يخطىء الذين يظنّون أنّ أمين عام حزب الله قد ينبري لردّ التصاعد الحادّ في موقف حليفه والناطق الرسمي باسمه رئيس المجلس النيابي نبيه بري وتعقيده الأمور في وجه حظوظ المرشّح الرئاسي الجنرال ميشال عون، وما ردّ بري»الحادّ والمُروَّس» على البطريرك بشارة الراعي إلا واحداً من وجوه استمرار التعطيل المرشّحة للتصاعد خلال الأيام المقبلة، برأينا الشخصيّ لا رئيس للبنان حتى يتّضح الوضع السوري بشكل نهائي، فحرّاس الوصاية السوريّة والمستفيدين الأول منها لن يتركوا لبنان يفلت من يدِ «الوصاية الشيعيّة» المفروضة على كلّ اللبنانيّين الآخرين بقوة سلاح حزب الله من ناحية و»تأبط الدستور» الذي يمارسه الرئيس نبيه منذ «تربعّه» الديموقراطي على كرسي رئاسة المجلس بقوّة الوصاية السوريّة تارةً، وقوّة سلاح حزب الله تارة أخرى!!
في الجلسة الثامنة عشرة لطاولة الحوار في عين التينة أخرج الرئيس بري إلى العلن «مناورة» اقتراح اتفاق دوحة لبناني، «الثنائيّة الشيعيّة» التي أسقطت اتفاق الدوحة بنداً تلو الآخر منذ العام 2008، لا تزال مصرّة على التمسّك بنتائج 7 أيار وما أفضى إليه من تكريس لتعطيل اتفاق الطائف وتطبيقه، وبأقنعة مختلفة، هذه المرة مصطلح «السلّة» هو القناع الذي تمّ تلوينه لاستمرار تعطيل انتخاب رئيس للبلاد، وما تصعيد رئيس المجلس إلا محاولة للالتفاف على الحراك السياسي الذي أطلقه الرئيس سعد الحريري، واستعجاله التصعيد بتصيّد عظة الأحد للبطريرك الراعي تكشف سرّ تأجيل جلسة انتخاب رئيس حتى نهاية تشرين الأول، التي سيتبعها تأجيل ثانٍ إلى حين تمرير الانتخابات الأميركيّة!
في الأساس «الثنائيّة الشيعيّة» وبالرّغم من أنها نَعمت بمرشحيْن من فريقها، وبالرّغم من أنّها تعرف أنّها قادرة على تعطيل تشكيل أي حكومة بعد الرئاسة عاماً على الأقل ـ وقد سبق وخبرنا هذا التعطيل ـ لا تثق إلا بتطويقها لكلّ المراكز الأُوَل في التي ستتغيّر بعد انتخاب رئيس، «الثنائيّة الشيعيّة» تريد أن تفرض اسم قائد الجيش واسم مدير عام الأمن العام ـ مع خشية حقيقيّة من استعادة الموارنة لهذا الموقع ـ واسم حاكم البنك المركزي في ظلّ حصار دولي مصرفي لحزب الله وشعبه وكلّ المواقع الأخرى إضافة إلى السيطرة على «وزارة النفط الموعود»، ولاحقاً الاستمرار في السيطرة على مجلس النواب لتعطيل الدستور بتكريس انتخاب الرئيس نبيه بري رئيساً لولاية جديدة تحت عنوان انّ هذا الموقع للطائفة الشيعيّة وهي الوحيدة التي يحق لها اختيار من يمثلها في هذا الموقع، فيما تمنع المسيحيين والسُنّة من تسمية من يمثّلهم في الرئاستين الأولى والثالثة، بحجّة «الديموقراطيّة التوافقيّة» التي كرّسها حزب الله دستوراً للبنان حتى تمكّنه من إعلان «جمهوريّة الوليّ الفقيه» في لبنان!!
أوّل الرافضين لسلّة الرئيس نبيه بري على طاولة الحوار في أيار الماضي كان تيّار المستقبل، فيما رحّب ممثلا رئيس تكتل «الاصلاح والتغيير» بطروحات برّي واقتراحاته، الحراك السياسي الذي أطلقه الرئيس سعد الحريري أفقد «الثنائيّة الشيعيّة» حججها في التعطيل، ولا يملك حزب الله إلا ورقة تصعيد الرئيس نبيه بري لقطع الطريق على وصول العماد ميشال عون إلى قصر بعبدا على أن يختبىء الحزب خلف حليفه والناطق والمفاوض الرسمي باسمه، ويملك الرئيس بري من الدّهاء ما يمكّنه من افتعال «مشكل» مع «الفرقاء» المسيحيّين لمحو أي أمل في إمكانيّة إنهاء الشغور الرئاسي وإخراج لبنان من «أبو غريب» الثنائيّة الشيعيّة وفنّ التعطيل!!
ثمّة مثلٌ لبناني يقول «يا دايم الدّوم.. كلّ مين إلو يوم»، لكلّ تعطيل نهاية، ولكل «فرعنة» لحظة غرق، وهم برغم ما هم عليه لا بدّ من أن تأتي لحظة إلهية «تقصفهم قصفاً» من كثرة ما استقووا على هذا الوطن وشعبه، أمّا عن «السلّة» وبضاعتها ومفاعيل 7 أيار التي يُراد لها أن تصبح دستوراً للبنان، أيضاً ثمة مثل سوري شعبي يقول «سلّة وسلّال.. والنوم حلّال»!!