هل يستطيع أحدٌ أن يحلَّ لنا، هذه الشبكةَ الغامضةَ للكلمات السياسية المتقاطعة والشبكات السياسية المتشابكة، والشباك الحزبية المشتبكة والمتقاطعة؟
هل هناك من يفسّر لنا، نحن شعب لبنان العظيم، كيف أنّ هؤلاء الآدميين مصرّون على التلاعب بأعصابنا ومصالحنا ومصيرنا، كأننا نحن حزازير الكلمات المتقاطعة في الشبكات.
الرئيس سعد الحريري، في البدْء كان الكلمةَ عنده الدكتور سمير جعجع، وتراجع عن جعجع فكان العماد عون هو الكلمة المتقاطعة، وتراجع عن عون فكان النائب سليمان فرنجية، ولا ندري ما إذا كان العماد عون سيكون بعد، هو المعجّل المكرر.
والدكتور سمير جعجع في البدْء كان هو الكلمة، ثم كان الكلمة المتأججة للعماد عون، ثم عادت نفسه تحنّ على نفسه. وحزب الله، كان عنده العماد عون في البدْء ممراً إجبارياً، ثم أصبح مرشحاً إجبارياً، ثم انتقل الى معطِّل إجباري.
وتنتقل الأدوار المسرحية من تعطيل الإنتخاب الرئاسي، الى ما هو أشبه بالمؤتمر التأسيسي الجوّال على غرار ما يعرف بالمراسيم الجوالة، يوم كانت الدولة جوالة بين المتاريس الميليشياوية والراجمات السورية.
لا مجال والحمدلله أن يعقد بعد مؤتمر تأسيسي على غرار ما كان في «الطائف» أو في «الدوحة»، فلا طائف يطوفون إليه، والطائف حسب القاموس «خيال يُبْصَرُ في المنام»، والدوحة «مظلة» باتت تحتاج الى مظلّة.
ولا مجال لأن يلتقي أهل المؤتمر التأسيسي على الكراسي في الفنادق يتوزعون الكراسي وقد أرهقت من جلوسهم الثقيل، ولم تتوصل شياطينهم الى التحاور في جلسات الحوار، فيما الله جلّ جلاله حسب القرآن كان يحاور الشيطان.
إنه إذاً المؤتمر التأسيسي الجوال، ولا انتخاب ولا نواب ولا نصاب ولا دستور ولا قانون بل «سلة» اعتبرتها بكركي أنها تحمل تفاحة حواء تلك التي سببت الخطيئة الأصلية للبشر وقد عبِّئتْ من سوق الجملة بسلعٍ إسمها رئيس الجمهورية ورئيس المجلس النيابي ورئيس الحكومة، وقانون الإنتخاب، ووزراء المالية والطاقة والخارجية والداخلية، وشركات تلزيم النفط والنفايات وكل ما يحتوي جراب الكردي في إحدى قصص ألف ليلة وليلة: «هات يا خادم الجراب، لبيك يا صاحب الجراب».
ومع هذا، لن نسأل كيف يكون حجم صاحب الفخامة الذي يُطرح بالمزاد العلني، وكيف يكون الرئيس القوي «ورمز وحدة الوطن والمؤتمن على الدستور واستقلال لبنان وسلامة أراضيه..» وكيف يكون «الممر الإجباري» الى بعبدا خاضعاً لشروط المرور عبر ممرات الأخرين.
بل نرجو للرئيس الحريري كلّ التوفيق في مسعاه، ونتمنى عليه، وقد أطل علينا ملتحياً، كما نتمنى على سائر السياسيين، أن يحلقوا لحاهم المستعارة ويُبقوا على شواربهم.