تتأرجح التحليلات والآراء المتعلّقة بأسباب العقوبات على الوزير السابق والنائب الحالي والقائد المسيحي التاريخي، بين الدسائس والمؤامرات، وضِيقة العين من ولائه لوطنيته ووفائه لـ”حزب الله”.
لكنّ فئة من المحلّلين العرب للإنتخابات الأميركية تشطح بعيداً في التفسير والإستشراف. فقد اعتبر أحد الممانعين المتنعّمين بديموقراطية الولايات المتّحدة أنّ جبران باسيل دفع ثمن قناعاته، بعد إعطاء اللبنانيين ـ الأميركيين من تياره أمر مهمة بإنتخاب جو بايدن، تطبيقاً لتفاهم “مار مخايل”، وانطلاقاً من وحدة المسار والمصير. وهذا ما أدّى الى سقوط ترامب، فسارع الساقط المغرور إلى إطلاق رصاصته الأخيرة على من تسبّب بخسارته، قبل أن يُشَمِّع خيطه ويغادر البيت الأبيض.
ومفروض أنّ بايدن يعرف ذلك جيداً، لذا، عليه أن يردّ الجميل ما إن تطأ قدماه البيت الأبيض. فباسيل لا يعطي شيئاً بالمجّان، ولنا في تسخير “حزب الله” الإستحقاقات لصالحه خير دليل، ولنا في تعطيل الدولة ومؤسساتها على إمتداد الـ”تسونامي” العونية منذ 2005 ما لا يحتاج الى دليل.
ولنا أن نقرأ ما بين سطور البرقية التي بعث بها رئيس جمهوريتنا الى نظيره الأميركي، لنفهم البعد الحقيقي في الدعوة التي وجّهها إليه لرفع المظلومية عن صهره سند ظهره، مهنّئاً ومُعرباً عن أمله في أن “يعود في عهده التوازن في العلاقات اللبنانية – الأميركية لما فيه مصلحة الشعبين اللبناني والأميركي الصديقين”.
ومعروف بيت القصيد في هذا التوازن. فهذه المصلحة بين الشعبين عنوانها واحد لا ثانيَ له: ردّ الجميل للصهر الغالي الذي باع بدوره للرئيس الأميركي الجديد موقفاً متضامناً، من خلال الإشادة بالشعب الأميركي والحرص على ردع جحافل الغاضبين من جماعته عن السفارة وعن إحراق العلم الأميركي، وحصر العداوة بالمغرور ترامب الذي لم يتورّع عن السعي لتحويل البطل التاريخي القومي الى عميلٍ لنظامه وإدارته، وطوال فترة ولايته وضع نصب عينيه ترويضه أو.. اغتياله سياسياً.
وفي حين نفى باسيل إمكانية وجود ملفّات فساد موثّقة بالأدلّة والبراهين، إتّهم الخونة الذين يعرفهم من عيونهم بتأمين هذه الملّفات، وإن لم يذكر ذلك صراحة. وإلا ماذا فعل هؤلاء الخونة؟ ماذا قدّموا لوزارة الخزانة الأميركية حتى تتّخذ قرارها بالعقوبات على خلفية الفساد؟
فالطلب الأميركي، وِفق ما أورد القائد التاريخي الحامل صليبه، اقتصر على الإغواء بالنجومية.. أي نجومية هذه؟؟ قد تكون سلسلة درامية.. أو كوميدية لا مثيل لها على قناة نتفليكس.. وقد تكون جائزة نوبل للتضحية..
مع الأسف، لن نعرف كنه هذه النجومية جرّاء رفضه العروض المغرية وإصراره على الوطنية والوفاء.
على أي حال.. للمسلسل أجزاءٌ كثيرة ومواسم عرض ستترك بصماتها التدميرية، كما هي العادة، على لبنان واللبنانيين.
لكنّ الثمن ليس مهمّاً. فنسبة كبيرة من اللبنانيين تشعر بفرح في خضمّ اليأس.. وهؤلاء لا يريدون من بايدن رفع المظلومية عن جبران تقديراً لخدماته.
بعضهم يعتبر أنّ الله إستجاب لدعوات أطلقها بالفطرة والغريزة، فأسقط ترامب وعاقب باسيل. وكأنّهم ضربوا عصفورين بحجر، لأنّ الله يُمهِل ولا يُهمِل. ويتمنّون أن يبقى الحبل على الجرّار، وأن تكون آخرة كل مجرم بحقّ شعبه وخيمة.
وهيلا هيلا هوووو…