Site icon IMLebanon

غرباء عبد اللهيان

 

 

أقرّ وزير الداخلية بسام المولوي بأنه لبّى “إستدعاء” النائب جبران باسيل له لـ”يتعرّف إليه” قبل تشكيل الحكومة، وذلك بعد موافقة الرئيس المكلّف، آنذاك، والكلّي الصلاحيات نجيب ميقاتي.

 

صحيح أن معاليه أنكر تلقّيه أي إملاءات خلال “الإستدعاء”، إلا أن الإقرار لا يحتاج إلى تعليق ليدل على أن تفاهم “مار مخايل” هو من يحكم البلد بتفويض من الباب العالي، وبتوزيع أدوار لا يفسد لها ودّاً بعض الإنتقاد الموسمي لزوم الشعبوية القائمة على إذكاء نار الغرائز الطائفية. ولا بأس بشكليات للتمايز وأصوات من هنا وهناك للتعمية على تراتبية سلم الأولويات المصان.

 

المهم أن تسير بنود هذا التفاهم على هدى التنسيق الضيق لتطبيق أجندة محور الممانعة، منذ لحظة توقيعه حتى لحظتنا الراهنة. ولا يزال وفياً من يغطي المحور ملتزماً بـ”الخط” المرسوم، على النقطة والفاصلة، ويحصل بالمقابل على الإمتيازات التي تخوِّله شلّ تشكيل الحكومة، إلا بعد أكثر من عام، وبعد إجراء فحص”ذمية” ليس فقط لرئيس الحكومة، وإنما للوزراء.

 

بالتالي يصبح الإعتراض على من ينتقد “التحجيم” المستمر لرئيس الحكومة هباءً منثوراً. فالأدلة أكثر من الهم على القلب. وهذا “التحجيم” ليس مرتبطاً بالعهد القوي، وإن كان يصبّ في خانة مصالحه ليعوض خسارته شعبيته وهيبته المهدورة على عتبات الـ”الهيلا هو”. وإنما هو في إطار وحدة “المسار والمصير” التي تطبق خطة رأس المحور بحذافيرها، سواء في مداها المنظور أو الأبعد، ومروراً بكل المراحل التي شهدناها وليس إنتهاءً بما سوف نشهده لجهة الإغتيال المتدرج والمتسلسل لمقومات البلد ومؤسساته حتى يصبح في قالب الممانعة بكل ما فيه ومن فيه.

 

فرأس المحور يعرف ماذا يفعل. وهو لا ينطق عن الهوى وإنما يعمل لتحقيق “السبيل الأمثل والأكمل لخروج الغرباء من المنطقة”، على ما قال وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي قرن هذا الخروج بالحوار والمفاوضات. والأمر بديهي بعد النجاح في إلحاق لبنان بسوريا والعراق واليمن من حيث الخراب الشامل ودك أسس حياة الشعوب في هذه البلدان التي تشكل أوراقاً دسمة، ليس فقط للحوار والمفاوضات، وإنما للإستثمار وإستغلال النفوذ بغية تغذية موارد رأس المحور حتى يستمر في صناعة ميليشيات تحميه كـ”حزب الله” والجيش السوري والحشد الشعبي وأنصار الله.

 

أما من هم الغرباء؟؟ فالسؤال جوابه حاضر. هم كل الذين يحلمون بالحرية والسيادة والعدالة ويسعون إلى مكافحة فساد المنظومات التي يستخدمها المحور لتنفيذ أجندته فيعرقلونها ويشوشون عليها. وغالبيتهم من غرباء الداخل، الذين لا يستوي معهم حوار او مفاوضات، لذا يصار إلى إجتثاثهم بالقتل او التهجير.

 

وغني عن التذكير أن التخلص من غرباء الداخل يفتح الطريق أمام المفاوضات مع غرباء الخارج.

 

من هنا ربما تتوضح الصورة. ومن هنا يصبح إقرار وزير داخليتنا بتلبية إستدعاء باسيل له دليلاً على أن “التحجيم” بدأ قبل فك أسر التشكيلة الوزارية بفعل “الصلاحيات الإستثنائية” التي منحها المحور للعهد القوي، في إنعكاس لموازين القوى الداخلية، ليصبح المتحكم بمؤسسات الدولة، ويديرها وفق أجندة الممانعة، في الأمور الصغيرة، كما الكبيرة. والأهم أن ثمن هذه “الصلاحيات الإستثنائية” تم تسديده من خلال تقديم أوراق إعتماد وسجل عدلي وبراءة ذمة من الهم الوطني الذي قد يتعارض مع العمل ليل/‏نهار لتنظيف الساحة من غرباء عبد اللهيان ومحوره.