أكّد على وجود مسؤولية سياسية وعسكرية في احداث عرسال 2014
هل يصح في الوزير ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل قول المثل اللبناني المعروف انه يحمل عدّة بطيخات بيد واحدة، وأقصد بذلك كل ملفات الحكم اللبناني المزمنة والبالغة التعقيد، من ملف الملابسات المحيطة باستشهاد العسكريين إلى ملف الانتخابات النيابية، والأبعاد الطائفية لقانون الانتخابات الجديد إلى ملف النازحين وما يشكلونه من عبء على لبنان، إلى باقي الملفات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي تصدم العهد وتعترض مسيرته الاقتصادية، وأخيراً إلى مسيرة العهد كلّه، والذي يرفض اتهامه بالمدافع الأوّل عنها، ويستخدم بدلاً من المدافع تعبير المهاجم، لأنه في طبعه وطبيعته هجومي في الدفاع عن العهد.
وعلى هذه القاعدة الهجومية، أعاد الوزير باسيل، في لقاء مطوّل مع رابطة خريجي الإعلامي برئاسة الزميل عامر مشموشي، فتح ملف معركة الجرود وما أثارت من سجالات أعادت صورة الانقسام العامودي إلى الداخل اللبناني، وشددت على ضرورة المحاسبة السياسية والقضائية للمتورطين في قضية قتل العسكريين المخطوفين، وعدم التلطي وراء الاعتبارات أكانت سياسية أم طائفية أم مذهبية لأن مواقف هؤلاء معلنة ومعروفة تماماً.
وفي هذا الصدد، يشير الوزير باسيل الى انه في هذا البلد هناك جو او فريق لا يريد اظهار اي امر جيد قد يحصل في هذا العهد، مع العلم ان البلد لم يشهد انجازات بالسرعة التي حصلت في هذا العهد سابقا، مؤكدا في السياق ردا على المخاوف السابقة ان الارض تحررت وعرسال لم تهدم ولم تحدث فتنة سنية – شيعية.
ويشدد رئيس التيار الوطني الحر على ان الإرهاب والنازحين حضروا الى لبنان بقرار سياسي، لكن الظروف حاليا تخطت الموضوع وتم اقتلاع الارهاب من ارضنا، رغم ان هناك من اراد «تمغيص» فرحة النصر باتهام الجيش والسلطة السياسية بالتقصير، مع العلم ان المواقف كانت متباينة في السابق ولا يمكن اظهار الحكومة حينذاك كفريق واحد، لأن الآراء كانت متباينة، وهناك من دعا لتحرير الارض منذ احتلالها وهذا ما دعينا اليه منذ اللحظة الاولى، وهناك مسؤولية سياسية وعسكرية في احداث عرسال عام 2014 سيظهرها التحقيق الذي سنتابعه للنهاية. مؤكدا ان هناك مسؤولية سياسية واضحة واصحابها لا يختبئون خلفها، وهم عملوا على تبرير الاحداث والمدافعة عن مواقفهم، ونحن لا نعفيهم من المسؤولية، مستبعداً اي سياسة كيدية، ومؤكداً ان قائد الجيش السابق جان قهوجي لم يعد موجوداً في اي حساب، وشدد على أن المحاكمة السياسية يفرضها الشعب كما سيترجمها في الانتخابات النيابية المقبلة، اما المحاكمة العسكرية فهذا امر مختلف ويجب ان يتم تقييم كل المرحلة السابقة، وهذا امر طبيعي في كل جيوش العالم، مع العلم ان هذا التقييم لم يحصل في السابق، ويجب ان يحصل حاليا ليبنى على الشيء مقتضاه، مع التأكيد والحرص انه لا يوجد استهداف شخصي او سياسي لأحد، لا في السابق حين طالبنا بالتحقيق عام 2014 واتهمنا اننا نبيع مواقف من اجل الانتخابات الرئاسية ولا اليوم، ولكننا نبحث مع الشعب اللبناني عن حقيقة ولو لمرة واحدة نصل فيها الى نتيجة، لأنه لم تحصل محاكمة من قبل.
