ما صدر أمس عن مصادر بيت الوسط عن أن رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل “نصب نفسه رئيساً للجمهورية ومصدق الكذبة بعدما بات معزولاً”، يضع كل التسريبات التي صدرت في الأيام الماضية عن أن اجتماعات الوساطة التي يعقدها ممثلو رئيس البرلمان نبيه بري والأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله مع باسيل، أنجزت 98% من الحكومة وهناك أجوبة منتظرة من الرئيس المكلف سعد الحريري، في خانة التعمية والمناورة السياسية.
المقصود إثارة الغبار بأن الحكومة تتشكل بين باسيل والثنائي الشيعي بعدما رفض الحريري الاجتماع به وحصر البحث بينه وبين رئيس الجمهورية، الذي سلم الختم لباسيل متخلياً عن مهمته، وعن الرئاسة، إلى درجة أن حتى الاجتماعات الشكلية التي كان يترأسها على الصعيد المالي أو لمجلس الدفاع الأعلى، عند كل ارتفاع حاد لسعر الدولار، تخلى عنها، بانتظار باسيل. وهو ما دفع البعض إلى السؤال من باب التهكم: لماذا لم يترأس الرئيس عون مجلس الدفاع لبحث الاشتباكات بالأيدي أو بالسلاح، في طوابير الذل على محطات الوقود، ولمناقشة ارتفاع سعر صرف الدولار ألف ليرة لبنانية خلال 24 ساعة؟
فضلاً عن أن مصادر “الثنائي الشيعي” نفت تسريب أوساط باسيل عن انتظار أجوبة من الحريري، بات معلوماً أن الاجتماعين اللذين عقدهما “الخليلان” مع باسيل لم ينتهيا إلى نتائج، سوى القرار باستكمال البحث. الأجوبة التي تلقياها بعد طول نقاش حول العقد المتناسلة اقتصرت على أن باسيل سيدرس هذه النقطة أو تلك، ثم تبحث في الاجتماع التالي. وفي وقت تقوم مبادرة الثنائي على إيجاد مخرج لمسألة تسمية الوزيرين المسيحيين، في شكل لا يحصل الفريق الرئاسي على الثلث المعطل، وعلى مسألة منح تكتل نواب “التيار الحر” الحكومة الثقة أم لا، ظهرت قضية من “لا” يتسلم حقيبة الطاقة.
من المماحكات التي تشهدها لقاءات الخليلين مع الصهر، ما زالت العقدة إياها: الفريق الرئاسي يقول إنه لا يريد الثلث المعطل لكنه يسعى إليه مداورة، للتحكم بالحكومة بعد تأليفها حتى انتخاب رئيس الجمهورية، بالثلث زائد واحد.
لكن الأمر بات محرجاً لـ”حزب الله” وفق متصلين به، ويضطره إلى أن يبعث بالرسائل المشفرة عبر الأثير، لا سيما أن باسيل وقياديي “التيار” عادوا إلى نغمة التمايز العلني عن الحزب جراء إلحاحه على أولوية تأليف الحكومة وفق مبادرة بري. إزاء قول باسيل إن اتفاقه مع الحزب منع الفتنة، لكنه يختلف مع الحزب على بناء الدولة ومحاربة الفساد، وأن “الوضع الاستثنائي لسلاح الحزب يجب ألا يستمر”، جاءه التحدي من نصرالله مباشرة بأن الحزب سيشتري البنزين والمازوت من إيران إلى ميناء بيروت “ولتمنعه الدولة”. إذا كان الفريق الرئاسي يدعي إمساكه بمفاصل الدولة، ويتصرف على هذا الأساس فالكلام موجه إليه وإلى رئيس الجمهورية القائد العام للقوات المسلحة، الذي وجه إليها الأوامر مرات عدة في الأشهر الماضية، بالدرجة الأولى.
أما حديث باسيل عن عدم جواز استمرار الوضع الاستثنائي للسلاح فجاءت الإجابة عليه بتكرار نصرالله ما سبق أن أعلنه في خطابه في 25 أيار، عن التهيؤ لمعادلة المس بالقدس يعني حرباً إقليمية يشترك فيها محور المقاومة في كل الجبهات، ومنها الحزب انطلاقاً من لبنان.
ماذا بعد؟