يرى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل ان توجه بعض القوى السياسية الى ترشيح النائب سليمان فرنجيه لرئاسة الجمهورية يدل على مدى تأثير موقف “التيار الوطني الحر” في ميزات المرشح للرئاسة، أي أن يتمتع بقوة تمثيلية، وفرنجيه من خارج نادي الرؤساء غير التمثيلين الذين يفتقدون التمثيل الشعبي والنيابي، مضيفاً ان الوزن الشعبي والنيابي لفرنجيه ليس بمستوى وزن الجنرال عون لكنه أفضل من الرؤساء الذين مروا بقصر بعبدا وكانوا ضعفاء لافتقارهم إلى القوة الشعبية. ويلفت الى ان فرنجيه ذكر في مقابلته التلفزيونية انه مرشح للرئاسة اكثر من اي يوم مضى، لكنه لا يزال يردّد في لقاءاته الخاصة مع الشخصيات السياسية المؤيدة له ومع السفراء الغربيين والعرب لدى زياراتهم له والذين يحضون على انتخاب رئيس للجمهورية في أسرع وقت، انه غير مرشح للرئاسة ما دام الجنرال مرشحاً.
ويستغرب باسيل ما راج في الوسطين السياسي والاعلامي انه جعل فرنجيه ينتظر 10 دقائق في منزله في البترون قبل بدء الاجتماع، علماً أنه ليس الاجتماع الأول بين الرجلين في المنزل نفسه، وفق رئيس “التيار” الذي أوضح انه سبق أن زار نائب زغرتا نحو 50 مرة في منزله ببنشعي. واستغرب الضجة التي اثيرت على رغم التوضيحات على ما سبق الاجتماع. وما ظهر في مواقف بعض شخصيات قوى الثامن من آذار ان المأخذ الحقيقي على باسيل انه لم يهب لاستقبال الزائر قبل دخوله منزله وهو المرشح المنافس للجنرال على طريق القصر الجمهوري والذي لم يتردد في توجيه الانتقاد إلى تمسك النائب عون بترشحه الذي لم يؤد الى انتخابه.
ولاحظت مصادر ديبلوماسية تشارك دولها في “المجموعة الدولية لدعم لبنان”، في رد على سؤال لـ”النهار”، ان العوائق تتراكم في السباق الى قصر بعبدا الذي كان ثنائيا بين النائب عون والدكتور سمير جعجع واضحى ثلاثيا بعدما أضيف إليهما فرنجيه الذي ينتمي الى قوى الثامن من آذار، وهو جدي ويحظى بتأييد شرائح قوية من قوى 14 آذار في مقدمها الرئيس سعد الحريري.
واشارت الى ان سفراء تلك “المجموعة” أبلغوا دولهم بعد مقابلات أجروها مع فرنجيه واخرين تراجع الزخم الذي أعطاه الحريري في موقفه لدعم ترشحه والذي كان بمثابة “صدمة صعقت الأصدقاء قبل الخصوم” وفق تعبير احدى السفيرات التابعة لمنظمة دولية، وقد أثار هذا الموقف بلبلة ليس في صفوف “تيار المستقبل” وكتلته النيابية النيابية فحسب، بل أيضاً على مستوى بقية القوى السياسية وغير اللبنانية. وأفاد السفراء في تقاريرهم أيضاً أن الحريري نجح في معالجة مواقف وزرائه ونوابه وقياديي تياره وحملهم على تقبّل موقفه المتغير بمثابة 180 درجة، فتحوّلوا مدافعين ومروّجين لترشيح فرنجيه مع إشارة استعمال إلى عدم وجود “مبادرة” بل “حركة اتصالات سياسية” لإنهاء الفراغ الرئاسي. ويعود السبب في ذلك الى رغبة في ارضاء الدكتور جعجع المستاء من لقاء باريس بين الحريري وفرنجيه، والذي اعتبر نتيجة اللقاء بمثابة انقلاب عليه من أقوى حليف له في قوى 14 آذار. وترجمت التوجه المعدّل مواقف معلنة لمسؤولين في “تيار المستقبل” من وزراء ونواب وقياديين تحت عنوان “الحفاظ على روحية قوى 14 آذار”، خصوصاً أن “حزب الله” غير متحمس لتأييد الحريري لفرنجيه القطب في القوى المنافسة له، وذلك لأسباب متعددة:
أول هذه الأسباب، ان الجنرال عون لا يزال المرشح للرئاسة الذي يحظى بدعم الحزب، ولم يتأثر بموقف الحريري الذي يبقى مطلوباً منه إعلان موقفه من قانون الانتخابات النيابية وشكل الحكومة ورئيسها وتوزيع الحقائب من دون إهمال التعيينات العسكرية والإدارية وفي السلك الديبلوماسي.
ثانيها، فشل البطريرك الماروني بشارة الراعي في جمع الأقطاب الأربعة المرشحين للرئاسة كما أعلن قبل زيارته الأخيرة لمصر من أجل النظر في التطور المتمثل باستعداد الحريري لدعم فرنجيه للرئاسة، لأن رئيس “المردة” الذي زار بكركي الاسبوع الماضي بعيداً من الإعلام أكد عدم المشاركة في اجتماع قيادي اذا لم يتأمن التزام بقية المشاركين في ما سيتقرر بنتيجة المناقشات.
ثالثها: ان عون وجعجع تغيبا عن بكركي في عيد الميلاد لتهنئة سيد الصرح بالعيد في تعبير عن عدم رضاهما عن تصريحات البطريرك بعد عودته من القاهرة والتي دعا فيها الى تأييد موقف الحريري، واعتبرا ذلك بمثابة دعوة الى التخلي عن ترشحهما.
ودعت المصادر الى انتظار ما سيعود به القائم بالأعمال الاميركي ريتشارد جونز من توجيهات جديدة بشأن الاستحقاق الرئاسي الذي تراجعت احتمالات حصوله في المدى القريب، علماً أن جونز موجود حاليا في بلاده لتمضية فرصة العيد والتشاور حول الوضع في لبنان ومصير الاستحقاق الرئاسي. كما ان السعودية تنتظر نتائج ما سيتقرر في واشنطن بهذا الشأن.