IMLebanon

باسيل يعمل على ان الملائكة تسكن في التفاصيل

اذا كان الدستور اللبناني اخذ عن الدستور الفرنسي وفق ما هو معروف فإن الدستور الاخير غالبا ما يضعه الجهابذة الفرنسيون تحت المجهر لتعديله وفق ما تقتضيه المراحل السياسية ليكون في خدمة الشعب على عكس المتبع في لبنان حيث الشعب في خدمة الدستور واذا ما طالب فريق بتعديل ليواكب العصر تقوم القيامة لدى افرقاء اخرين على خلفية قلقهم على المكاسب فليس المطلوب وفق الاعراف اللبنانية ان يكون الطربوش على قياس الرأس بل المطلوب «تنجير» الرأس ليصبح على قياس الطربوش وفق الاوساط الضليعة في فن الممكن، وهذا ما بدا واضحا في عملية انتاج القانون الانتخابي الذي يفترض ان يبصر اليوم النور على طاولة مجلس الوزراء ليحال الى المجلس النيابي وسط احتجاجات بعض الوزراء الذين يرفضون الباسهم دور الزوج اخر من يعلم من خلال تغييبهم عن المشاركة في وضع صياغة القانون كما اعلن الوزيران طلال ارسلان وعلي قانصو.

وتضيف الاوساط ان موضوع طرح النقاط العالقة في القانون العتيد على التصويت في مجلس الوزراء باتت اللغم الذي يهدد الحكومة باعتبار ان هناك تفاهما بأن يقرّ القانون بالتفاهم والابتعاد عن التصويت حيث اعلن الوزير علي حسن خليل والحاج حسين الخليل باسم الثنائىة الشيعية رفضهما المطلق لمبدأ التصويت مهددين بالاستقالة من الحكومة مع وزيري الحزب التقدمي الاشتراكي ووزراء اخرين في الاجتماع الاخير للجنة الرباعية التي تتولى المفاوضات في الامور التفصيلية في القانون المذكور فهل تكون الجلسة الحكومية انطلاقة الحل ام دخول البلاد في ازمة قاتلة قد تطيح كافة المؤسسات في الدولة؟

وتشير الاوساط الى ان ما يحصل في الكواليس السياسية الضيقة يؤكد يوما بعد يوم ان الخلاف على النقاط العالقة ليس لب المشكلة بل ان المشكلة تكمن في الصراع السياسي بين الرئاستين الاولى والثانية وكلام رئىس مجلس النواب نبيه بري عن «الدلع السياسي» موجه بشكل او بآخر باتجاه وزير الخارجية جبران باسيل الذي يعتبر ان «الملائكة في التفاصيل» وليس الشياطين ما يؤدي الى تعقيدات اضافية على حد تعبير احد طباخي القانون بالقول ان طروحات باسيل المطالبة بسقف تأجيل طائفي يؤدي الى اعلان نتائج الانتخابات قبل اجرائها ما يعيد الى الاذهان المثل الفرنسي المعروف «القانون كالقحباء كل يقبلها على طريقته» وان التعقيدات التي يجهد باسيل في خلقها هدفها الوصول الى قانون مفصل على قياسه كونه ذاق مرارة الهزيمة مرتين في انتخابات البترون وانه يخشى الثالثة على قاعدة انها ثابتة واذا ما حصلت فانها تقضي على طموحاته بان يكون من الاحصنة في مرمح السباق الرئاسي مع نهاية العهد العتيد.

وتقول الاوساط ان ما تشهده الساحة المحلية على صعيد اقرار قانون انتخابي جديد من خلال المماحكات ان دلت على شيء فعلى انها مرحلة تصفية حسابات سياسية بين اكثر من طرف ويبقى السؤال الذي يتداوله المراقبون عن الفائدة من شيطنة قانون الستين وتحميله المسؤولية عن انتاج المحادل الانتخابية، علماً ان القانون المرتقب اياً كان شكله سيؤدي الى محادل انتخابية جديدة تكرس اقطاعاً جديداً وفتياً على الحلبة السياسية وان الكلام عن الاصلاح والتغيير يبقى في خانة «الفن للفن» ويندرج في نفس خانة وعد باسيل يوم كان وزيراً للطاقة الكهربائية 24 على 24 في نهاية العام 2015. ولعل المضحك – المبكي ان اهل السياسة يعيشون في كوكب آخر غير آبهين بالفوالق الزلزالية والهزات الكبيرة انطلاقاً من مجريات الميدانين السوري- العراقي، والمواجهة الخليجية القطرية المرشحة للتحول الى ازمة دولية فهل يدرك المعنيون ان اللعب باعواد الثقاب قرب برميل البارود قد يطيح البلد كياناً وكينونة؟