Site icon IMLebanon

من يصدّق ومن يثق بكلام الرئيس بشار الأسد (2)  

 

ذكرنا في الحلقة الأولى من هذا الموضوع، أنّ جميع المعطيات التي بين أيدينا، تجعلنا لا نثق ولا نصدّق كلام الرئيس السوري بشار الأسد، وأنّ قرار العفو العام الذي صدر عنه، والذي يذكر انه عفا عن كل المتهمين (حسب رأيه) في الأحداث الأخيرة خلال الثورة السورية… وأشرنا الى ان هذا العفو لا يمكن أن يصبح نافذاً، لأنّ صاحبه (أي الرئيس بشار الأسد) إنسان غير موثوق به، يُعْلن غير ما يضمر، وهو غير مؤهّل لتنفيذ وعوده وعهوده، وهنا يمكن القول إنه متأثر بحلفائه الايرانيين الذين يلجأون الى التقية.

وأعلنا بكل موضوعية ان التاريخ يؤكد عدم الثقة ببشار مستعينين بما نشرته صحيفة «الغارديان» عن تراجعات بشار عن وعوده مؤكدة (الصحيفة) ان 90٪ من كلام بشار في الماضي كان كذباً.

وها نحن في الحلقة الثانية اليوم نتابع ما ذكرناه في الحلقة الأولى منطلقين مما جرى بين المرحوم الملك عبدالله بن عبدالعزيز بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وبين بشار، يوم سأله المرحوم الملك عبدالله: هل قتلت رفيق الحريري؟ فأجاب بالنفي، فحدثت القطيعة بينهما الى أن عادت من جديد، فكرّر الملك المرحوم سؤاله لبشار، فأجاب بالنفي… لكن جلالة الملك المرحوم، أعاد العلاقة مع بشار بغية إبعاده عن المحور الإيراني.

ثالثاً: محاولة إبعاد بشار عن الايرانيين التي قام بها المرحوم الملك عبدالله، دعت «جلالته» للطلب من الرئيس سعدالدين الحريري الذهاب الى دمشق مرتين: لعلّ وعسى.. لكن الأسد كان ينكث بوعوده دائماً.

رابعاً: أذكّر انه وبعد وفاة الرئيس السوري المرحوم حافظ الأسد في 10 حزيران عام 2000، كانت سوريا مرتاحة اقتصادياً ومالياً… فلا ديون مترتبة عليها حتى ولا دولار واحد، اما في أيام بشار فقد انهارت سوريا، اقتصادياً واجتماعياً ومالياً وتقسّمت الى بقع يسيطر عليها الآخرون.

خامساً: وهنا أذكّر أيضاً بأنّ الولايات المتحدة الأميركية كانت قد أرسلت نائب وزير خارجيتها ريتشارد ارميتاج الى سوريا قبل الاستحقاق الرئاسي اللبناني وقبيل انتهاء ولاية إميل لحود.

في دمشق، عرض ارميتاج على بشار أن يختار ثلاثة أسماء ويختار ارميتاج واحداً منها لخلافة لحود. فاجتمع بشار بعبد الحليم خدام وفاروق الشرع وعرض الأمر  عليهما. عبد الحليم خدام رأى أنّ العرض جيد، وأخبر بشار الأسد بأنّ والده المرحوم حافظ الأسد كان على علاقة جيدة بأميركا. لكن الشرع رفض الاقتراح وعرض التمديد للحود بحجة دعم المقاومتين اللبنانية والفلسطينية وتعزيز الوجود السوري في لبنان، وهذا يؤمنه وجود اميل لحود، فوافق بشار على رأي الشرع… وفي اليوم التالي أبلغ المندوب الأميركي ارميتاج بشار الأسد امتعاض واشنطن من هذا القرار، وقال لبشار: أظن أنك ارتكبت خطأ جسيماً باتخاذ مثل هذا القرار وستندم عليه حتماً، وستدفع الثمن غالياً.

وفي اليوم نفسه تم إبلاغ ارميتاج بقرار الأسد التمديد للرئيس اميل لحود وأرسل فاروق الشرع الى بيروت وتحديداً الى القصر الجمهوري ليبلغ لحود بقرار الأسد.

بالمقابل، كلّف بشار العميد رستم غزالي بتبليغ الزعماء اللبنانيين بقرار الأسد.

فكان اللقاء الأوّل مع الزعيم وليد جنبلاط الذي أبلغ «أبو عبدو» انه من حيث المبدأ فإنّ جنبلاط ضد مجيء أي عسكري الى الرئاسة، وأنه لم ينتخب الرئيس لحود، لكنه ترك الحرية لنواب حزبه لاختيار من يشاؤون… فكان جواب «أبو عبدو» فظاً وقاسياً، حيث توجه بكلام غير لائق الى جنبلاط قائلاً: من أنت؟ فنحن الذين صنعناك زعيماً وبدوننا أنت لا شيء».. وعندما خرج من عند جنبلاط في حال غضب اتصل بالرئيس اميل لحود وطلب منه أن يلغي العشاء الذي سيقيمه الرئيس على شرف وليد جنبلاط ووالدته وزوجته، وبالفعل اتصل القصر بجنبلاط وألغى الدعوة.

سادساً: وأذكّر أيضاً وأيضاً ببناء المفاعل النووي في دير الزور، حيث كان الايرانيون قد عرضوا على المرحوم الرئيس حافظ الأسد الأمر قبل وفاته، فرفض الأمر جملة وتفصيلاً لأنه سيتعرّض للاعتداء في أي لحظة. لكن بشار الأسد وافق على بنائه.. واكتشف الاسرائيليون أنّ هناك عشرة آلاف اتصال بين دير الزور وكوريا الشمالية في الفترة الأخيرة، فشكّت بالأمر، ومن خلال إنزال في دير الزور بواسطة طائرات الهيلوكوبتر، اكتشفت المفاعل، فطلبت من أميركا السماح لها بتدميره، لكن أميركا طلبت من إسرائيل تأكيدات وإثباتات أقوى.

وتشاء الأقدار أن يذهب أمني سوري كبير الى لندن، وأقام في أحد الفنادق. لكن المخابرات الاسرائيلية المتابعة له… دخلت غرفته بعدما غادرها الى السفارة السورية في لندن، وحصلت على الكومبيوتر الخاص به ونقلت منه المعلومات المطلوبة، ووضعت آلة فيه، تَنْقُل إليها ما يرد إليه من مخابرات. ثم نُقِلت كل هذه المعلومات الى أميركا التي وافقت على ضرب المفاعل، وبالفعل تم تدميره.

من كل ما تقدّم… يتضح تماماً، بما لا يدع مجالاً للشك، أنّ بشار الأسد رجل لا يوثق به ولا يمكن تصديقه، وأنّ «فرمان» العفو هو لذَرّ الرماد في العيون فقط ولن يُنَفّذ أبداً.