Site icon IMLebanon

باسيل في الجبل الامر دون تحديات وبمواكبة اشتراكيين

 

يوم الأحد في الخامس عشر من الشهر الحالي، زار وزير الخارجيّة والمُغتربين جبران باسيل منطقة الشوف، وخاصة رشميا في قضاء عاليه، حيث أطلق مواقف ناريّة في غياب مُمثّلين عن «الحزب التقدّمي الإشتراكي»، مُعتبراً أنّ العودة إلى الجبل لم تتم وأنّ المُصالحة لم تكتمل، الأمر الذي إستوجب جملة من الردود من قيادات عدّة من «الحزب التقدمي الإشتراكي». ويوم الأحد المُقبل في التاسع والعشرين من الشهر الحالي، سيزور رئيس «التيّار الوطني الحُرّ» «الجبل» مُجدّداً، لكن هذه المرّة بدون تحدّيات ومواقف عالية السقف، وبمُواكبة «إشتراكيّة» لمُختلف محطّات زيارته! فما الذي تغيّر؟

مصادر «التيار الوطني الحُرّ» رفضت أساساً الحديث عن مواقف نارية أو عن تحدّيات أطلقها الوزير باسيل في جولته السابقة ليتراجع عنها في جولته المُقبلة، وتحدّثت عن سوء فهم لكلامه الذي أكّد فيه أنّ العودة تحتاج إلى أسس نفسيّة وسياسية وإقتصادية لتكون مُكتملة من دون أن يُشكّك بالمُصالحة بحدّ عينها. ومصادر «الحزب التقدمي الإشتراكي» أكّدت من جهتها أنّه من غير المُستغرب أن يكون مُمثّلون عن الحزب الإشتراكي حاضرين في محطّات جولة باسيل المُقبلة، مُشدّدة على أنّ تعليمات رئيس الحزب النائب وليد جنبلاط تقضي بالترحيب بكل الضيوف، خاصة برئيس «التيّار الوطني الحُرّ».

لكنّ وبحسب أوساط سياسيّة مُطلعة فإنّ هذا التغيّر الذي طرأ على أسلوب تعاطي كل من «التيّار الوطني الحُرّ» و«الحزب التقدّمي الإشتراكي» يعود إلى إتصالات ثنائية حصلت في الأيّام الأخيرة، وتُوّجت بزيارة قام بها وفد من «التيّار» ضمّ كلاً من إيلي حداد وبول عون إلى «كليمنصو» حيث إستقبلهم النائب وائل أبو فاعور وأمين السرّ العام في الحزب الإشتراكي ظافر ناصر. وأضافت الأوساط أنّ اللقاء خُصّص لبحث سُبل إنجاح زيارة الوزير باسيل المُقبلة إلى الجبل، وضرورة إزالة أي إلتباسات حصلت، وأهمّية إعادة المناخات الإيجابيّة إلى المنطقة وبين الأهالي. وكان التوافق تاماً بين الطرفين على أن يُؤكّد الوزير باسيل في زيارته حرصه على المُصالحة في الجبل، وعلى أن يُواكب ممثّلون عن «الإشتراكي» وأهالي المنطقة من كل الطوائف الزيارة بكل إيجابيّة وترحيب.

وأشارت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى أنّ الوزير باسيل واجه بُعيد زيارته الأخيرة إلى الجبل، وبعيداً عن الإعلام، ردود فعل غير مُوافقة على تصاريحه التصعيديّة في حينه، حتى من جانب رئيس الجُمهورية العماد ميشال عون، ومن قوى سياسيّة يُفترض أن تكون في صفّ الحليف، لذلك إستعجل تصحيح الوضع بزيارة جديدة وبمواقف جديدة أيضًا، ولوّ أنّه سيحرص الأحد على تمرير بعض المطالب والتمنيات حفاظاً على ماء الوجه، وحتى لا يبدو بمظهر المُتراجع عن مواقفه الأخيرة. وأضافت أنّ «الحزب الإشتراكي» يرغب بدوره أن تمرّ أي زيارات إلى الجبل عبره، حتى لو كان دوره يقتصر على الترحيب والتأهيل بضيوف لا يتوافق وإيّاهم سياسيًا، وذلك لإثبات مرجعيّته في المنطقة ولتأكيد حاجة الجميع له.

وبالنسبة إلى إمكان أن يُثمر التقارب الحالي بين «الوطني الحُرّ» و«الإشتراكيّين» تحالفاً إنتخابياً ثنائياً في دائرة «الشوف وعاليه» الإنتخابيّة والتي تضمّ 13 نائباً، لفتت الأوساط السياسيّة المُطلعة نفسها، إلى أنّ النائب جنبلاط لا يزال يُحاول جاهداً تشكيل لائحة إئتلافيّة مُوسّعة تضمّ مُختلف القوى، تجنبًا لمعركة طاحنة لن تُهدّد المقاعد المسيحية المُنضوية ضُمن كتلة «اللقاء الديموقراطي» فحسب، إنما المقاعد الدرزيّة نفسها، خاصة وأنّه يعتبر أنّ وجود 7 مقاعد مسيحيّة (5 مارونيّة و1 روم كاثوليك و1 روم أرثوذكس) يكفي لتمثيل الجميع. وأضافت الأوساط أنّ لا تقدّم في هذا المجال حتى الساعة، حيث أنّ حزب «القوّات» يُصرّ هذه المرّة على أن يتمثّل في هذه الدائرة بنائبين وليس بالنائب جورج عدوان وحده، وحزب «الكتائب» يرفض التخلّي عن مقعد النائب فادي الهبر، وحزب «الأحرار» لن يتخلّى عن الإرث الشمعوني الذي كان حاسماً في الماضي في منطقة الشوف بشكل مجّاني، و«الإشتراكي» غير مُستعدّ للتنازل سوى عن مقعد واحد من مقاعد النوّاب المسيحيّين الذين يفوزون تحت جناحيه (هنري حلو وفؤاد السعد في عاليه، وإيلي عون ونعمة طعمة في الشوف). وتابعت الأوساط أنّ هذا الأمر يجعل الأماكن غير مُتوفّرة لدخول «التيار الوطني الحرّ» إلى أي لائحة بالكاد تتسع لشاغليها الحاليّين، خاصة وأنّ «التيّار» يطمح إلى إسترداد أكبر عدد مُمكن من هذه المقاعد، وتحديداً المسيحيّة منها.

وخلصت الأوساط السياسيّة المُطلعة إلى القول إنّ الهَجمة من جانب مُختلف القوى السياسيّة على المقاعد المسيحيّة في دائرة «الشوف ـ عاليه» تجعل من الصعب جدًا التوصّل إلى تحالف إنتخابي بين «الوطني الحُرّ» و«الإشتراكيّين». لكنّ الأكيد أنّ الطرفين أدركا أنّ التوجّه إلى مُواجهة إنتخابيّة حامية، لا يجب أن يتمّ في ظلّ ظروف سياسيّة وإعلاميّة مُتشنّجة بينهما، بل وسط أجواء هادئة ومُطمئنة للجميع وحريصة على تثبيت المُصالحة. وأضافت أنّ هذا بالضبط ما ستحاول زيارة الوزير باسيل إلى الشوف الأحد تثبيته.