Site icon IMLebanon

باسيل يتسلم الشعلة من «الجنرال»: بدأ زمن المحاسبة

 

ليلة من العمر انتظرها العونيون أكثر من عشر سنوات. أرادوها تتويجاً لمسيرة نضالية طويلة ظنّوا أنّها رفعتهم فوق الشبهات. أرادوها احتفالية متميّزة بديموقراطية كانوا يفاخرون أنّهم «أمها وأبوها» وبأنهم الأوْلى بممارستها في صناديق الاقتراع… وإذ بها تتحول الى مهرجان تصفيق لخطيئة التوريث التي اعتقدوا أنهم لن يرتكبوها ولطالما عيّروا الآخرين به.

بشكل رسمي بدأ العهد «الجبراني». اليوم سيكون يوماً آخر في مسيرة «التيار الوطني الحر»، له ظروفه وطبيعته وأكلافه وامتيازاته. بعد العشرين من أيلول سيعطى مجد الرئاسة لجبران باسيل بعدما كان يمارسه بـ «تكليف الرابية» ومن دون أن يضبط بـ «الجرم»، مع انّ شواهده كثيرة.

ولكن سيكون لهذا المجد أثمانه أيضاً، لأن عليه تحمّل مسؤولية هذا الموقع وتبعاته. لن يتمكن بعد اليوم من نفض يديه من أي قرار أو خطوة تحصل داخل التنظيم أو من كل «غلة العشر سنوات الماضية»، ولن يتمتع بامتياز «التبرؤ» من أي تجاوز أو فوضى عفوية او مقصودة قد تحصل. لا بل ستتم محاسبته، ليس بالضرورة وفق الآليات التنظيمية، وانما بالتدليل بالإصبع أمام الرأي العام.

سيصعب عليه أن ينفض يديه من خسارة جديدة قد تلحق بالتيار أو من تخبط سياسي جراء خيار ينتهي بحائط مسدود، لأنه صار شريكاً بالقرار السياسي حتى لو أن ميشال عون لن يغادر الواجهة.

صار باسيل فعلياً الآمر والناهي لكل شاردة وواردة قد تحصل خلف الكواليس أو في العلن. صار مسؤولاً عن الولادة الثانية لـ «التيار» أو بالأحرى الولادة التنظيمية الأولى.

تحديات كثيرة تنتظر باسيل في رئاسته لأكبر تيار مسيحي على المستوى الداخلي كما الخارجي. سيتوجب عليه أن يكون حالة استقطابية لكل «الرفاق» المعترضين قبل المؤيدين للجلوس سوياً على طاولة مستديرة تحفظ للجميع مكانتهم وتزيل ترسبات الماضي وتشققات الانتخابات واحباطاتها.

وسيكون عليه أن يواجه منافسة الأحزاب المسيحية التي سال لعابها مذ بدأ الاعداد لمرحلة ما بعد ميشال عون، وراحت تشحذ سكاكينها لتقتطع ما يتسنى لها من القالب البرتقالي.

هكذا يتمنى المتفائلون منح الرجل فرصته ليثبت أنّه أهل لهذا الموقع وبأنّ جبران باسيل الرئيس غير جبران باسيل القيادي أو الوزير أو المرشح للنيابة. بنظرهم، بدأت بشائر الانفتاح تتحدث عن ذاتها: يعرف الرئيس الجديد أنه ليس بمقدوره أن يكون ميشال عون ثانيا ولا أن يتصرف مثله. ولهذا هو ملزم بلقاء كل عوني وكل حامل بطاقة ليتعرف اليه ويستمع اليه.

فعلاً هكذا يحاول أن يفعل. يقصد يومياً مبنى ميرنا الشالوحي للقاء المحازبين المتواجدين في المكاتب المركزية، يتصل بالمنسقين وبعونيين من غير الحزبيين. يعقد لقاءات مع معترضين وغاضبين ومحبطين ليقول لهم إنّ صفحة الانتخابات قد أقفلت وبأنّ «التيار» يتسع للجميع ويمكن الاستفادة من كل الخبرات.

عملياً، هو أمام فرصة جديّة لوضع «التيار» على سكة المأسسة المنتظرة منذ سنوات النشأة. لن يكون مضطراً لتكسير رأسه بالقضايا الاستراتيجية طالما أنّ ميشال عون هو من يصوغها بالفاصلة والنقطة، وانما عليه أن يحاول تعويض ما فاتهم وانتشال الحزب من احباطه وتقديمه نموذجاً قادراً على جذب الشباب الى صفوفه.

يعرف مؤيدو جبران باسيل كما معارضوه أنّ الحاجة الى صدمة توقظ التيار من سباته باتت ملحة. فالانكسارات المتتالية في السلطة بحجة أن التيار لا يستطيع بمفرده أن يحقق التغيير المطلوب والاصلاح المنشود في غابة المصالح، وفي الداخل بفعل التسوية القاتلة للروح الديموقراطية، تجعل الحاجة الى تحقيق انتصار أكثر من ضرورية، والا فإن تهمة «كلكن يعني كلكن» لن تكون ظالمة.

في الذكرى العاشرة لميثاق «التيار» سيطالبه رفاقه بأن يكون أميناً على تطبيق هذه الورقة وليس التطبيل والتزمير لها. سيطالبونه بإشراك من تذكرهم في يوم انتصاره، وعدم الاكتفاء بالتكريم الفولكلوري بل يكونوا سوية رفاق صفّ واحد، وليس «أبناء ستّ وجارية».

