IMLebanon

باسيل ترك خلية الأزمة… ماذا عن خليل؟

لم يلفت أحداً خبر انسحاب وزير الخارجية جبران باسيل في هدوء من «خلية الأزمة» المكلفة ملف العسكريين المخطوفين، فمشاركته في اجتماعاتها نادرة. لكن ما يجب التوقف عنده هو أنّ إنسحابه جاء مكمّلاً لموقف مماثل سبقه إليه وزير المال علي حسن خليل الذي جمَّد نشاطه بلا إعلام. فلماذا وصلت الأمور الى هنا؟ وما الذي تعنيه مقاطعتهما؟

تزامناً مع حملةٍ منظَمة تتعرّض لها خلية الأزمة المكلفة متابعة ملف العسكريين المخطوفين والدعوات التي أُطلقت لثني المدنيّين عن التعاطي بالملف وترك الأمور في يد العسكريين، كشف عضو تكتل «التغيير والاصلاح» النائب وليد خوري أنّ باسيل «انسحب من خلية الازمة… بعيداً من الضجة الاعلامية وأبلغ إلى «التيار الوطني الحر» ذلك»، عازياً سبب الانسحاب إلى أنّ «الامور لا تسير كما يجب داخل اللجنة وهناك اكثر من طرف على خطّ التفاوض»، لافتاً إلى ضرورة «التعاون مع سوريا في هذا الملف».

هذه المواقف عكَست انتهاء فترة الصمت لتُثير ضجيجاً في أروقة مقفلة في اللجنة وفي السراي الحكومي مع كلّ إجتماع لمجلس الوزراء. فمَن تولّى إعلان هذا القرار بعيداً من «الضجيج الإعلامي» كشف عمق الأزمة داخل الخلية نتيجة الخلافات العميقة في الآراء لجهة المداولات والاقتراحات.

وهي الخلافات نفسها التي امتدّت الى مجلس الوزراء بجميع أعضائه، فعكست مداولاته في هذا الملف حجم الأزمة التي حالت حتى اليوم دون إتخاذ ايّ قرار واضح وصريح في شأن مصير العسكريين، وآلية العمل الواجب اعتمادها لمواجهة هذه القضية وحلّها.

ويقول العارفون إنّ استقالة باسيل بحَدِّ ذاتها قد لا تؤثر في عمل الخلية الوزراية. فهو من المتغيبين عن 90 في المئة من إجتماعاتها بسبب استمرار وجوده خارج لبنان، سواء في جولاته السياسية او الحزبية او الحكومية، ولكنّ ربطها بالتجميد غير المعلَن لوزير المال علي حسن خليل أعطاها أبعاداً إضافية لا يمكن تجاهلها، لأنها فرضت قراءة جديدة للمعطيات التي تتحكم بعملها. وهي التي تحوّلت لجنةً لإحصاء العسكريين الذين قضوا شهداء بفصل رؤوسهم عن اجسادهم نحراً بالسيف او الخنجر ام إعداماً بالرصاص الحيّ في الرأس.

ومن هذه النقطة بالذات، يقارب اليوم عمل الخلية في غياب قطبين من أقطابها، يمثلان مكوّنَين اساسيَين ومجموعتين وزاريتين مهمتين في الحكومة، يمكنهما في حال الإصرار على مواقفها المتناقضة مع الفريق الآخر أن يشلّا حركة الخلية ونزع الصفة الشاملة عن عضويتها، طالما أنها باتت تضمّ رئيس الحكومة تمام سلام ووزيرَي الداخلية والعدل نهاد المشنوق وأشرف ريفي، وهم مِن مذهب وفريق واحد.

والأخطر أن تُلقى من اليوم وصاعداً على هذه المجموعة الوزارية تبعةَ اعباء هذه القضية الخطيرة التي باتت تنعكس سلباً على مظاهر الحياة في البلد، الذي تحوّل باعتراف الجميع أسيراً لتوجيهات تطلقها مجموعة ارهابية تتحكّم بحياة العسكريين وتدير البلد برسائل خلوية أمنياً وسياسياً، وتُحرّض على الفتنة المذهبية من خلال اختيار مَن تُعدِم ومَن تعفو عنه في اللحظات الحرِجة، بالإستناد الى تصنيف المخطوفين طائفياً، وهو ما قد يؤجّج الفتنة المذهبية بين أبناء المنطقة الواحدة، حيث بدأت ترتفع جدران من التهديدات يُعزّزها فقدان الثقة بين مجتمعات أمضَت عقوداً من الزمن متعاونة في السراء والضراء، قبل أن تبنى جسور من الحقد بين البزّالية وعرسال على سبيل المثال لا الحصر.

ومن دون الدخول في تفاصيل كثيرة، يراقب مَن يعنيهم الأمر التطورات المحيطة بعمل الخلية ومستقبلها على وقع أسئلة عدة. ومنها هل هناك قرار بإنهاء الخلية بعد عزل ما تبقى من أعضائها في كادر مذهبي مقفل؟ وهل إنّ ما يُحكى عن خلية أمنية تكون بديلة منها قد اقترب من التحقّق؟ وهل صحيحٌ أنّ كلّ ما يحدث سيُعقّد الأمور أكثر ممّا يحلّها؟

ليس في ما يحدث ما يجيب على أيّ من هذه الأسئلة، فكلها مشروعة ومطروحة. والى أن تتوافر الأجوبة عليها، على الجميع الاعتراف بأنّ الأزمة أعمق ممّا يتصوّره البعض، وأخطر ممّا هو متوقَع. فلماذا لا نصارح اللبنانيين وأهالي العسكريين بشيء من الحقيقة؟