Site icon IMLebanon

تحديات التأليف تُسابق تصدعات فريق الحكم

 

خسائر التيار بالجملة.. الانتخابات الفرعية مؤجلة.. ولا عودة سريعة للسوريين

 

مع مطلع الأسبوع الثاني لصدور مرسوم التكليف، بدأ العد العكسي لولادة الحكومة الجديدة، في أجواء يسودها الكثير من التصدع والتردد من جانب فريق الحكم اللبناني، يقابله المزيد من الترقب والحذر من جانب الفريق الفرنسي، المولج بمتابعة تنفيذ بنود مبادرة الرئيس الفرنسي مانويل ماكرون، الذي دفع بثقله السياسي والديبلوماسي لانتشال الدولة اللبنانية من مهاوي الانهيار الراهن.

 

ورغم أن مهمة الحكومة العتيدة ستتركز على خطوات إنتقالية سريعة في مجالات الإصلاحات المالية والإدارية، وإيجاد حلول جذرية لمشكلة الكهرباء، والإعداد لمفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي، وترميم ما أمكن من علاقات لبنان مع الدول العربية، وخاصة الخليجية، فإن فريق رئيس الجمهورية يتعامل مع تركيبة الحكومة تحت ضغوط هواجس من أن تكون الحكومة الأخيرة في هذا العهد، لذلك فاجأ هذا الفريق الجميع بما طرحه الرئيس عون في لقائه الأول مع الرئيس المكلف مصطفى أديب الأسبوع الماضي حول صيغة حكومية موسعة تضم ٢٠ أو ٢٤ وزيراً، بحجة عدم تولي كل وزير أكثر من حقيبة واحدة، ومطعّمة بشخصيات سياسية، الأمر الذي يُعتبر خروجاً على ما تم الاتفاق عليه مع الرئيس الفرنسي.

 

وبانتظار ما ستسفر عنه اتصالات الأسبوع الحالي في تحديد حجم وشكل الحكومة العتيدة، أوجزت أوساط سياسية مطلعة الوضع السياسي الراهن في البلاد على النحو التالي:

 

أولاً: تداعيات التطورات المستجدة

 

تكبد فريق رئيس الجمهورية، ممثلاً بالتيار الوطني الحر، سلسلة ضربات موجعة في عدد من الملفات الأساسية، يمكن اختصارها بالنقاط الآتية:

 

– امتناع الموفد الاميركي دافيد هيل عن لقاء رئيس التيار جبران باسيل، رغم كل الجهود والوساطات الذي بذلها الأخير، مع العلم أن الديبلوماسي الأميركي التقى معظم الأطراف السياسية الأخرى، وممثلي كل الأحزاب المسيحية، وتناول الغداء الى مائدة رئيس تيار المستقبل في بيت الوسط.

 

– شطب مشروع إنشاء محطة كهرباء في سلعاتا في خطة ماكرون لإصلاح القطاع الكهربائي، وتشديده على تعيين الهيئة الناظمة لهذا القطاع بكامل الصلاحيات التي نص عليها قانون إنشائها، وعدم الأخذ بالتعديلات التي كان يسعى باسيل لإدخالها عليها، لجعلها خاضعة لسلطة وزير الطاقة، عوض أن تكون هي الجهة الرقابية على قرارات الوزير. الأمر الذي أسقط مقولة باسيل الإستفزازية الشهيرة: لا كهرباء في لبنان دون معمل سلعاتا.

 

– إلغاء تمويل مشروع سد بسري من جانب البنك الدولي، وإنتصار المعارضة المدنية الوطنية في معركتها المريرة لوقف تنفيذ هذا المشروع بكل ملابساته المالية والجغرافية.

 

–  إجراء مداورة للحقائب الوزارية، لأول مرة منذ نحو عشر سنوات، خاض خلالها باسيل أشد المعارك السياسية ضراوة للاحتفاظ بحقيبة الطاقة مع تياره، والتي كانت من الأسباب الرئيسية لارتفاع أرقام المديونية العامة، وبلوغ عجز الكهرباء حد الأربعين مليار دولار أميركي.

 

–  عدم تجاوب الفريق الفرنسي مع مطلب فريق رئيس الجمهورية بتشكيل حكومة تكنو-سياسية، لإدخال ممثل عن التيار في عدادها، والإبقاء على صيغة الحكومة المصغرة من الإختصاصيين وأصحاب الخبرة والكفاءة.