باسيل: لن نتخلى عن المناصفة

وفي احتفال حاشد تحت عنوان «تجديد مسيرة التيار الوطني الحر» وتابع باسيل تفاصيله حيث أجرى لأجله اتصالات شخصية مع المدعوين من سياسيين وديبلوماسيين واعلاميين وعونيين وأصدقاء، ألقى «الرئيس» كلمة أكد خلالها التزامه ثوابت «التيار» السياسية، ودعا الى «ملء ساحات بعبدا والتجمع أمام قصر بعبدا في 11 تشرين الأول»، لمناسبة الذكرى الـ25 لواقعة 13 تشرين الاول.

توجه باسيل الى المقاومين، قائلاً: «حماكم الله وللمحتلين نقول بجيشنا وشعبنا ومقاومينا سنقاتلكم ولاهل الشراكة نقول اننا عن المناصفة غير متزحزحين، ارفعوا ايديكم عن المناصفة وعن قانون انتخابي نسبي وعن رئاسة الجمهورية».

وسأل: «أين أنتم من النزوح حيث اتهمنا بالعنصرية فيما أوروبا الانسانية لم تتحمل 1% مما تحملنا»، و «للمسلمين في لبنان نقول لن نختار بديلا عنكم شريكا ولن نكون سوى مصدر طمأنينة».

وبعد أن ردد أننا تيار مسيحي، شدد على أنّ من «يدافع ويريد ان يحافظ على التعدد بالشرق عليه ان يحافظ علينا اولا».

ولفت الانتباه الى «اننا تيار اصغر من ان يمسك واكبر من ان يحجب»، مشيراً الى ان «التيار الذي يتخلى عن مناضليه لا يكون جارفاً بل يصبح مجروفاً»، وقال: «الويل للتيار الذي ينسى ويتخلى عن شبابه من أجل كباره».

وأعلن أن «التيار سيقول ممنوع شرعاً ونظاماً ان تشكّل اي هيئة من دون المرأة»، واوضح ان في «التيار» طوابق عدّة، «طابق المؤيدين، أي شركائنا في اختيار النواب ورؤساء البلديات والنقابات، وطابق الملتزمين عددهم 17 الفا والتزامهم هو بالوقت والجهد والمال لكن التيار ليس لنا وحدنا انما للكل وعلينا ان نطلع المؤيدين».

اما «الطابق الرابع ففيه الكوادر، وهناك 3200 موقع مسؤولية في التيار لاصحاب الاقتدار والاستحقاق، الطابق كبير ومسؤولياتنا أكبر، لنقول لمناصري التيار: لا تتباهوا باستقلاليتكم لأن لا قضية تنجح من دون جهد جماعي، وسيكون هناك 50 الف بطاقة ويكون التيار أكبر تيار مسيحي في الشرق».

وأشار الى ان التيار سيكون «اول تيار سياسي يعتمد النسبية في انتخاباته»، وتعهد بأن «يحترم نظام وشرعية التيار حفاظاً على لبنان وشعبه العظيم».

عون: لن أتقاعد

بدوره، رفض العماد ميشال عون المفاضلة بين الفوضى والرئيس الدمية، قائلا: «لتكن الفوضى اذا استطاعوا». واكد أنّه سيكون هناك رئيس من رحم معاناة المواطنين ونبض أحلامهم، وشدد على أن «المجلس الحالي لا يستطيع أن ينتخب الرئيس، ونحن لا ولن نقبل إلا بعودة الكلمة الفصل إلى الشعب اللبناني مصدر السلطات كي يمحو الباطل».

واعتبر ان «الأزمة الكبرى تكمن في عجز السلطة السياسية عن إعــادة تكوين نفســها ورفض كل مشاريعنا الإصلاحية لا سيما قانون الإنتخاب، والقانون الحالي لا يحترم المعايير التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني».

وأشار الى «أنني لن أترك ولن أتقاعد وسأبقى معكم وفاء لما تشاركوني في تحقيقه، وأنا قطعت عهداً لشهدائنا أن لا أوقف نضالي»، ودعا لتحصين العلاقة مع سوريا «لأنها دولة شقيقة مجاورة وهناك مسؤولية امنية مشتركة على الحدود».

 

الصحناوي يفضل «الفورمولا»

بدا الحضور السياسي الضيف معبرِّاً، لا سيما من جانب الحلفاء حيث كان الوزير محمد فنيش ممثلاً «حزب الله»، أما الرئيس نبيه بري فتمثل بالنائب قاسم هاشم. فيما بدا حضور الوزير نهاد المشنوق استثناءً لموقف فريقه ولافتاً على مستوى علاقته بـ «الجنرال». أما وفد «القوات» فكان أول الواصلين وضم: فادي كرم، شانت جنيجيان، ملحم رياشي وغسان يارد. وتمثّل «حزب الكتائب» بالنائب فادي الهبر، و«المردة» بالوزير السابق يوسف سعادة.

حضر السفير الإيراني محمد فتحعلي متأخراً وقوبل بتصفيق في القاعة، فيما لوحظ غياب السفير السوري علي عبد الكريم علي.

سجل غياب «الحزب التقدمي الاشتراكي» عن المناسبة برغم دعوته رسمياً للمشاركة.

غابت وجوه عونية نضالية أساسية، أبرزها نعيم عون، انطوان نصر الله ورمزي كنج وزياد عبس.

تردد أن نائب الرئيس نقولا الصحناوي غاب عن الاحتفال بسبب التزامه مسبقاً بحضور مسابقة «الفورمولا وان».

كما لوحظ الامتعاض على وجوه بعض الرسميين من السياسيين الحاضرين نتيجة تجاهل الترحيب بهم وبما يمثلون.