IMLebanon

بشّار الجزّار و«المخطّط الغادر»

 

«هنا الدّمار»، فأخطر ما انتهت إليه نهاية الأسبوع مرسوم بشّار الاسد لسرقة أراضي وأملاك الشعب السوري، وعلينا أن نتساءل: من سيجري توطينه فيها، التغيير المذهبي تتسارع خطاه هناك على أطلال المدن المحطّمة، من يستطيع خلال ثلاثين يوماً أن يقف على أطلال مدنٍ أبيدت بكاملها ليقول بيتي وأرضي وبساتيني وأملاكي هنا، من يستطيع أن يقف وسط ركام أحياءٍ بكاملها سوّيت بالأرض ليقول هذا الدّمار لي، وأن يبرز صكّ ملكيّته!

 

اللاجئون السوريّون في البلاد البعيدة والقريبة، وكثيرٌ منهم مطلوبون على لوائح النّظام المجرم كيف سيستطيعون خلال ثلاثين يوماً فقط أن يثبتوا أنّهم يمتلكون عقاراتهم في سوريا، وبعد ثلاثين يوماً هل يفقد السوريّون ممتلكاتهم وبيوتهم وأرزاقهم في بلادهم، ولمصلحة من؟! هذا هو السؤال..

«المخطّط الغادر»، هكذا وصفت وزارة الخارجيّة الألمانيّة، طار صواب ألمانيا التي بلغ عدد النازحين على أراضيها مليون و800 ألف لاجىء سوري، كيف سيثبت هؤلاء ملكيّتهم لأملاكهم، من منهم ركب العبّارات وأسلم قياده لأقدار الموج موتاً أو نجاة حمل معه أساساً صكوك ملكيّة، من الطبيعي أن تُـجنّ الخارجيّة الألمانيّة فهؤلاء سيفقدون السّبب الذي يجعهلم متمسكين بالبقاء على أرضها، «طيّب» ألمانيا تتحمّل مليون و800 ألف لاجىء على أرضها، ولكن ماذا عن لبنان والأردن وتركيا ومصر وسواها؟!

إذا كانت أزمة اللاجئين السوريين قد وصفت بأنّها أكبر كارثة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية، أيّ كارثة تنتظرنا في حال فقد هؤلاء أملاكهم في سوريا، إلى أين سيعودون عندها، ما يفعله المجرم بشّار الأسد أسوأ بكثير ممّا فعلته إسرائيل مع الشعب الفلسطيني عندما اغتصبت أرضه، المرسوم العقاري رقم (10) لعام 2018 اغتصاب لوطن جديد وأرض جديدة ولكن بمرسوم رئاسي!

بدون شكّ المخاوف الألمانية محقّة من أنّ هذا المرسوم هو «تصعيب عودة عدد هائل من السوريين»، كلّ دولة تبكي مصالحها ومخاوفها، صحيح، ولكن ماذا عن لبنان؟ ألا ينطبق على اللاجئين هنا ما ينطبق على اللاجئين في ألمانيا؟ صحيح أنّ ألمانيا هي الدولة الأكثر كثافة سكانيّة في الاتحاد الأوروبي إلا أن مساحتها 357.021 كلم مربع أمّا لبنان «المشحّر» فمساحة مدينة برلين تكاد توازي مساحته، ومن المؤسف أنّ «دولته» مشغولة بـ»الطّبل والزّمر» في طاحونة الانتخابات!

ما يقارب 12 مليون سوري ما بين لاجئ ومهجّر كيف سيثبتون لبشّار الجزّار ملكيّاتهم خلال ثلاثين يوماً؟ للمفارقة أنّ المرسوم المذكور صدر في 1 نيسان  ويتعلق بإحداث مناطق تنظيميّة عقارية جديدة في سوريا، وقد تمّ بموجبه تعديل فقرات عديدة، من مرسوم سابق يعود إلى عام 2016، وحمل الرقم 66، شهر كامل على صدور هذا القرار ولولا الصرخة الألمانيّة لربّما ما كنّا لنسمع حتى بهذا القرار، مدهش بشّار الجزّار، أيّ جبروت هذا الذي بلغ به حدّ سرقة سوريا أرضاً بعد سرقتها شعباً، وإمعانها تدميراً وقتلاً، من هندس له هذا القرار الذي نصّ على وجوب دعوة المالكين وهم في غالب الأمر إمّا مهجّر وإمّا لاجئ، وطبيعي أنّه لن يكون بمقدورهم تلبية دعوة الحضور!

ألمانيا استنجدت بالأمم المتحدة وحثّتها على تبنّي هذه القضية، ودعت روسيا للحيلولة دون تطبيق هذا القانون، هذه ألمانيا، لبنان العائد من مؤتمر بروكسل ببيان مشبوه جدّاً وإن سارع المعنيّون في الأمم المتحدة إلى نفي أي نيّة لتوطين السوريين في لبنان، لبنان هذا إلى من سيلجأ، وكيف سيواجه تحدّي لاجىء فقد مأواه وأرضه بعدما فقد أقاربه وأولاده، ماذا بإمكان من خسر كلّ شيء أن يفعل؟ هل خطر لأحد أن يطرح هذا السؤال؟ بالتّأكيد «لأ»، الجماعة كلّهم منخرطون في جنّونة الجولات والمهرجانات الإنتخابيّة!