بعد احداث الجبل الاليمة والدماء التي هُدرت على أرضه بسبب الخطابات «الباسيلية» الطائفية المذهبية الفتنوية الشعبوية، يتخوّف الكثيرون من ان تنتقل الازمة الى طرابلس «الفيحاء»، وهو ما دفع أبناء المدينة الى الاعتراض على الزيارة والمطالبة بتأجيلها الى حين تهدأ النفوس، كي لا تكون الزيارة لغماً جديداً يُساهم في تأجيج الصراع المذهبي.
بالرغم من هذه التحذيرات والدعوات الى تأجيل الزيارة أو إلغائها، يبدو معاليه مصمّماً على المُضيّ بزيارته «الثقيلة» تفادياً للظهور بمظهر المتراجع عن مواقفه، خصوصاً بعد ما أعلنه عن أن جولاته هي للتلاقي وقوله «سنزور كلّ المناطق وسنبقى على سياسة الانفتاح وسنكتشف من يريد افتعال الفتنة ويمنع التلاقي».
كما ان زيارة طرابلس تشكّل تحدياً مرغوباً لدى الوزير لأنّه يعتقد ان ذلك يرضي جمهوره، الذي يعتبره «قويّاً»، وليُثبت أن احداً لا يُمكنه أن يردعه وأنّ في إمكانه الذهاب إلى حيث يريد رغم انوف الناس في كل لبنان!
ولكن، هل يعتقد الوزير باسيل وفريقه ان طرابلس ستستقبلهم بأذرُع مفتوحة؟ الا يعتقد معاليه ان عليه ان يرسل رسائل إيجابية وتطمينات قد تخفف من نقمة الطرابلسيين عليه قبل زيارة المدينة؟ الا يعلم معاليه ان لدى الطرابلسيين سلسلة من المآخذ تجاهه؟
الم يقل معاليه من البقاع الغربي ان «السنيّة السياسية أتت على جثة المارونية وسلبت كل حقوقها ومكتسباتها، ونحن نريد استعادتها منهم بشكل كامل»، مع ان طرابلس تمثّل الثقل السنّي في التركيبة اللبنانية، وهو يمارس مع طرابلس مبدأ «انتزاع حقوق المسيحيين بالأظافر والأسنان»؟
الا يستمرّ الوزير في مهاجمة رئيس الحكومة والمسؤولين في المراكز السنّية، في السرّ والعلن، بالمباشر وبالوكالة، وصولاً الى استخدام لغة الوعيد والتهديد؟ فضلاً عن تعاطيه وفريقه السياسي مع رئيس الحكومة وكأنّه «باش كاتب» في انتهاك صارخ وواضح لاتفاق الطائف ومحاولة قضم وتقليص صلاحيات رئيس الحكومة عبر الممارسة وتكريس أعراف وهرطقات لا دستورية؟
الم يسبق أن اتّهم معاليه وبعض قيادات فريقه السياسي جزءاً من الطرابلسيين بالإرهاب واعتبر المدينة حاضنة للإرهاب، مما يرسل إشارات سلبية تجاه المدينة والجزء الأكبر من اهلها؟
الم يعرقل مشاريع أساسية تفيد المدينة، ومنها شركة «نور الفيحاء»، وحرم عكار من مشروع فرع الجامعة اللبنانية، ويسعى لحرمان طرابلس من المنطقة الاقتصادية لصالح البترون؟
الم يجمّد تعيين مجلس إدارة جديد لمعرض رشيد كرامي الدولي بحجّة المناصفة، وهو يجتاح المؤسسات في طرابلس ويحشوها بالموظفين المقربين منه على حساب أبناء المدينة؟
هل للوزير بعد هذا كلّه، بل أكثر، ان ينتظر استقبالاً بالأرزّ والورود وماء الزهر وان تقول طرابلس له «اهلاً وسهلاً، الدارُ داركَ»؟
يحقّ للوزير باسيل ان يزور ايّ منطقة في لبنان، ولكن عليه أن يحترم خصوصيّات المنطقة ومجتمعها وألا يَستفزّ أهلها. وبالتالي، يجدر على معاليه ان يعي ان طرابلس مدينة منفتحة تُحسن استقبال وإكرام وفادة الضيف، وهي مدينة العيش المُشترك، لكنها لن تسكت عن أي تصريحات عنصرية طائفية فتنويّة يطلقها، أو حركات استفزازية يقوم بها، أو «عنتريات» امنيّة و«عراضات» عسكرية تزعج اهالي الفيحاء وتستفزّهم، فيشتعل فتيل فتنة جديدة قد لا ينجو لبنان منها!
حبّذا لو يتبنّى معاليه خطاباً وطنياً جامعاً ويُطالب بـ«حقوق اللبنانيين» ويسعى لخير كل اللبنانيين بما يضمنه الدستور، وشعارات العيش المشترك!