وعن مقولة تحييد «حزب الله» عن النصر الذي حصل، يرى باسيل ان هناك بعض اللبنانيين «ناكرين للجميل» لأن حزب الله ضحى وقاتل وهذا الشيء لم يقم به اي فريق لبنان آخر، ونحن كفريق سياسي نريد الجيش ولكن لا يمكن انكار الانجاز، مع العلم ان حزب الله ايضا اولويته كما اولويتنا الجيش، لانه حين دخل الجيش على خط الاحداث ترك حزب الله الساحة له.
أما عن الاتهامات بتضييع القرار اللبناني في معركة الجرود، يجزم باسيل بأنه تم استرداد القرار اللبناني في معركة الجرود في مرحلتها الثانية، وحين قاتل حزب الله تم السؤال عن الجيش، وحين قاتل الجيش واستعاد القرار السياسي والعسكري بدأت الاتهامات بالرمي جزافا، مع العلم ان عناصر «داعش» هربت تحت القصف المدفعي وتقدم الجيش اللبناني الى سوريا، ولكن الانسحاب لم يكن بالمجان بل مقابل المعلومات التي كنا نسعى لها حول العسكريين المخطوفين، مؤكدا ان التخلي عن السيادة حصل في عام 2014 واليوم نحن استرددناها.
وبالنسبة الى التباين بالمواقف مع رئيس الحكومة سعد الحريري في موضوع احداث الجرود، يوضح وزير الخارجية انه والحريري من مدرستين مختلفتين، ولكننا سنحتفل بالنصر سويا يوم الخميس المقبل.
وفي موضوع الزيارات الخارجية والدعوات التي تصل الى رئيس الحكومة بدلا من رئيس الجمهورية، يشير باسيل الى ثلاث نقاط، اولها ان رئيس الجمهورية ميشال عون راض عن الموضوع، والنقطة الثانية ان الرئيس عون متفق مع الحريري ومحدد اولوياته، اما الثالثة فهي اننا نعطي الاولوية للامور الداخلية على الامور الخارجية، والدليل على ذلك انني لست مع الحريري في موسكو رغم اهمية الزيارة، لأنني اعتبر أن اهمية ما اقوم به هنا يوازي اهمية الزيارة.
واذا سألته عن انجازاته في وزارة الخارجية، يجيب بأنها تمر في فترة ذهبية سيادية، والدليل انه في كل القرارات التي يتم اتخاذها هناك فريق منزعج من الموضوع، لا سيما في موضوع سياسة المحاور والنزوح وغيرها من المواضيع.
ويوضح ان التيار الوطني قدم للحكومة خطة مكتوبة وشاملة لحل ازمة النزوح السوري، داعيا الحكومة لمناقشتها واقرارها لاعادة النازحين الى بلدهم، ويشدد على ان عودة النازحين يمكن ان تحصل قبل وخلال وبعد حل الازمة في سوريا وذلك بالتنسيق مع النظام او من دون التنسيق، وبالتشاور مع الامم المتحدة ومن دون التشاور، وقد شهدنا في المرحلة الاخيرة عودة للنازحين الى مناطق النظام والمعارضة ومناطق مختلطة بين النظام والمعارضة، وهذه تجربة يمكن ان يتم البناء عليها لاعادة النازحين، رافضاً ربط موضوع النزوح السوري الى لبنان بالحل السياسي او القرار الخارجي او برحيل الرئيس السوري بشار الاسد، متهماً المجتمع الدولي ومنذ عام 2011 الى اليوم بأنه ينتهج سياسية تشجيع النازحين على البقاء في لبنان، ونحن اليوم نريد الانتقال الى مرحلة تشجيع النازحين للعودة الى بلدهم، مؤكدا ان لا مكان لأي مؤتمر دولي لا يلحظ عودة النازحين لانه بحال عدم الاشارة الى العودة سيكون ذلك «ترف سياسي» لا اكثر، مع التأكيد ان المجتمع الدولي ملزم بمساعدتنا، وذلك في اشارة الى زيارة الرئيس الحريري لفرنسا ووعد الرئيس الفرنسي بعقد مؤتمر باريس ٣ و٤ لمساعدة لبنان.
