IMLebanon

بشير و«الحلم القديم» من عكّار إلى… إسرائيل

لا يخذل بشير الجميّل التوقّعات، فهو من بين الشخصيات اللبنانية القليلة التي ثبتت على مواقفها من القضايا السياسية الأساسية في البلد خلال فترة السبعينيات. الجميّل وفي كافّة برقيات السفارة الأميركية الصادرة من بيروت ومن القدس المحتلّة بقي واضحاً في كلامه وسياسته المبنية على ركيزتين: معاداته للسوريين وكرهه للفلسطينيين. الجميّل حمل قضيته الأساسية في مختلف المراحل وتحالف سياسياً وعسكرياً مع الإسرائيليين بغيه تحقيق أهدافه. تلك الأهداف التي وصفها الأميركيون بـ”الحالمة”، مستغربين كيف بقي بشير متمسّكاً بها حتى النهاية! بعد عشرة أيام على بدء الاجتياح الإسرائيلي لجنوب لبنان، ومع بداية انتشار قوات الـ”يونيفيل”، طمأن بشير السفير الأميركي في بيروت ريتشارد ب. باركرhttps://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01625_d.html بأنه “سيحرص على أن تتعاون الميليشيا المسيحية في الجنوب مع القوات الدولية”، لكنه أشار الى أن تلك “الميليشيا المسيحية، وعناصر من الكتائب ضمناً، يخضعون فعلياً لسيطرة الإسرائيليين”.

بشير رأى أن الاجتياح الإسرائيلي كان “كارثياً”، لأن “المسيحيين أملوا أن تقضي إسرائيل على الفلسطينيين، لكن جلّ ما فعلوه هو أنهم دفعوا الفلسطينيين شمالاً، ما تسبب في مشاكل أمنية خطيرة في بيروت”.

بشير أبدى مراراً تشكيكه في قدرة قوات “اليونيفيل” والجيش اللبناني على ضبط الأوضاع في الجنوب، ووصف سعد حداد في إحدى البرقيات بأنه يعاني من “جنون العظمة”، وهو “خاضع كلّياً للإسرائيليين، ولا ينبغي فهم أفعاله إلا من هذه الزاوية”.https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01865_d.html

وفي ملاحظة كررها بشير على مسامع الأميركيين، قال الجميّل إنه “أكثر من أي وقت مضى، يرى مسلمو لبنان حالياً الفلسطينيين كأعداء وليس كأصدقاء”. الجميّل يشرح ذلك بالقول إنه “يجتمع دورياً مع مجموعة من الشباب السنّة الذين يشاطرونه ذلك الرأي ويعدون بتغيّر نوعي على مستوى الشارع، قد يمهّد لتفاهم مسيحي ــ مسلم مأمول”. الجميّل ذهب أيضاً الى حدّ القول إنه “ربما، يوماً ما، ستقوم قوة مشتركة من المسيحيين والمسلمين بطرد الفلسطينيين، من الدامور مثلاً”.

كريم بقرادوني من جهته، نقل عن بشير في إحدى البرقياتhttps://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT01946_d.html أنه كان يريد من “الجبهة اللبنانية” أن “تستغلّ فرصة الاجتياح الإسرائيلي للتخلّص من الفلسطينيين والسوريين معاً”. فبشير، حسب بقرادوني، كان يظنّ أن “الإسرائيليين سيصلون الى طريق الشام ويدعمون مجموعة مسلّحة تابعة لـ”الجبهة” في عكار لمقاتلة السوريين في الشمال أيضاً”. لكن “الضوء الأخضر الإسرائيلي لم يأت، وشعر بشير بأن حلفاءه الإسرائيليين وقادة “الجبهة” كميل شمعون ووالده بيار قد خذلوه”، تضيف البرقية.

وفي نيسان ١٩٧٨ https://wikileaks.org/plusd/cables/1978BEIRUT02140_d.html بدا بشير فخوراً بإنجاز “انتقال مراكب بحرية بين الناقورة وجونية، ما سيمهّد الى فتح طريق مباشرة من قلب معقل الموارنة والقوات المسيحية على طول الحدود مع إسرائيل”. وهنا يعلّق السفير بالقول إن “ذلك حلم بشير القديم، وأتفاجأ من تمسّكه به حتى الآن، رغم عدم رضاه عن إدارة الإسرائيليين لعملياتهم في الجنوب”.