Site icon IMLebanon

«التيار الوطني الحر» و«حماس».. والترانسفير ثالثهما

 

 

 

هو لقاء لافت للنظر في توقيته ومضمونه ذلك الذي حصل بين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل و«التيار ووفد حركة «حماس»، ما يؤشر الى طبيعة التعاطي اللبناني مع الموضوع الفلسطيني في لبنان ولاجئيه في خضم مرحلة دقيقة تمس بموضوع اللاجئين فيه.

 

إنها ليست الزيارة الوحيدة لـ«حماس» على المرجعيات السياسية اللبنانية، لكنها الأهم وتتخذ دلالاتها على صعيد العلاقة مع العهد ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون. فقد التقى الوفد برئاسة الدكتور أحمد عبد الهادي الرؤساء نبيه بري وحسان دياب ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري والزعيم «الإشتراكي» وليد جنبلاط ورئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، والهاجس الأهم يتمثل في حماية قضية اللاجئين في ظل الخطة الاسرائيلية لضم الضفة الغربية.

 

تفاؤل مع وصول عون

 

الواقع أنه منذ وصول عون الى الرئاسة، أظهر الفلسطينيون تفاؤلا ببداية عهد لبناني جديد، يطلب منه هؤلاء النظر «بعين متوازنة» الى الشتات الفلسطيني في لبنان، وأن لا تقتصر المقاربة لوضعهم بـ«الرؤية الأمنية»، وذلك انطلاقا من خطاب القسم لعون الذي أكد فيه على حق العودة وتنفيذه، في مسار مغاير للسابق ما كان سيشكل بداية جيدة للمطالبة بحقوق إجتماعية وإنسانية وقانونية.

 

اليوم، لم تغب تلك النظرة أو أقله الأمل فيها، وثمة بحث عن الدعم السياسي لدى «التيار الحر» الذي يمثل فعليا الرئاسة وهي المرجعية اللبنانية الأعلى التي تدعم اليوم العودة التي تشكل جوهر القضية الفلسطينية.

 

واليوم، في ظل مسعى الحكومة الاسرائيلية المتطرفة لضم الضفة الغربية، سيكون لذلك الأنعكاس بالغ السلبية على لبنان على صعيد موضوع اللاجئين الذين سيتعرضون لتهجير جديد نحو الدول المجاورة وخاصة الأردن ولبنان، مع ضم ثلاثين في المئة من الضفة.

 

هي إذاً الخشية من ترانسفير آخر التي جمعت بين الجانبين، ويتمثل الجديد في دعم سياسي كبير أظهره باسيل تجاه ما يحكى عن «صفقة القرن» التي يتوحد الفلسطينيون في رفضها.

 

باسيل القادم من بيئة مخاصمة للوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، أظهر تفهمه للمطالب بتخفيف الاجراءات لمواجهة معاناة اللاجئين وهي في الواقع مصلحة لبنانية فلسطينية مشتركة لمنع التهجير والتوطين، علما أن موضوع القيود على عمل الفلسطينيين بحثته «حماس» مع فرنجية الذي حصل على وزارة العمل في الحكومة الحالية، وكان وعدٌ من زعيم «المردة» باستثناء الفلسطينيين من قيود وضعها وزير العمل السابق على عمل اللاجئين المتواجدين في البلاد منذ أكثر من 70 عاما.

 

على ان اللقاء مع باسيل الذي يعد الاول له رئيسا لـ«التيار» مع «حماس»، كان فاعلا في سياسة الانفتاح للحركة على «المجتمع المسيحي» والتيار أكبرها على هذه الساحة، علما ان العلاقات بين «حماس» وقوى أخرى كـ«القوات اللبنانية» و«الكتائب» لا زالت في حاجة الى عمل لناحية تفعيلها.

 

وقد أفادت إيجابية «التيار» والعهد على هذا الصعيد في خطاب جديد و«دعم للموقف الفلسطيني المُوحد في وجه صفقة القرن» حسب المتابعين للزيارة.

 

على ان ذلك لم يحل دون اختلاف في عبارات خلاصتي باسيل والحركة تجاه الزيارة، وهو أمر طبيعي. فبينما ترفض «حماس» عملية السلام برمتها أو «التسوية»، كان بيان «التيار» لافتا للنظر في عباراته عبر إبداء باسيل تعاطفه الكامل مع القضية الفلسطينية وشجبه لأي عملية ضم من إسرائيل للضفة أو لأي أرض فلسطينية أو عربية، مؤكدا وقوف التيار بالكامل إلى جانب الشعب الفلسطيني في نضاله لاستعادة «دولته» وعودة جميع الفلسطينيين إليها. أي بمعنى آخر، تأييد باسيل لعملية السلام «الفاشلة» في قراءة الحركة.

 

تراجع إسرائيلي عن الضم

 

وتأتي الجهود الفلسطينية من كل الفصائل في فترة تراجعت فيها دعوات الضم الاسرائيلية أو تأجلت.

 

ولذلك عوامل عديدة كمحاولة الابتعاد الاميركية عن المشاكل في المنطقة قبل أسابيع من الانتخابات الداخلية الصعبة، وعدم الحماسة الإسرائيلية بعد تقارير الاستخبارات العسكرية أي الجيش، وتلك الداخلية «الشين بيت»، دعت الى تأخير ذلك أو اللجوء الى الضم المتدرج لعدم استثارة الفلسطينيين، محذرة من انتفاضة فلسطينية جراء خطة الضم الموضوعة بينما لا يتحمل الوضع الداخلي الاسرائيلي هذا الانفجار، إضافة الى عامل بالغ الأهمية وهو الموقف الفلسطيني المُوحد الصامد والمواجه لتلك الخطة.

 

أين الحوار مع لبنان؟

 

وسط هذه المساعي الفلسطينية، لا زالت التساؤلات مشروعة حول سبب تعقد الحوار مع الحكومة اللبنانية.

 

وآخر تلك التعقيدات تمثل في عدم اتفاق الحكومة والفصائل على ماهية الوفد الفلسطيني المفاوض وأعضائه. إذ تشير أوساط لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني إضافة الى متابعين لموضوع الحوار، الى أن البعض في «تحالف القوى الفلسطينية» لا يريد الاقتصار في الحوار على تياري التحالف و«منظمة التحرير الفلسطينية»، بل يريد إضافة القوى الإسلامية التي ظهرت أخيرا وتمثيل 20 فصيلاً في الوفد المفاوض الذي تترأسه حركة «فتح» وتتناصفه المنظمة مع التحالف، ما ترفضه اللجنة.

 

وتطرح هذه الإشكالية تحدياً أمام الفلسطينيين الذين غالبا ما رمت الحكومات اللبنانية المتعاقبة اللوم عليهم في عدم تقدم الحوار نتيجة خلافاتهم وعدم اتفاقهم على وفد موحد لهم لمفاوضة الحكومة، في ظل صرخاتهم الدائمة حول حقوقهم المهدورة.