IMLebanon

باسيل يعلن موقفه في ابيدجان وأمل تحذره

 

يستمرّ شدّ الحبال بين الرئاسة الثانية ووزارة الخارجية والمغتربين، إذ لم يفعل بيان رئاسة الجمهورية حول التسامح فعله لا سيما في عين التينة التي علّقت عليه فور صدوره بعبارة «لا تعليق»، لتعود وتُعلن بأنّه ساوى بين طرفين أحدهما متهكّم والآخر ضحية، ولهذا فلا يُمكن لرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي مسامحة وزير الخارجية جبران باسيل قبل أن يُقدّم الإعتذار بشكل علني، على غرار ما فعل عندما أساء إليه كلامياً، للبنانيين وليس له شخصياً ، على ما قالت مصادر برّي. فمناصرو الحركة ماضون في التصعيد، ولن يرضوا حتى باعتذار باسيل، كما أنّهم لن يتراجعوا عن موقفهم بإفشال مؤتمر الطاقة الإغترابية في أبيدجان، من خلال مقاطعته أو القيام بأي تصرّفات أخرى قد تدعو اليها الحاجة.

في المقابل، تقول أوساط مقرّبة من «التيّار الوطني الحرّ» أنّ الوزير باسيل كان يُعوّل على بيان عمّه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، كما على موقفه الأخير من أنّ «الشارع لا يحلّ الخلافات السياسية»، وذلك لتهدئة الأمور ليس فقط مع الرئيس برّي إنّما أيضاً مع مناصريه الذين يُصرّون على إفشال مؤتمر الطاقة الإغترابية الثاني في القارة الأفريقية الذي من المفترض انعقاده غداً الجمعة في 2 شباط، وبعد غد السبت في 3 منه في أبيدجان، العاصمة الإقتصادية لساحل العاج. فبالنسبة للوزير باسيل، على ما نقلت الأوساط، فقد شرح موقفه من كلّ ما جرى في بيان «تكتّل التغيير والإصلاح» الأخير عندما ألمح الى أنّه استدرك خطأه وقام بما يجب عليه القيام به من دون أن يطلب منه أحد، في إشارة الى اتصاله مساء تسريب الفيديو بإحدى الصحف المكتوبة (جريدة الأخبار) وتقديم اعتذاره فيها عمّا ورد على لسانه، معتبراً أنّ ذلك كافياً، ولهذا يرفض اليوم شرط عين التينة بتقديم الإعتذار العلني. وكان ينتظر من البيان الرئاسي ومن مواقف عون أيضاً بعدم اللجوء الى الشارع، أن تؤثّر إيجاباً ليس فقط في نفوس المؤيّدين لـ «حركة أمل» الذي اعتدوا على مركزية «التيّار» في ميرنا الشالوحي في سنّ الفيل فيقدّموا الإعتذار من الذين لحقت بهم الإساءة من اللبنانيين، إنّما أيضاً في مناصري الحركة الذين يستمرّون في تهديداتهم للسفارة اللبنانية في أبيدجان بأنّهم لن يكتفوا بمقاطعة المؤتمر، بل سيرشقون موكب الوزير باسيل بالبيض والبندورة، وصولاً الى منعه من الوصول الى المؤتمر. علماً أنّ باسيل لم يكن يريد نقل الخلاف الى الخارج، لو لم تبدأ التهديدات من مناصري «أمل» في أبيدجان بمقاطعة المؤتمر، وصولاً الى إفشاله.

وبعد ما قام به بعض موظّفي مطار بيروت أمس المنتمين الى «حركة أمل» من تظاهرة صغيرة إعتراضاً على ما صدر على لسان باسيل من كلام مسيء بحقّ الرئيس برّي، وفي محاولة لمنعه من الوصول الى المطار ظنّاً منهم أنّه سيُغادر الأربعاء الى أبيدجان، يخشى «التيّار» من حصول تظاهرة أكبر للحركيين أثناء مغادرة باسيل اليوم الخميس، على ما هو مفترض، أمام المطار لمنعه فعلاً من أن يستقلّ الطائرة الى ساحل العاج. وتؤكّد أوساط الخارجية أنّ باسيل سيلتحق اليوم بالوفد الديبلوماسي والإعلامي الذي سبقه الى أبيدجان من دون الكشف عن ساعة إقلاع الطائرة حفاظاً على أمنه.

