يمضي اشتباك الارادات السياسية المتصادمة والمتناحرة في مسيرته، حول مسألة تشكيل «حكومة الانقاذ»… والعهد العوني ماض في اضاعة الفرص، ولا يبحث الا عن الية دستورية، لا اساس لها، لسحب التكليف من الرئيس الحريري…
تتوالى الاسئلة والتساؤلات حول كيفية اخراج لبنان من واقعه المؤلم، الذي يعيشه اللبنانيون، من اقصى الشمال الى اقصى الجنوب، الى الجبل والبقاع، مرورا بالعاصمة بيروت وضواحيها… في ظل توالي فصول الانهيارات التي تصيب كل القطاعات وتنذر بمزيد من الفوضى التي «لا تحمد عقباها»، فيما العلاجات بالقطارة، او حبرا على ورق… وكلها اجراءات «لا تسمن ولا تغني من جوع…» اذ المطلوب تشكيل الحكومة، والتوقف عن المكايدات السياسية والمناورات والاعيب التحدي وصراع النفوذ…
«التسوية ليست بعيب في السياسة، بل هي اساس…» على ما قال وليد جنبلاط، ممهدا للقائه في خلده اليوم، مع طلال ارسلان ووئام وهاب… وطلبات اخلاء سبيل «حكومة الانقاذ» وتحريرها من قيود الفئويات والمحاصصات والتعطيل، ماتزال تدور في «حلقة مفرغة..» والرئيس عون يستغل عدم تشكيل الحكومة، ليقوم بعقد لقاءات واجتماعات، هي اصلا ليست من اختصاصه، بهدف تفعيل دوره، ولو بغياب رئيس «حكومة تصريف الاعمال» وتقديم نفسه الى الراءي العام على انه القادر على المعالجات، التي من بينها تفاقم ازمة المحروقات واستمرار طوابير الذل امام المحطات…
الاحتقان الشعبي يزداد ويتعمق على امتداد الساحة اللبنانية، جراء حرب الدولار الاميركي على الليرة، وتردي الاوضاع المعيشية والمالية والاقتصادية والصحية والخدماتية، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا دواء ولا بنزين ولا مازوت. كما ولا اجراءات امنية وصحية، وقد حذر رئيس لجنة الصحة النيابية النائب عاصم عراجي من «اننا مقبلون على ازمة خطيرة… والمطلوب الاسراع في تأليف حكومة تلقى قبول المجتمع الدولي، وتعمل على الاصلاحات…» والناس يترقبون ما ستؤول اليه الاوضاع بعد كلمة الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله والانظار تتجه في جانب منها الى ما اسفر، وما يمكن ان يسفر عنه لقاء المسؤول السياسي في «حزب الله» وفيق صفا مع جبران باسيل، الذي بقي قيد الكتمان، رغم تسريبات باسيلية تشدد على «تمسك الرئيس عون وفريقه بحصرية التمثيل المسيحي الوازن في الحكومة…» وقد سأل صفا باسيل عما اذا كان لديه «طرح جديد متعلق بتشكيل الحكومة، وما اذا كان بوارد تقديم تنازلات..؟ فلم يحصل على جواب، داعيا الى الانتظار…»؟!
اوحت الاجواء، على ما قالت مصادر ان لا جديد يذكر، والقطيعة بين بعبدا و»بيت الوسط» وبين بعبدا و»عين التينة» مستمرة وهي تحتاج الى «بحث دقيق وعميق يتعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية واستعادة حقوقه المسلوبة بإتفاق الطائف…» ولا امكانية لفض التحالف المصيري والوثيق بين «امل» و»حزب الله» ايا ما الت اليه التطورات… وقد خرج الرئيس نبيه بري عن صمته مؤكدا ان مبادرته الانقاذية قائمة، ولا سبيل غيرها لاخراج لبنان من ازمته… وهو ليس بوارد التراجع عنها تحت اي ظرف، الا اذا حضرت مبادرة افضل منها، بديلة عنها، تكون مقنعة للجميع، وتحقق الغاية المنشودة بتشكيل حكومة انقاذ واصلاح…»
يخلص متابعون الى القول ان «الجانب العوني يمضي في سلوكية تراكم التعقيدات والمطالب، التي لا نتيجة لها سوى «قلب الطاولة» للوضع برمته، وتعريض البلد الى سقطات «لا حول لها ولا طول…» الرابح فيها خاسر و الخاسر خاسر…» وان ما يتطلع اليه الرئيس عون لسحب التكليف التيابي من الحريري، لا اساس دستوريا له، وهو تطلع يرفضه الثنائي بري ونصر الله، كما والرئيس المكلف… والاوضاع العامة الى المزيد من الازمات والانهيارات الحياتية وعلى كل المستويات، في ظل الخشية من فقدان شتى المواد الحياتية والاحتياجات الشعبية، وهي ان وجدت في مكان فلن تكون كافية للعلاجات…