Site icon IMLebanon

باسيل – فرنجية… الرئاسة لا تُحبّذ “المتحاصصين”

 

 

بغضّ النظر عن شكل الحكومة الجديدة وتقاسم النفوذ والغنائم، يُطرح جدياً مدى أهلية المسؤولين لتسلّم زمام الحكم نتيجة عدم تقديرهم حجم المخاطر التي تضرب البلاد واستمرارهم في حرق الوقت من أجل مصالحهم الخاصة.

 

لم تكن مسألة تأليف الحكومة تقنية بحتة، بل دلّت على عدم اكتراث الطبقة السياسية بمصير البلد وانحدارها نحو منطق المحاصصة، وكأن لا ثورة شعبيّة وليس هناك شعب نزل إلى الطرق وطالب بأبسط حقوقه.

 

وأظهرت أزمة تأليف حكومة “اللون الواحد” مجدداً الخلاف “الناري” والذي لا يعرف سقوفاً بين رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل ورئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وهذا الصراع هو رئاسي بامتياز، بحيث يتقاتلان على كرسي رئاسة الجمهورية في جمهورية تنهار وتغرق.

 

وينتظر الجميع أن يخرج فرنجية عن صمته، إذا لم يغيّر رأيه من المشاركة الحكومية، ويبقّ “البحصة” الكبرى ويكشف الأسباب الحقيقية لعدم مشاركته في حكومة برعاية حليفه “حزب الله”، مع العلم أن الأسباب بأغلبيتها باتت معروفة وأبرزها عدم الرضى عن حصته الوزارية.

 

وحسب تعليل مصادر قريبة من “المردة”، فإن الأخير يعتبر نفسه القوة الثالثة مسيحياً، “وهذا ما أثبتته نتائج الإنتخابات النيابية الأخيرة، كما أن لـ”المردة” نواباً حلفاء من طوائف غير مسيحية، وبما أن “القوات اللبنانية” التي تعتبر القوة الثانية مسيحياً غير مشاركة في الحكومة، فانه يحق لـ”المردة” بوزير إضافي وليس الإكتفاء بوزارة الأشغال”.

 

وإضافةً إلى عدم مشاركة “القوات”، يشير “المردة” الى أن حزب “الكتائب اللبنانية” والشخصيات المسيحية المستقلة غير مشاركين في الحكومة، بينما يبلغ حجم تكتل “لبنان القوي” 25 نائباً مسيحياً، أي أقل من النصف بسبعة نواب، وهنا يُطرح سؤال أساسي وهو لماذا تُختصر الحصة المسيحية بـ”التيار الوطني الحرّ” وسط عدم القدرة على فصل حصة “التيار” عن حصة رئيس الجمهوريّة؟

 

يقول تيار “المردة” بالفمّ الملآن “إننا لن نشارك في حكومة جبران باسيل”، وفي هذه الكلمات أكثر من إشارة سياسية سلبية باتجاه باسيل على رغم ضغط “حزب الله” على حليفيه، لكنّ نيّة “المردة” منح الحكومة الثقة وعدم وقوفه “حجر عثرة” أمام ولادتها، يؤكّد أنه يختلف مع “الوطني الحرّ” في التفاصيل المسيحية، لكنه في الخطّ الإستراتيجي يصطف إلى جانب “حزب الله” ولا يستطيع أن يخرج عن “بيت الطاعة”.

 

ولعلّ صراع الحصص بين باسيل وفرنجية هو من الأسباب التي رفعت منسوب غضب الشارع، إذ إن البلاد تحترق فيما القوى السياسية “تتناتش” الحصص.

 

ويُثلج خروج “المردة” طوعياً من الحكومة قلب باسيل، وهو بالتالي يكون قد تخلّص من “القوات” و”المردة” على حدّ سواء. ويؤكّد من يشارك في اتصالات التأليف أن باسيل يخرج من “طاقة” التأليف ويدخل من شبّاك بعبدا ليفرض شروطه، ولم تغير ثورة 17 تشرين شيئاً من سلوكه، بل زادته إصراراً على أنه لا يزال يمسك بأوراق اللعبة الداخلية.

 

لا ينكر “المردة” أنّه ندم على اعتباره و”التيار الوطني” جسماً واحداً منذ العام 2005، وانضمام مناصري التيار البنفسجي إلى التيار البرتقالي، وقد تفجّر الوضع بين الطرفين بعد إعلان الرئيس سعد الحريري ترشيح فرنجية إلى رئاسة الجمهورية، كل تلك التراكمات جعلت “المردة” و”التيار الوطني” يقفان وجهاً لوجه ويقتنصان الفرصة للإنقضاض على بعضهما البعض.

 

وأمام مشهد غليان الشارع، لا يأبه الثوّار لمشاركة هذا الفريق أو عدمه، لأن مطلبهم الأساسي هو حكومة إختصاصيين مستقلّة تتألف من وزراء أصحاب ضمير وطني يباشرون بالخطّة الإصلاحيّة المطلوبة.

 

لا شكّ أنّ إتصالات “حزب الله” ستتكثّف في الساعات المقبلة لتأمين ولادة الحكومة ومشاركة “المردة”، وفي حين أن الثورة أسقطت الطبقة السياسية، فإن تأليف الحكومة يثير تساؤلاً: كيف يمكن لفرنجية وباسيل أن يكونا مرشحين لرئاسة الجمهورية فيما هما يتقاتلان على الحصص الوزاريّة في أدق مرحلة من تاريخ لبنان، وليس همّهما الإسراع بتأليف حكومة تنقذ الشعب من العوز الذي يغرق فيه يوماً بعد يوم.