بعد مرور أربع سنوات ونصف السنة على عهد الرئيس ميشال عون نستطيع القول إنّ أغلبية اللبنانيين الذين كانوا يراهنون على أنّ عهد الرئيس القوي سيكون مميّزاً، وأهم عهد في تاريخ لبنان، أصيبوا بخيبة أمل، بسبب الفشل الذريع الذي مُنِيَ به العهد. ويكفي ما يقوله وزير العهد «الطفل المدلل» الذي لا يصلح لأي عمل، إلاّ لعمل واحد، هو إذا أردت أن تُفشّل أي مشروع فعليك بـ»الطفل المعجزة» الذي يطلق الوعود، من دون توقف، والنتيجة فشل تام. ولا نقول هذا الكلام إفتراء على الطفل المدلل الذي لا يعني لنا شيئاً… فوعوده في الكهرباء التي أطلقها أكثر من مرة، وبأنه سيؤمن الكهرباء ٢٤/٢٤، بعد سلفة المليار ونصف مليار من الدولارات حين أجبر المجلس النيابي على الموافقة عليها، لكن مبلغ المليار ونصف مليار دولار أميركي طار لتخلّف ٥٠ مليار دولار خسائر الكهرباء. وهذا عائد لعدّة أسباب أهمها: عدم قبوله الإنتقال من الفيول الى الغاز الذي يوفر ملياراً ونصف المليار دولار سنوياً.. بالإضافة الى مشروع سلعاتا الذي أوقف، والذي يريد شراء أراضٍ من أجل بناء محطة ثالثة للتغويز بالرغم من أنّ لبنان كله لا يحتاج إلاّ محطة واحدة ثمنها 500 مليون دولار. وهناك كثير من الإتهامات حول مشروع سلعاتا «الله يرحم خوري سلعاتا».
هذا بالإضافة الى الوفد الذي أرسله أمير الكويت عندما سمع في «التلفزيون» شكوى المواطنين اللبنانيين من عدم وجود كهرباء فبادر الى إرسال وفد من الصندوق الكويتي وقابلوا الرئيس ومعهم سيادة سفير الكويت ليعرضوا على فخامته بناء معامل للكهرباء بكلفة أقل بكثير من الأرقام المطروحة. وهذا ليس مهماً بل الأهم أنّ شروط الصندوق الكويتي سهلة جداً وهي:
أولاً: فترة سماح 5 سنوات من دون أي فوائد.
ثانياً: بعد خمس سنوات فائدة واحد أو 2% لمدة عشرين سنة.
ثالثاً: كل العقود يقوم بها الصندوق.
رابعاً: الدولة اللبنانية ممثلة بوزارة الطاقة تشرف على أعمال البناء فقط.
خامساً: الصندوق يتولّى عملية المحاسبة ودفع كل الأموال لإنجاز المشروع.
ونشب الخلاف لأنّ الوزير جبران باسيل طلب مبلغاً كبيراً هو يعرفه، ونحن نعرفه، وهكذا انسحب وفد الصندوق لأنّ الوزير باسيل كان يُصِرّ على شروطه.
كذلك عندما تولّى وزارة الاتصالات، كانت كل من شركة ALFA وM.T.C Touch عندهما 700 موظف في كل منهما وتربح كل شركة مليار دولار أميركي.
أمّا الذي حدث فهو أنّ جبران باسيل عيّـن 500 موظف في ALFA من أجل نيل أصواتهم في الانتخابات. وهكذا أبقت في الـM.T.C Touch فقط 700 موظف وتربح الشركة 1.200 مليار دولار. أما شركة ALFA ففيها 1200 موظف وتربح 700 مليون دولار فقط، أي بسبب الفائض من الموظفين أصبحت تخسر 500 مليون دولار سنوياً..
هذا الكلام يدفعنا كي نرى الجانب الآخر للنجاح: فشركة الـ»ميدل ايست» (M.E.A) كانت تخسر بين 70 و80 مليون دولار سنوياً، فأصبحت بعدما تسلمها الاستاذ محمد الحوت موفداً من رياض سلامة حاكم مصرف لبنان تربح سنوياً حوالي الـ100 مليون دولار… بالإضافة الى أنّ الشركة كانت تستأجر بعض الطائرات لأنّ طائراتها أصبحت غير صالحة، لكن محمد الحوت اشترى 25 طائرة جديدة من شركة AIRBUS… وللعِلم، فإنّ مصرف لبنان يملك حصة مهمة من خلال تملكه لشركة «انترا».
كذلك نأخذ شركة «الريجي» كمثال آخر، فهي كانت تضم 2700 عامل عام 1993، وحين تسلمها الاستاذ ناصيف صقلاوي أبقى على 800 موظف فقط من العمّال. أما الفائض الذي هو 1900 عامل فأعطاهم تعويضات وسمح لهم ببناء شركات عدة منها: (1) شركة للحراسة. (2) شركة تنظيفات. (3) شركة معلوماتية. (4) شركة للنقل. (5) شركة للطبابة… وهكذا أصبحت «الريجي» من الشركات الناجحة التي «تعطي» مئات الملايين من الدولارات سنوياً.
باختصار، ان فخامته لو تخلى عن فريق عمله الذي، وللأسف، تدل النتائج على فشله الذريع، لكان نجح. وهناك فرصة لأمثال رياض سلامة وناصيف صقلاوي وغيرهما. فالكثير من المدراء اللبنانيين الذين سيعودون بلبنان الى سابق عهده من النجاح.
من ناحية ثانية، هناك إصرار لإحدى المؤسّسات الإعلامية على الإفتراء والكذب واللعب «على الحقيقة». أما الذي دعاني الى هذا الكلام فهو عنوان لإحدى المؤسّسات الإعلامية يشير الى أنّ وزير المالية يكذّب حاكم مصرف لبنان، بالنسبة لموضوع التدقيق الجنائي، والحقيقة أنّ الوزير يقول إنّ المصرف المركزي لم يعطِ إلاّ 42٪ من المعلومات المطلوبة، على كل حال يمكن أن يطلب وزير المال ما يريد من مصرف لبنان وهذا من حَقّه، أمّا أن يقول إنه يتهم حاكم مصرف لبنان بالكذب، وهو لم يقل ذلك، فإنّ أضعف الإيمان أن يرسل رسالة الى الذين يكذبون «على لسانه» ليقول بأنه غير موافق على استعمال اسمه لشتم الناس.
على كل حال، نجاح حاكم مصرف لبنان بالمحافظة على استقرار سعر صرف الدولار لمدة 27 سنة هو دليل كبير على نجاحه وحكمته… وهذا النجاح قد يكون من أكبر النجاحات في تاريخ لبنان… وسيذكر التاريخ هذا النجاح بالفخر والإعتزاز.