IMLebanon

تناقضات الخطاب وتبنّي الحلول الحريرية

 

يقول بعض السياسيين أشياء كثيرة في خطابات مطولة تتناول كمية من المواضيع فيصدر عنهم الشيء ونقيضه، في عملية تبرير مواقفهم غير المفهومة أمام الرأي العام، فيقعون في التناقض وهم يوزعون الشعارات الرنانة. واحد من أسباب السقطات التي تكشفهم أنهم في غالب الأحيان يخاطبون جمهورهم. وإذا كان هذا الجمهور غير مكترث يصبحون كمن يخاطب نفسه أمام المرآة من أجل أن يُعجب بنفسه.

 

لم يعد الجمهور مكترثاً إلا بمعرفة ما سيؤول إليه سعر صرف الليرة، وإلى أي مدى ستنفع تدابير الحكومة للحد من ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، وما سيحصل عليه الأكثر فقراً من مساعدة مالية… وصولاً إلى التأكد مما إذا كانت القيود على الحركة بسبب وباء كورونا ستخفف في اليوم التالي، لعل ذلك يعينه في البحث عن قوته بالنسبة إلى البعض، أو لزيارة مصرفه للحصول على ما أمكن من ماله… بالنسبة إلى البعض الآخر، وسط القلق على الودائع. اللبنانيون أسرى مشاكل الحياة اليومية فيما العديد من الأحزاب يشعر بالضعف على رغم نفيه ذلك.

 

بالأمس طلب رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل من البطريرك الماروني بشارة الراعي “دعوتنا إلى العمل معاً ونحن حاضرون لأي جهد مشترك”، في وقت يعتبر فريق الرئاسة أن مهمة التلاقي تقع على رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي أعلن بالنيابة عنه أنه “لن يستقيل”. هل يقر باسيل بذلك بأن الرئاسة لم تعد قادرة على جمع الفرقاء، بعدما تخلف خمسة منهم عن “اللقاء الوطني لبحث الخطة الاقتصادية” في بعبدا قبل أسبوعين؟ صادر باسيل مبادرة الراعي بالاستعداد لوضع أملاك الكنيسة بتصرف خطط الإنقاذ، ولم تكن قد مضت ساعتان على إعلان البطريرك عنها. رفض باسيل التوسط معه “لطلب القرب السياسي” وأبدى استعداده “لأي تفاهمات” مع أي جهة خارجية وداخلية للتعاون… هاجم سياسة التسعينات لا سيما في الكهرباء مجدداً، واستنسخ حلولاً ومشاريع منذ تلك الحقبة، فتخاله أحد أبناء الحريرية السياسية. رفض اتهام القاضية غادة عون بالانحياز ضد خصومه وأنها قاضية القصر الجمهوري وحذر من “توقيف أناس محسوبين علينا بالسياسة”. خاطب “شعب” تياره ودعا إلى اللامركزية الإدارية والمالية، وتطبيق اتفاق الطائف وإلغاء الطائفية… في وقت لم ينص الطائف على اللامركزية المالية…

 

رمى باسيل مسألة المعابر والتهرب الجمركي على أجهزة الأمن والقضاء، هرباً من أي دور له كحليف لـ”حزب الله” في دعوته إلى تسهيل ضبط معابر التهريب.

 

سبقه في الحديث الأمين العام لـلحزب السيد حسن نصرالله بالتأكيد أن التهريب يحصل تقليدياً إلى سوريا، لكنه اشترط ضبطه بالتنسيق مع الحكومة السورية، راعية التهريب بالتعاون مع حزبه. نفى نصرالله حصول انسحابات إيرانية (ومن الحزب) من سوريا لكنه أكد حصولها حيث لا حاجة لقوات.

 

بماذا تفيد كل هذه التناقضات، في مخاطبة قياديين لـ”شعبهم” في إقناع “الشعوب الأخرى” في لبنان ،بأنهم يقدمون لهم أجوبة عن معاناتهم اليومية؟