غداً يوم آخر. لا علاقة له بالمباراة الحاسمة بين النجمة والأنصار ولا بتطورات المسلسلات الرمضانية التي فقدت بريقها بفعل الغزوات المتكررة لباب خيبر، وكسره ثم خلعه على إيقاع الأهازيج وأناشيد النصر..
غداً يوم آخر، فاليوم سيعلنها الصهر ثورة حتى النصر على الفساد والفاسدين. ويقلب الطاولة كما كان قد بشّر في خريف 2019.
بعدها لا يهم إن استرد المودعون أموالهم. المهم أن يسترد الصهر والحلقة الضيقة حوله بعض النقاط من شعبيتهم التي كانت في طور الانقراض.
ففي الشارع والقضاء يكثر الجدل بشأن الغزوات العونية على باب خيبر. ويحتدم السجال بشأن مدى شرعيتها ودستوريتها، لا سيما لأنها تحوِّر ما تقوم به لمحاكاة مأساة اللبنانيين وتضرب على وتر وجعهم بشأن الأموال المنهوبة.
ورجاءً، ليس مطلوباً فتح ملفات الفساد الروتينية ومزاريب الهدر، وما إلى ذلك من جعجعة لم تؤت ثمارها نتيجة مشاركة بعض أركان المنظومة وصمت بعضهم الآخر عما كان يجري من نهب منظم وممنهج لكل ما في الدولة من مقدّرات، ومنها أموال المودعين التي تحولت إلى قميص عثمان لاستعادة الشعبية، وللاستغلال في معارك وجودية غبارها يجعل حرب “داحس والغبراء” مسرحية أطفال، قياساً بما نشهده من صراع بين فيالق القضاء.
وفي رجاءٍ آخر، لا تتوقفوا أمام دعوة فخامة الرئيس مجلس الدفاع الأعلى إلى اجتماع توجيهي لتوبيخ وزير الداخلية، بعد اعتداء القوى الأمنية على فيلق الكسر والخلع، مطالباً بحماية المتظاهرين السلميين. ولا تسألوا لماذا لم يدعُ المجلس للانعقاد لدى تبلغه بوجود نيترات الأمونيوم في المرفأ، وقبل ذلك، لدى سقوط قتلى وجرحى أثناء التظاهرات السلمية جراء التصويب على العيون. وبعد ذلك مع اغتيال لقمان سليم وجو بجاني وغيرهما، عقب جريمة تفجير المرفأ.
كل ذلك أصبح من الماضي. ولا لزوم للبكاء على الأطلال. فاليوم وغداً هما فقط في الحسبان. فقد أدت الملهاة وظيفتها القاضية بقتل الناطور، بمعزل عن أكل العنب.
في المبدأ لا عنب يؤكل ولا حصرم… ولا أموال تعود بهذا الأسلوب. فنحن نأكل الهواء الملوث بسموم مادية وفكرية منذ زمن المناداة بالإصلاح والتغيير الذي غطى فائض القوة وفائض السلاح، ونسف عمل المؤسسات الدستورية لمصلحة رأس المحور وصولاً إلى العز الذي يغرقنا.
في المقابل، تطل المواقف الصادمة من هنا وهناك لوقف عملية توزيع الأدوار على البارد أحياناً، أو على الساخن أحياناً أخرى، في حين يتسلى المايسترو بنا. يقف على منصته يحرك عصاه.
عصاه هذه هي غرفة عملياته. لا تهدف إلى توحيد غرف لاعبي المنظومة وإنما إلى تصويب وجهتهم، بحيث لا ينطق أي منهم عن الهوى بل هو وحي العصا.
فكل حركة ترسم سيناريو مدروساً يخدم الهدف الذي يغذي النشاز. وفي صفوف العازفين أمهر أساتذة النشاز المتخصصين في التخريب الكامل للمعزوفة، ولا يمكن ترميم ما يتسببون به.
وحوِّل يا غزيِّل كل ما يجري من فظائع إلى حيث يريد قائد الأوركسترا الذي حافظ على دولاراته نظيفةً. ويحافظ اليوم على نظافة يديه، لأن هناك من يقوم بكل الأعمال الوسخة لأجله بغية استكمال المشروع.