IMLebanon

باسيل يلتقي نصر الله… ويتأهّب للمعارضة

 

حسمها رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. فضّل الخروج من الحكومة ليكون في صف المعارضة. لن تكون المعارضة للعهد الذي يرأسه رئيس الجمهورية ميشال عون، بل للحكومة. رأى رئيس التيار أنّ التفرغ في الآتي من الأيام إلى تحسين صورته والإلتفات إلى وضع تياره الداخلي من شأنه أن يؤسس لمرحلة جديدة في حياته السياسية. والقرار لن يكون بعيداً من مباركة عون الذي ارتأى أنّ الأوضاع لم تعد تحتمل مزيداً من المراوحة على وقع حراك الشارع وفي ظل الأزمتين السياسية والاقتصادية.

 

ولم يكن “حزب الله” ليوافق باسيل على خروجه من الحكومة. المفاوضات بين الطرفين متواصلة وبشكل مكثف وسط معلومات عن أنّ الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله قد استقبل باسيل خلال الأيام الماضية. وفي ردّها على السؤال عما إذا كان اللقاء قد عقد فعلاً قالت مصادر مطلعة على موقف “حزب الله”: “طبيعي أن يكون السيد نصرالله قد استقبل باسيل، من المنطقي ذلك وأن يكون قد أرسل إليه موفداً لمرات عدة ومن المنطقي أيضاً أن يكون السيد نصرالله قد أرسل لعون رسالة. والمشاورات لا تزال مستمرة ومكثفة بين الحزب والوطني الحر”.

 

وكانت لافتة الرسالة التي بعث بها رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى باسيل والتي تقول إنّ رئيس المجلس غير راض عن خروج التيار من الحكومة. رسالة قد تُفسر على أنها إصرار على حكومة تكنوسياسية، وعدم التماهي مع مطلب الحريري بحكومة اختصاصيين. خلال اليومين الماضيين تم التواصل بين بري والحريري ونصحه بالقول: “تفاهم مع عون فهذا الوضع لم يعد مقبولاً”.

 

في اللحظات الحساسة يظهر بري كشخصية محنّكة تدرك تماماً كيفية مقاربة الأمور وربطها. وهو كرئيس مجلس يتعاطى مع باسيل كرئيس تكتل نيابي واسع، يمثل رئيس البلاد وهو الخيار الأكبر مسيحياً، فلا بد من المطالبة بوجوده في الحكومة. يعتبر أن لا إمكانية للذهاب إلى حكومة من دون “الوطني الحر”، هو إذاً ربط بين ثلاثي حكومي قوامه “أمل” و”حزب الله” و”الوطني الحر”.

 

لكن الثنائي الشيعي قد يرضخ لخروج باسيل من الحكومة طالما جاء ذلك بناءً على موقف باسيل ذاته وليس تحت ضغوط الآخرين في الداخل والخارج، وهو سبق وتفاهم مع باسيل على هذه النقطة تحديداً.

 

وطبقاً للمعلومات المتوافرة فإن باسيل سيكون وتياره خارج الحكومة، وقد لا يسمي الحريري لرئاسة الحكومة، لكن الأمور بمجملها لم تحسم بعد بإنتظار ما سيخرج به نصرالله من مواقف متعلقة بالحكومة يوم غد الجمعة. وليس معروفاً بعد إذا ما كان التيار سيكون مستقلاً برأيه عن “حزب الله” بحيث يصار إلى فك الارتباط بموضوع التكليف أو هي عملية توزيع أدوار. وفي الحالتين لن يكون خروج “الوطني الحر” الموقف الوحيد الجديد بالنظر إلى ما ستليه من مواقف أخرى “مفاجئة عما قريب”.

 

وما دامت الإستشارات لم تؤجل، وهي لن تؤجل، فيعني أن الحريري سيُكلّف تشكيل الحكومة، لكن لا يعني هذا أننا خرجنا من المأزق بل قد نكون انتقلنا إلى مستوى جديد من الكباش لكن هذه المرة مع حامل اللقبين رئيس حكومة مكلف ورئيس حكومة تصريف أعمال.التأليف بعد التكليف

 

وأن يكون الحريري رئيساً مكلفاً تشكيل الحكومة، فالأرجح أن باسيل في صفوف المعارضة، والأرجح أن عدد الأصوات التي سينالها قد لا تصل إلى سبعين صوتاً، والأرجح أن تشكيل الحكومة سيتم في غضون فترة قصيرة. وتبني مصادر مطلعة على مواقف “حزب الله” تفاؤلها في ما يتعلق بتشكيل الحكومة عمّا قريب إلى المشاورات التي حصلت خلال الفترة الماضية. فقبل ترشيح محمد الصفدي ثم سمير الخطيب رسمياً وخلال فترة المشاورات التي تمت مع الحريري، كان كل طرف على بينة مما يريده في الحكومة. كانت العقدة الاساسية بعدم وجود باسيل في الحكومة، وإذا قرر أن يكون في المعارضة فإن الأمور المتبقية المتعلقة بالحكومة مقدور على حلها. والمباحثات الجارية تركز حالياً على التكليف وليس التأليف، وانما ثمة أمور باتت في حكم المؤكدة منها وأولها مشاركة “حزب الله” في الحكومة، وهذه نقطة مفروغ منها خصوصاً أن بري حسمها يوم قال للحريري: “إذا كنت تعتقد أن بإمكانك تشكيل حكومة بلا “حزب الله” فهذا يعني أنك تريد تشكيلها من دون الشيعة”.

 

وبناءً على تفاهم مسبق باتت مشاركة “حزب الله” حتمية، ولم يرتبط النقاش بالأسماء التي أرادها الحريري “لايت” ولم يعترض “حزب الله” الذي يعتبر أن التمثيل بالنسبة إليه واحد لا يتجزّأ وكما سبق وقال نصرالله إن “حزب الله” جناح واحد وليس فيه جناح عسكري وآخر سياسي وبالتالي فالأسماء التي سيختارها ستمثله حكماً كـ”حزب الله”.

 

وعما اذا كان خروج باسيل من الحكومة يعد انتصاراً للحريري وتصوير خروجه وكأنه جاء بناءً على مطلب الحراك باعتباره يتحمل مسؤولية الفساد وحده، تقول المصادر إنّ “الحل لهذه المعضلة سيكون بخروج أسماء أخرى من الحكومة كان لها دورها وحضورها وكانت تمثل أحزاباً سياسية كالوزير علي حسن خليل والوزير فنيانوس”.ثلاثة أيام فاصلة عن موعد الاستشارات النيابية الملزمة، وسيتم الانتقال من التكليف إلى التأليف، فإما تجري الأمور بسلاسة ويتم تشكيل حكومة أو نكون أمام فصل جديد من الأزمة والمراوحة، خصوصاً أنّ بري و”حزب الله” سيسميان الحريري حكماً بعدما أصرا على رئاسته للحكومة طوال هذه المدة وقبل حتى أن تخرج دار الفتوى بموقفها. فيما يسلّم التيار بتكليفه عملاً بنظرية الرئيس القوي في طائفته التي كرّسها عون ولا بد أن تكون سارية المفعول على غيره.