«موزاييك» القضاء على محكّ اختبار القوى «تقليعة» المتن: مع ميشال المر… أو ضدّه؟
حين يبلغ فيروس الانتخابات البلدية جرد المتن الشمالي، تسرق بسكنتا الأضواء. البلدة الأكبر في القضاء لناحية عدد الناخبين (أكثر من سبعة آلاف ناخب مسجل على لوائح الشطب) لها مكانتها على خارطة المعارك الانتخابية، ولها رمزيتها، التي قد تكون مرتبطة بطريقة أو بأخرى، بالمشهدية النيابية.
اعتاد البعض في بسكنتا أن يقدّموا أنفسهم الى واجهة الترشيحات النيابية في المتن، لسبب بسيط يتمثل في كونهم أبناء كبرى بلدات القضاء وخزّانه البشري، ما يمنحهم، باعتقادهم، أفضلية التقدّم على غيرهم. وهذا ما يفسّر طفرة الترشيحات «البسكنتاوية» والتنافس بين فعالياتها على نيل اللوحة الزرقاء.
ولا تكمن أهمية الاستحقاق هنا في الحجم الديموغرافي للبلدة فقط، وانما لأنها تشكل «موزاييك» سياسياً قلّ نظيره، يجمع بين «التيار الوطني الحر» وهو الأكثر حضوراً بين أقرانه، «القوات»، «الكتائب»، الحزب السوري القومي الاجتماعي، «الحركة التصحيحية في القوات»، حزب «الوعد» (كون بسكنتا هي مسقط رأس ايلي حبيقة)، و «الأحرار»…
ولهذا ربما يسقط التفاهم الثنائي بين «التيار الوطني الحر» و «القوات» على حدود البلدة، بعدما عجز ركنا التحالف الجديد عن تمديد مفاعيله الى قلب بسكنتا، واستسلما لطبول معركة قاسية صار لا مفرّ منها. لربما هو نوع من استعراض العضلات أو اختبار قوّة تريده الأحزاب المسيحية لتثبت حضورها في جرد المتن، من بوابة بسكنتا. بمعنى آخر، تخاض معركة بلدة ميخائيل نعيمة تحت عنوان مكتوم: مَن يمسك بأعالي المتن؟
هكذا، يفترض أن يتكرّر سيناريو العام 2010، يوم تواجه العونيون والقواتيون في لائحتين خصمتين، مدعّمة كل منهما بتحالفها. ويومها، انتهى الى فوز لائحة طانيوس غانم المدعومة من «القوات» و «الكتائب» و «الأحرار».
وقد فرض سيناريو المواجهة بعدما فشلت كل محاولات التفاهم لجمع القوى المسيحية، الخصمة والحليفة في قائمة واحدة تحت عنوان التوافق. حين طُرحت الفكرة وقع الاختيار على رازي وديع الحاج، مع أنّ الأخير طامح نيابياً، على أن يكون رئيس بلدية توافقياً شرط أن ينجح في إقناع رئيس البلدية الحالي في عدم الترشح لدورة جديدة، لكن الأخير أصرّ على موقفه وعلى الترشح مهما كلّف الأمر.
اما المفارقة فكانت في عدم ممانعة أي من الأحزاب، الجلوس وجهاً لوجه على طاولة البلدية الواحدة. فلا الكتائبي أو القواتي يمانع وجود القومي ولا للأخير أي اعتراض عليهما. بالعكس، فقد أبدى الجميع، في بداية الرحلة التفاوضية مرونة، تبررها الأحزاب بالخصوصيات المحلية، كي تسقط الحواجز العقائدية والخلافات السياسية.
ولكن بالنتيجة وبعد فشل المفاوضات، لم يكن أمام العونيين سوى خيار المعركة، مع أنهم حاولوا مع القوات البحث عن اسم بديل يكون وسطاً بينهما، لكن المحاولة باءت بدورها بالفشل، وارتأت هيئة بسكنتا البرتقالية أن تذهب الى خيار المعركة بعدما نالت «بركة» الرابية في خوض مواجهة مع «الحليف الجديد»، من دون أن يؤثر هذا الاستثناء على سير المعارك الأخرى لا سيما في محيط بسكنتا.
والتقى العونيون والقوميون و «الحركة التصحيحية» في القوات اللبنانية مع مجموعة كبيرة من العائلات لتشكيل لائحة باتت شبه مكتملة وأحيلت رئاستها الى الياس كرم وجورج علم (مناصفة)، وكلاهما مقرّبان من «التيار». وقد انتهى «طباخو» اللائحة من تشكيلها حيث يفترض اعلانها خلال الأيام القليلة المقبلة.
في المقابل أبقى القواتيون والكتائبيون على دعمهم لرئيس البلدية الحالي بالتحالف مع رازي الحاج الذي ترشحت والدته على لائحة غانم. وطبعاً سيفسد هذا الخيار، علاقة الحاج مع عونيي بسكنتا وقد يُبعده أيضاً على لائحة «ترشيحات الاحتياط» النيابية التي قد تُرفع الى طاولة الرابية، خصوصاً أنّ البرتقاليين تمنّوا عليه الوقوف على الحياد إذا ما أُديرت مولدات المعركة، لكنه فضّل أن يكون في جبهة رئيس البلدية بمواجهة اللائحة الأخرى.
في المقابل، يقول القواتيون إنهم يجهلون الأسباب الحقيقية التي فرضت المعركة في بسكنتا وينفون أن تكون مسألة صراع نفوذ أو وجود في الجرد، ويؤكدون أنهم كانوا جدّين في السير بترشيح رازي الحاج كمرشح توافقي بمعزل عن ترشّح رئيس البلدية، معتبرين أنّ تحجج العونيين بترشيح الأخير ليس سوى الإصبع الذي اختبؤوا خلفه كي يذهبوا في خيار المواجهة، لأنّ التوافق بين القواتيين والعونيين على اسم رازي الحاج سيجعل من موقف طانويس غانم ضعيفاً. ولهذا لم تكن الحجة مقنعة بنظرهم. وكانت المعركة.