان تحسن الاجواء بين العديد من الدول العربية وسوريا، يساعد بطبيعة الحال على تخفيف الضغوط على لبنان للسير باتجاه تنقية واعادة تفعيل العلاقات مع سوريا.
– ان زيارة الوفد النيابي لدمشق لم تكن زيارة تضامنية بقدر ما عبرت عن اشارة صريحة لتعزيز التواصل معه.
– ان زيارة الوفد الوزاري لسوريا جاءت بتكليف من رئيس حكومة تصريف الاعمال، ولم تكن كزيارة وزراء او وفود وزارية لبنانية لها تتعلق بملف الكهرباء او ملفات محددة. وهذا يفتح الباب امام مزيد من التواصل الحكومي بصورة عامة.
ولقراءة المرحلة المقبلة يمكن الاستعانة بما قاله رئيس لجنة الاخوة والصداقة البرلمانية اللبنانية-السورية النائب علي حسن خليل بان الزيارة” فتحت بابا كبيرا لاعادة تموضع جديد للعلاقات اللبنانية- السورية في الحياة السياسية الحالية، وخلقت اجواء مختلفة سيبنى عليها لتنظيم بعض الملفات المشتركة من الباب للباب ومن دون مواربة”.