Site icon IMLebanon

بـ”الشخصي”

 

“نعم الخلاف بالشّخصي”. هكذا وصف أحد العونيين على الشاشة البرتقالية واقع الحال بين رئيس الحكومة الأسبق والمقبل سعد الحريري – وِفق آخر التوقّعات – وبين الوزير السابق، ربّما الى أجل غير منظور، جبران باسيل.

 

وجزم جنابه بأنّ “على الحريري أن يعتذر، فهو أهان باسيل كثيراً فور إستقالته منذ سنة”. وبالطبع “لا يسلم الشرف الرفيع إلا بإعتذار من كعب الدست.. أو الويل والثبور وعظائم الأمور”.

 

وعليه، فإنّ العامل الشخصي يضع كرامة صاحبه في كفّة، وتعطيل البلاد ومنع تشكيل حكومة في كفّة ثانية، إذا طلع بيد الفريق الباسيلي المتحكّم بالعهد القوي.

 

إلا أنّ القياس على هذا الأساس يُحيلنا الى معضلة كبرى. فالإنتقادات، وحتّى الشتائم البذيئة، بـ”الشخصي” التي تستهدف الصهر الغالي، لا تقتصر على الحريري، إذ هي تشمل أكثر من نصف اللبنانيين، ومن مختلف الطوائف والمذاهب والمشارب.

 

بالتالي، ووِفق المنطق الذي باتت تعكسه التصريحات التي يتولّاها “الباسيليون” الأشاوس، بالإضافة إلى المواقف المعلنة من “الهيئة السياسية” لـ”التيار”، وليس تكتّل “لبنان القوي”، يمكن الإستنتاج أنّ “الشخصي” لا يقتصر على شخص الحريري، لكنّه يمتدّ الى جميع الأشخاص الفعليين والمعنويين الذين تظهرهم عقدة الإضطهاد ونظرية المؤامرة على المسيحيين المشرقيين، مسؤولين عن إبعاد باسيل ونبذه.

 

ولعلّ الصهر الغالي لا يكاد يصدّق أنّ شيئاً ما تغيَّر، بالتالي يعجز عن مجرّد التفكير بأنّ “حرده” لن يوصله الى ما يسعى إليه، حتى تاريخه، ولو في إطار حفظ ماء الوجه. فالتجارب السابقة لطالما نجحت في تمكينه من نيله مبتغاه.

 

ويمكن تخيُّل مدى قلق الرجل وإلتياعه، وهو يشاهد بأمّ عينه إنهيار حلمه الأكبر بالوصول الى كرسي بعبدا كخير خلف لخير سلف، وذلك مع التكهّن بأنّ تكليف الحريري أصبح تحصيلاً حاصلاً الخميس المقبل. ولعلّه يستجدي من تحت الطاولة من يتبرّع ويساعده على إفتعال حفلة تبويس لحى، يلبّيها الحريري حفاظاً على المصلحة الوطنية العليا، وإن من دون وعود بمكتسبات لم تعد واردة بسبب إختلال التوازنات السابقة وتغيير أولويات المتحكّم بالمنظومة. فالظاهر أنّ القطار يسير على سكّته المرسومة بالتزامن مع ترسيم الحدود، وتحديداً مع تدفّق الإشارات والتحوّلات والتسهيلات من بلاد العم ّسام.

 

ولن يتغيّر هذا الواقع إذا استمر “الحرد”، مع تكثّف ملامح التأليف المقرونة بالشروط الإنشائية لـ”حزب الله”، والشبيهة بما رافق الجلسة الأولى لترسيم الحدود، والمتعلّقة بالتفاوض مع الصندوق الدولي وما يسبقه أو يستتبعه من إجراءات إصلاحية موجعة، بعد تسوية لا تقتل الناطور ولا تفني الغنم، لجهة الأدبيات المستجدّة القاضية بـ”التشارك” مع الرئيس المكلّف، وليس “الإستفراد” لجهة تسمية الوزراء الشيعة، ومن دون التوقّف عند تسليم حقيبة المالية لوزير شيعي، لأنّ إنقاذ البلد أهمّ من كلّ هذه التفاصيل، مع الشرط اللفظي لمبدأ المداورة بشكل عام.

 

وعليه، سيبقى “الشخصي” شخصياً ومُمعِناً في شخصانيته، ما لم يتوفر “فدائي” متبرّع يتولّى همروجة الإخراج اللائق، بإجتهاد يؤدّي إلى تشخيص الدواء الكفيل بتظهير عودة الصهر الغالي ظافراً غانماً كأقوى أقوياء أركان المنظومة، وإن بالشكل.

 

وليس لدينا الا متابعة ما تحمله في كواليسها الأيام التي تفصلنا عن الإستحقاقات المنظورة.

 

و… هلا بالخميس.