وردّاً على البيان الذي صدر عن اتحاد نقابات النقل الجوّي في لبنان، والذي جاء فيه أنّه سيتم اللجوء لموقف حازم وحاسم بإعلان العصيان في مطار بيروت حتى رحيل الوزير باسيل، تقول الأوساط إنّ «هدف هذا التحرّك هو تعطيل مؤتمر أبيدجان خصوصاً وأنّ عدداً كبيراً من المشاركين فيه سيُغادر لبنان بين الأربعاء والخميس من بينهم رجال أعمال ومصرفيين وإقتصاديين».

من جهة ثانية، فإنّ أجواء أبيدجان المطمئنة من قبل القيّمين على تحضيرات المؤتمر الذين يؤكّدون أنّه سيجري في موعده، وليس فقط بمن حضر، إنّما بجمهور يأتي من الدول الأفريقية كافة، وأنّ كلّ شيء يسير في مساره الطبيعي، وأنّ الخلافات تُحلّ فيما بعد المؤتمر، تُقابلها أجواء تصعيدية من قبل مؤيّدي «حركة أمل» في أبيدجان الذين يؤكّدون بأنّهم لن يقبلوا بأن تطأ قدما باسيل أرض ساحل العاج قبل تنفيذ شروط الرئيس برّي الذي يفدونه بالروح وبالدمّ. وتقول أوساط الحركة هناك أنّه «في حال لم يأخذ باسيل بتهديداتنا على محمل الجدّ، فإنّه بذلك يقوم بتهوّر كبير، ولهذا عليه إصلاح الأمر مع الرئيس برّي قبل التفكير بعقد المؤتمر».

ولكن على ما يبدو فإنّ الوزير باسيل يلتزم الصمت، بحسب أوساطه، ولن يُعلّق على كلّ ما يُقال، وإنّ موقفه سيُعلنه من مؤتمر أبيدجان وليس قبله، كما أنّه سيعقد المؤتمر حتى ولو شارك فيه شخص واحد. أمّا مصادر الرئيس برّي فتنفي أنّها أعطت الأوامر لمناصريها بالتحرّك في الشارع، وتقول بأنّ تحرّكاتهم عفوية نابعة من تعاطفهم الشخصي مع رئيس حركة المحرومين «أمل»، انطلاقاً من أنّ أي مسّ بكرامته يمسّ ايضاً بكرامتهم.

ومن الخلاف بين الرئاستين الأولى والثانية على خلفية توقيع مرسوم الأقدمية وصولاً الى الخلاف بين برّي وباسيل، فارق كبير. فالأول، على ما تشرح أوساط سياسية عليمة، كان سيجري تخطّيه أو بالأحرى «تنويمه» حتى موعد الإنتخابات النيابية من دون أن يؤثّر عليها بشكل مباشر سيما وأنّه خلاف سياسي مقنّع يلبس إطار القوانين والأعراف واللجوء الى القضاء للفصل فيه. في حين أنّ الثاني هو خلاف سياسي وعلني ويُهدّد بالإمتداد ليس فقط حتى موعد الإنتخابات والتأثير سلباً عليها، إنّما أيضاً الى دول الإنتشار كافة وليس فقط الى أبيدجان إذ سيرفض شيعة «أمل»، على ما أكّدت أوساط الحركة، المشاركة في أي مؤتمر آخر تعقده وزارة الخارجية والمغتربين ما دام باسيل على رأسها.

والمعروف أنّه بعد مؤتمر ابيدجان في شباط الجاري، فإنّ وزارة الخارجية والمغتربين تنوي عقد  مؤتمرات إقليمية أخرى في كلّ من أوروبا وأوستراليا، فقد تمّ تحديد موعد مؤتمر الطاقة الإغترابية في سيدني في آذار المقبل، وفي فرنسا في نيسان المقبل، أي قبل موعد الإنتخابات النيابية في أيّار القادم. علماً أنّ المؤتمر الذي كان من المقرّر عقده في كانون الثاني المنصرم في دبي قد جرى تأجيله قبل الشروع في التحضيرات الجديّة لعقده. وهذه المؤتمرات لا يُمكن أن تعطي ثمارها إذا ما بقيت العلاقات المسيحية- الشيعية مضعضعة بسبب الخلاف بين برّي وباسيل. فهل يفيد التحدّي من قبل الطرفين مصلحة لبنان واللبنانيين في الداخل وفي بلاد الإنتشار؟!