IMLebanon

«حزب الله» يُدير «الأذن الطرشه» لـ«القنابل الصوتية»… وقلب الطاولة غير مؤاتٍ

 

باسيل يضغط في الوقت الضائع ومراقبون وأسئلة عن موقف الحريري إزاء الاستهداف الممنهج للرئاسة الثالثة؟

 

يُسابقُ رئيس الجمهورية ميشال عون ووريثه السياسي جبران باسيل الزمن الآتي. عامل الوقت ليس في مصلحة الوريث السياسي لـ«التيار الوطني الحر» والراغب في وراثة رئاسة الجمهورية بعد عمّه أو على عينه.يُريدُ ترميم أوراقه المحروقة وإعادة بث الروح في مستقبله الرئاسي. يُعدُّ العدّة لمرحلة ما بعد انتهاء الولاية الرئاسية أو لاحتمالات حصول شغور رئاسي مفاجئ. ففي كلتا الحالتين، ستذهب دفّة إدارة البلاد إلى مجلس الوزراء، ذلك أن المادة 62 من الدستور تنصّ على أنه «في حال خلو سدّة الرئاسة لأي علّة كانت، تُناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالة بمجلس الوزراء». هذا هو لبّ المعركة على الحكومة وعلى الثلث المعطل. يريد عون وباسيل لوحدهما الثلث المعطل كورقة قوّة في وجه الخصوم والحلفاء على السواء.

 

هي معركة حياة أو موت بالنسبة لباسيل، ومستعد أن يذهب بعيداً لتحقيق طموحاته حتى ولو على رماد وطن. يُقدّم كل ما طاب من إغراءات عن تغيير النظام والصراع مع إسرائيل والسلاح والتوجّه شرقاً وحلف الأقليات والمواجهة مع المحيط العربي والالتصاق بمحور إيران علَّ الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله يسير على الساعة العونية. يضغط في اتجاه حصول الانقلاب الكامل في الوقت الضائع. فليس مضموناً ما ستذهب إليه المنطقة من مسارات على وقع ملف التفاوض الإيراني- الأميركي المرتقب أن يشقَّ طريقه مع إدارة جو بايدن. فقد لا تصبّ النتائج حينها في مصلحة الإتيان به رئيساً للجمهورية، كما حصل مع الجنرال الذي أيّده «حزب الله» وعطّل انتخابات الرئاسة لمدة سنتين ونصف السنة، وجاء به إلى قصر بعبدا على صهوة التسوية الرئاسية.

 

مشكلة باسيل أنه لم يَـنَـلْ بعد بركة نصرالله للرئاسة، على الرغم من حرق مراكبه مع الأميركيين، وبات على لائحة العقوبات الأميركية التي شكّلت له مقتلاً كمرشح رئاسي لا بدّأن يكون على وئامٍ مع العرب والغرب. في عقل باسيل أن قوةنصرالله قادرة على إيصاله إلى سدّة رئاسة الجمهورية سواء بترغيب الأفرقاء الآخرين أو ترهيبهم. في اللقاء الأخير بين الرجلين، سعى باسيل إلى انتزاع مباركة حارة حريك. اللصيقون بـ»الحزب» يقولون إن «حزب الله» لم يعطِ كلمته لا لجبران ولا لغيره. فالمعركة الرئاسية لا تزال بعيدة ومن المبكر جداً رسم معالم النهائيات التي سيسيرُ على دربها لبنان والمنطقة. أولويات «الحزب» في مكان آخر، وأجندته تتخطى الكيان اللبناني الذي يضعه ويتعامل معه بما يخدم مشروعه الاستراتيجي المرتبط بولاية الفقيه.

 

نصر الله مطمئن بأن حليفه المسيحي لن يتجاوز الخطوط الحمراء معه… وحساباته مع «زعيم المستقبل» تحكمها معادلة ضبط التوترات السنيّة – الشيعيّة

 

هذا لا يعني أن «الحزب» يترفّع عن القيام بانقلاب على الدستور و«وثيقة الوفاق الوطني» وعلى الدفع في اتجاه تغيير النظام وفرض تعديلات تؤمّن له ومن خلفه للطائفة الشيعية موقعاً متقدماً في التركيبة وفي إدارة الحكم والتحكم بالقرار، لكنه يعتبرُ أن المناخ غير مؤات لقلب الطاولة كلياً في لبنان، وأن الذهاب إلى فرض تعديلات دستورية يتطلب إما توافقاً داخلياً أو خضة كبيرة ذات طابع أمني تفوق ما حصل في7 أيار يوم اجتياح العاصمة أو قراراً خارجياً، فيما أي من هذه العوامل الثلاثة غير متوفر.

 

ما يعنيه راهناً أن تبقى الأمور في حدوده المقبولة. يتعامل مع ما يجري على أنها «قنابل صوتية». يعلم أن جزءاً من رسائل تصعيد عون- باسيل موجّهة إليه من زاوية أن الحريري حظي بقبول ضمني من «الحزب»، وفُرض عليهما فرضاً وأنهما يقولان إن الأمور ضاقت بنا كثيراً. في قراءة «الحزب» وفق لصيقين به أن الوضع لا يحتمل هزّات كبيرة ولا خطوات من شأنها أن تُعمّقَ الأزمة، وسيتفادى التصعيد عبر إدارة «الأذن الطرشه» على أقله إلى حين بدء جلاء المشهد الكبير في المنطقة. وعليه من المستبعد، في البُعد العملي، أن تشهدَ البلاد تحوّلات درامية خلال الفترة المقبلة لجهة دفع الحريري إلى الاعتذار كما يرغب عون، ذلك أن لنصرالله حسابات ترتبط بإبقاء صاعق التوترات السنية- الشيعية منزوعاً في المدى المنظور، فيما يبدو مطمئناً إلى أن حليفه المسيحي لن يتجاوز الخطوط الحمراء معه.

 

على أنّ ثمّة أسئلة جدية تُطرح في المجالس السياسية عما سيكون عليه موقف الحريري من مستوى التعرّض السياسي والشخصي له، والإضعاف الممنهج لموقع الرئاسة الثالثة الذي يتمّ من خلاله تهميش السنّة وضربهم؟ حتى الساعة، ليس ثمّة موقف جليّ وقاطع لدى الحريري. فالردّ على «الفيديو المهين» لم يكن بمستوى الموقف المطلوب حيال حجم الإساءة، وليس هناك من كلام واضح له لكيفية مواجهة الانقلاب على اتفاق الطائف وضرب الدستور، وتعطيل البلاد الواقعة تحت سطوة «حزب الله» وإيران. فالمدى السياسي الذي ذهب إليه عون- باسيل، برأي مراقبين، والذي بات يُهدّد السلم الأهلي ويُنعش ذاكرة الحرب والاقتتال الداخلي، بات يتطلب تحركاً سياسياً من القوى المناهضة للخط الذي ينتهجه رئيس الجمهورية ووريثه السياسي، يقي البلاد من القادم الأسوأ، لا يبدو أن الحريري في وارده، ولا في وارد توجيه البوصلة السياسية حيث الوجهة الفعلية الحاكمة في البلاد، فثقل القرار هو في حارة حريك وليس في بعبدا!.