IMLebanon

بشار.. المحرّر!

وحده «رئيس» مثل بشار الاسد يمكنه أن يكشف علناً عن خصاله المكبوتة التي لا صلة لها بالأنسنة لا من قريب ولا من بعيد…

وحده، مثل هذا «الرئيس»، يمكنه ان يعلن جهاراً انه ماضٍ في قتل مرؤسيه وتشتيتهم وتخريب ديارهم وأرزاقهم، وفي الاستمرار على ذلك الخط، وصولاً الى «تحرير» سوريا شبراً شبراً!

قبله بسنوات معدودات، وقف نظير له كان اسمه معمر القذافي ليتوعد الليبيين بملاحقتهم «دار دار، بيت بيت وزنقة زنقة».. وان كان هذا سأل معارضيه، شعب ليبيا، من «انتم؟!«، فذاك في سوريا لا يسأل انما يُجيب! ولا يُظهر عوارض ارتباك إنما يقينيات مقدسة، حيث غالبية السوريين في عرفه «إرهابيون». وحيث كل شبر من ارض سوريا خارج مكان سلطته المفترضة، هو مرتع لهؤلاء. ولا يحتمل الأمر عنده اي شبهة تُظهر او تُبطن، مراعاة لوجود مواطنين، عوائل عجز ونساء وأطفال، صعب جداً، الافتراض بارتكابهم اي «جريمة» خارج كونهم بيئة حاضنة للداعين الى خروج سوريا الى الضوء والحرية.

وحده «رئيس» مثل هذا، يمكنه ان يتشاوف بأنه لا يعوّف سلاحاً في وجه «مواطنيه»، ولا يعوّف طريقة او حليفاً او مناورة من أجل إكمال آلية الفتك بسوريين قالوا ويقولون له، انه غير كفؤ ولا مؤهل لحكمهم، وانه هو شخصياً، من يؤكد لهم انهم كانوا ولا يزالون على حق في حكمهم عليه، وفي استشراف طبيعته وغربته ودمويته ورعونته.

في المراحل السابقة من هذه النكبة الاستثنائية، كان بشار الاسد يطلّ على العالم بعد تحقيق «انجاز» ميداني لافت بعض الشيء، مثلما حصل مثلاً غداة سقوط حي باب عمرو الحمصي.. وكان على عادته (وغربته) يقدّم المطالعة الخلاصية الانتصارية ذاتها التي قدّمها بالأمس.. ولكن، بطبيعة الحال، من دون ان يقنع احداً، ومن دون ان ينجح في تغيير الانطباع العام القائل، بأنه صار من الماضي، شبه جثة سياسية، لا تنتظر سوى الاندثار الحتمي والتام.

هذه المرة ايضاً، حاول وفشل في تغيير حرف من ذلك الحكم الانطباعي برغم انه يبني طلته الراهنة على حضور روسي عسكري حرزان، وعلى إصرار إيراني على إكمال الحرب ضد السوريين، وعلى تبلور ميوعة أميركية لا يُفهم اولها من آخرها. وعلى إرتباك قائم وفعلي في صفوف معارضيه تبعاً لدخول العامل الإرهابي على الخط وبطريقة مدمرة.

ومع ذلك، وبرغم منه ومن غيره، فإن بشار الاسد، يعرف أكثر من كل الناس، إن الحسم الذي يتوعد به، هو من تاسع المستحيلات، وإن سباقه مع الزمن لن يسقط الزمن، ولن يعيده الى ماضٍ اندثر. وان الذين يقاتلون معه اليوم لن يحترقوا من أجله! وإن أي «تسوية»(!) ممكنة لا تعني شيئاً اذا لم تسدل الستارة على حكمه وتقلب الصفحة! وتلك حتمية وإن طال الزمن.. ولن يطول!