 

–  التداول في بعض الأوساط الديبلوماسية عن عدم قدرة باسيل الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة الأميركية، في إطار الخطوات العقابية بحق عدد من حلفاء حزب الله.

 

ثانياً: الموقف الأميركي من المبادرة الفرنسية:

 

توالت مواقف التأييد الأميركي لجهود الرئيس الفرنسي من وزير الخارجية بومبيو إلى الموفدين دافيد هيل ودافيد شنكر، في إطار مضمون محدود، وبفترة زمنية محددة. حيث ركز المضمون على دعم مساعي تجنب سقوط الدولة اللبنانية بشكل نهائي، والدفع بالإصلاحات على طريق التنفيذ في أسرع وقت ممكن. أما الفترة الزمنية فلا تتجاوز نهاية السنة الحالية، على اعتبار أن الإدارة الأميركية الفائزة بالإنتخابات ستحدد المسار الأميركي من أزمات المنطقة، والتسويات المطروحة، والتي ستشمل الوضع في لبنان.

 

واستطراداً، أبدت واشنطن تحفظاً واضحاً من طروحات الفيدرالية والكونفدرالية التي يُروج لها بعض الأطراف الحزبية في لبنان، لأنها تزيد الوضع اللبناني تعقيداً من جهة، ولعدم إستعداد أي طرف دولي تأمين الحماية اللازمة لأي كانتون طائفي، لأن عهد التدخلات العسكرية المباشرة في المنطقة انتهى إلى غير رجعة.

 

ثالثاً: المساعدات المالية:

 

دعت تلك الأوساط الديبلوماسية اللبنانيين إلى عدم التفاؤل كثيراً بالمساعدات المتوقع الحصول عليها بعد تشكيل الحكومة، وتوقعت أن لا تتجاوز تلك المساعدات الفورية، في أحسن الأحوال، الملياري دولار أميركي، شرط أن تُخصص في الدرجة الأولى لتأمين الدعم للمواد الأساسية من قمح ومحروقات، وأدوية وإصلاح الكهرباء، ومن المفترض أن يتولى تأمينها صندوق النقد الدولي بعد مفاوضات مع الحكومة الجديدة، على أن يتم تخصيص ما يمكن تحصيله من مساعدات من الدول المانحة لإعادة إعمار ما دمره الانفجار الرهيب في مرفأ بيروت.

 

رابعاً: الانتخابات الفرعية:

 

استبعاد إجراء إنتخابات فرعية في الوقت الراهن لعدة أسباب أهمها: عجز الخزينة المتمادي والذي فرض أولويات في الإنفاق في مجالات حيوية أخرى. والدمار الواسع الذي أصاب أحياء الدائرة الأولى في بيروت، والذي جعل من الصعوبة بمكان تنظيم الإنتخابات بعد إستقالة النائبين نديم الجميل وبولا يعقوبيان. فضلاً عن أجواء الإحتقان والتوتر السائدة في منطقتي المتن وكسروان بعد استقالة النواب الثلاثة: سامي الجميل وإلياس حنكش ونعمة إفرام.

 

خامساً: عودة النازحين السوريين

 

تقاطعت المواقف الديبلوماسية من مسألة عودة النازحين السوريين، والتي وضعها العهد الحالي في سلم أولوياته دون أن يتمكن من تحقيق أي تقدم لافت. وتُركز تلك المواقف على أن لا عودة للسوريين إلى بلدهم قبل إنجاز التسوية السياسية الشاملة، والتي سيتحدد بموجبها تاريخ مغادرة الرئيس بشار الأسد للسلطة وقيام النظام الجديد، وتوفير الضمانات الدولية الجدّية والكافية لأمن العائدين. ولا بد من الإشارة هنا إلى أن عودة السوريين ستكون طوعية وليست إجبارية، ويحق لمن لا يرغب بالعودة البقاء في لبنان.

 

وبعد…،

 

هذه بعض جوانب المشهد السياسي اللبناني، وما يحيط به من تعقيدات وتحديات، ما زال أهل الحكم يتعاملون معها بكثير من الخفة والسطحية، وبمنطق الربح والخسارة على الصعيدين الحزبي والشخصي!