Site icon IMLebanon

بشار

… ونشكر السماء، فلبنان قد نجا مما يصيب بلاد الشام، وينسى الشاكرون، اصحاب الدولة والمعالي والسعادة، المصابون براحة الضمير وهم يلعبون مدى شهور اربعة بلعبة زبالة هنا وزبالة هناك، وينسى الجميع ان وقائع الحرب الدائرة في فلسطين والعراق وسوريا انما تظهر على وجه لبنان الطائفي الذي تفترسه زبالة اهله.

ولولا حراك شبابي مدني بدأ يفتح ابواباً مقفلة على كل تجاوز وارتكاب قام به أهل الحكم منذ الاستقلال، لنعينا لبنان وارتدينا عليه الاسود. الا ان حكامنا مطمئنون الى ان ما أصاب بلدان الجوار من خراب لن يصيبنا، فالخارج الغربي – العربي لا يريد عنفاً في لبنان قد تفكك فعلاً، وهذا ليس من اجل سواد عيوننا بعدما لبّى اهل العروبة نداء “المذهبية” ذات شتاء الى حروب اهلية مكّنت الغرب من السيطرة على منابع النفط. ثم استفاق أهل سوريا على نداء الحرية الممذهبة، فأراد أهلها “السنّة” ازاحة رئاسة “علوية” طال زمانها، لها أحياناً وجه ظالم وآخر جاد في بناء جيش قوي، وانخرطت في ورش إعمار وتأمين العيش الكريم للشعب.

وكانت ثورة مدبرة على قلب سوريا اشتركت فيها جحافل المقاتلين من كل انحاء العالم: داعش الاسلامي التكفيري، ومعارضة مشتّتة، فكان خراب وهجرة، وجنون أمواج لا ترحم، ثم لقاءات حضارية في فيينا بعد خراب البصرة. ومن قلب العاصفة المذهبية الملتبسة التي اشعلها الغرب واقفاً على ضفاف آبار النفط، لا يهمه لا الاسلام بكل فروعه ولا المسيحية بكل تشعباتها، متمهلاً في إيجاد حلول للمعضلة الخارجة علّ القتال يقضي على ما تبقى من حضارة وفكر وأمل في بلاد الشام، ومن قلب العاصفة يطل بشار.

منذ البدء كان بشار، فما ان بدأت الدماء تسيل في شوارع سوريا حتى قامت قيامة الغرب عليه، وطالب حكامه بإقالته فوراً. كذلك فعلت البلدان العربية الإسلامية الشقيقة وعلى رأسها المملكة السعودية التي ما فتئت وما برحت وما انفكت تطالب بتنحية الرئيس. كذلك أهل الإعلام العربي واللبناني الذين ما توقفوا بعد عن التنبؤ بأن بشار لن يدوم اكثر من نهار.

اما الرئيس الاميركي فيهمه فقط القضاء على حلم الخلافة الإسلامية الداعشية، وفقط فرنسا الاوروبية تريد إقصاءه. وقطر واخواتها سائرات على خطى السعودية في عز عصر انحطاط حضاري يلف الكوكب بنسب مختلفة، اعلاها في عالمنا العربي. ولا ننسى ان صفحة مآسينا اليوم بدأت في اربعينات القرن الماضي يوم داست اسرائيل شاطئ فلسطين.

وشكراً للسماء ان لا رئيس جمهورية لنا حتى لا يضطر الى إبداء رأيه في بقاء أو ذهاب بشار. في البدء كان بشار، ثم المعارضة السورية المفككة، ثم الدواعش والسعودية وايران واميركا وروسيا يبعطون حوله في حكاية ابريق نفط قد تطول الى ما بعد “التاريخ” الذي يسجل اليوم اننا في قعر عصر انحطاط أسود.