وحول الانتخابات الفرعية في كسروان وطرابلس، يؤكد باسيل ان الدستور هو الحكم في ذلك، ولا قرار بحصول الانتخابات او عدم حصولها بل يجب ان تحصل الانتخابات، والموضوع ليس اكثر من عملية انتخابية بسيطة وروتينية، وعلى وزير الداخلية طرح موضوع الانتخابات الفرعية في الجلسة المقبلة للذهاب لاجرائها في اسرع وقت ممكن. والمشكلة ليست بالانتخابات الفرعية بل بالانتخابات النيابية العامة في ايار المقبل، ونحن حين قبلنا بالتمديد كان السبب الاساسي لذلك هو اصلاح قانون الانتخاب وهو سبب يستأهل التمديد، أما بحال ان الاصلاح لن يحصل فلنذهب لاجراء الانتخابات في اسرع وقت ممكن وحينها لم نعد بحاجة لكل هذا الوقت لاجراء الانتخابات، لأن العهد سيخسر بسبب الاطالة بإجراء الانتخابات، خاصة مع الخطابات الشعبوية.
اما عن الحديث المثار في شأن البطاقة الممغنطة والانتخاب، يؤكد ان كل الشعب يستفيد من الموضوع واكثر من يستفيد منها هم سكان الاطراف، وهذا الموضوع يزيد من نسبة الاقتراع ويخفف الرشاوى الانتخابية، لافتا الى ان حركة «امل» و«حزب الله» و«القوات اللبنانية» يريدون التسجيل المسبق لمكان القيد وهو ما نرفضه، لأن هذا الموضوع له جانب تقني وجانب سياسي خاصة وانه يحدد مكان انتخاب المقترع مما يمكن ان يؤدي الى التأثير على قراره الانتخابي، وما يهمنا بالموضوع هو حرية الناخب، وقد طرحنا تحديد عدداً من المناطق الانتخابية الاختيارية لكل قضاء لتسهيل عمل وزارة الداخلية.
وعن الحديث عن تطيير الانتخابات النيابية، يؤكد ان تطيير الانتخابات يعني الدعوة الى ثورة في البلد، ونحن مع الشعب في ذلك، لان الوضع لا يحمل تأجيلا اكثر.
أما بالنسبة للعلاقة مع القوات، يؤكد ان لا زواج اكراه فيما بيننا ولا عودة الى المارونية السياسية في علاقتنا، ونحن محكومون بمصلحتنا وارادتنا بتفاهم طويل، وحين تدخل المصالح الصغيرة يهتز، غير ذلك التحالف ثابت وقائم.
ويؤكد انه لا يمكن العودة للمارونية السياسية ومن يتهمنا بذلك نشير الى احتفال توزيع البطاقات، حيث تم توزيع بطاقات لعناصر حزبية من كل الطوائف ومناطق البلد، رغم الارجحية المسيحية على التيار الوطني الحر، التي لا ننكرها، ويرفض اتهام المارونية السياسية باستيلاد الحرب الاهلية في العام ١٩٧٥.
ويوضح باسيل ان العمل على قانون الانتخاب ليس مرحليا بل من اجل عام 2053، ونحن سنعمل على تطوير هذا القانون في 2030، من اجل ان يلبي طموحات المسيحيين ويحفظ تمثيلهم السياسي، ونحن بفعل القانون الحالي نستطيع الابقاء على التأثير ذاته حتى عام 2053، وانا اشتريت قانونا يفيد المسيحيين، ويحافظ على التوازن بصرف النظر عن المتغيرات الديمغرافية، مستعيناً بمخطط يبين صحة ما يقول.
وحول الاشارة الى كلمته في بشري خلال افتتاح مركز التيار الوطني الحريري يوم الاحد الماضي، ورفضه الاحادية، يجدد باسيل التأكيد ان لا احادية في البلد لأي فريق، وخير دليل على ذلك وجودنا في بشري، وهذا الموضوع ليس موجها ضد «القوات اللبنانية»، بل هو خطاب عام لنا ولكل الافرقاء في البلد، كما في بشري لا يوجد احادية كذلك في الجنوب والبقاع والشمال وغيرها من المناطق.
ولا ينسى الوزير باسيل في نهاية حديثه ان يغمز من قناة النائب بطرس حرب الذي سبق وتناوله شخصياً ويتهمه بأن حدود معرفته بالتطوّر محدودة.