Site icon IMLebanon

“التيار” للراعي: لا يُواجَه الرفض بالصمت… وبروكسل في وادٍ آخر

 

 

يَنشغل اللبنانيون في رصد أعداد النازحين السوريين وارتكاباتهم، فيما ينشغل السياسيون بلقاء الموفد الفرنسي جان ايف لودريان وبالاستحقاق الرئاسي، وتنشغل اوروبا بمعاينة ملف النزوح السوري في وقت ما زال الاتحاد الاوروبي يردعها على قاعدتين: التزام قانون قيصر والتزام القرار 2254 الذي بموجبه مطلوب حكومة انتقالية في سوريا. وهاتان القاعدتان تردعان الاوروبيين عن مشكلة حل النازحين لأنّ لديهم مشكلة مع النظام السوري والاعتراف بشرعيته او بالتفاوض معه، وعليه وجبَ على اللبنانيين ان يجدوا حلاً لمشكلتهم وليتحمّلوا وحدهم نتائج سعيهم او فشلهم. ومؤتمر بروكسل اكد المؤكد: الأوربيون في واد ولبنان في وادٍ آخر.

وفي السياق تشير المعلومات الى انّ زيارة لودريان هي استطلاعية بلا أفق، أمّا اذا تقرر اقامة «حفلة استقبال» في قصر الصنوبر فمن الممكن ان يستقبل الرجل بعض الشخصيات الاعلامية والاجتماعية ومن المجتمع المدني او غيره التي طلبت مقابلته.

 

وكشفت مصادر «التيار الوطني الحر» لـ«الجمهورية» انه تم ابلاغه وافرقاء آخرين انّ المبعوث الرئاسي أتى لإطلاع الافرقاء على حصيلة لقاءاته السابقة في لبنان وهو بذلك اتى لإطلاع اللبنانيين عليها فقط، مضيفة انه لم يأت متأبطاً حلاً لفرضه كما انه لا يستطيع التكلم باسم المجموعة الخماسية لأنّ الاميركيين ابلغوا اليه في وضوح «إنك موفد لدولتك اي فرنسا فقط». اما المرة الوحيدة التي نقل فيها لودريان رسالة من الاميركيين فكانت فقط بعد اجتماع وزراء الخارجية في نيويورك، فيما هو اليوم يحمل فقط رسالة بلاده. وفي المقابل ترى المصادر نفسها «انّ لودريان لا يملك وهماً بأنه يستطيع إحداث اي خرق».

 

لقاء الراعي ـ باسيل

وفي سياق متصل تضيف مصادر «التيار» ان لا نيات سلبية من عدم اللقاء مع لودريان لأنّ الاخير زار التيار، وكذلك زاره السفير الفرنسي هيرفي ماغرو بعد سوء التفاهم الذي حدث إثر اللقاء الشهير في سنتر ميرنا الشالوحي، موضِحة انّ رئيس «التيار» النائب جبران باسيل مرتبط بجولة اوروبية سابقة، وقد أبلغ الى البطريرك الراعي بجولته الطويلة عندما التقاه في فلورانس.

 

وعن تفاصيل اللقاء بين الراعي وباسيل قالت مصادر التيار لـ«الجمهورية» انه تم التشاور والبحث في الموضوع الرئاسي بنحوٍ مفصّل، وكذلك في موضوع وثيقة بكركي وسبل ان تكون وثيقة وطنية بالمعنى الحقيقي للكلمة وأن تؤمّن الضغط اللازم لإتمام الاستحقاق الرئاسي وتأمين الشراكة». واضافت «ان رئيس التيار لم يطرح اسماء للرئاسة». فيما لم تذكر تلك المصادر اذا ما طرح الراعي بعض الاسماء التي يراها متوافقة مع مواصفات رئيس الجمهورية، مضيفة «انّ الهدف بالنسبة الى رئيس التيار من اللقاء وأهميته، كما قال للراعي، هو إتمام تلك المفاوضات بين الاقطاب والشخصيات والاحزاب المسيحية وأن تنتج أمراً او حلاً ما. اما رئيس التيار فيرى انه يجب على تلك اللقاءات ان تُنتج امرين: الاول، ان تكون الوثيقة وطنية وان لا تأخذ المسيحيين الى مناخات تقسيمية او غيرها. والثاني: ان تكون الوثيقة مُرفقة بسلسلة اجراءات تتّفق عليها الاحزاب ولها طابع ميداني فعلي، حتى اذا استمر الرفض او التأخير في تغييب رئيس الجمهورية وعدم اجراء الانتخابات فلا يمكن مواجهة الرفض بالصمت، واذ قال باسيل للبطريرك «انّ الصمت من دون اجراء عملي يعني ابقاء الوضع على ما هو عليه، اي هيمنة القافلة على انواعها التي تشارك في الحكومة، وهيمنة على قرار رئيس الجمهورية وتغييب المسيحيين والعودة الى ما قبل مرحلة 2005 التي استعاد فيها المسيحيون الحضور والشراكة».

وكشفت المصادر ان باسيل كان واضحاً في كلامه مع الراعي إذ ميّز ما بين اقتناع «الوطني الحر» الذي لا رجوع عنه بموضوع دعم المقاومة بأيّ عمل تقوم به للدفاع عن لبنان وتسجيل الموقف السياسي الذي يقول «نحن لا نستطيع ربط الاستحقاق الرئاسي ولا مصير البلد بحروب غزة»، وهذا الموقف ليس موجّهاً الى «حزب الله» من موقع رفض المقاومة بل من موقع إصرار «التيار» على عدم توريط لبنان في حروب اخرى مع التفهّم الكامل للاسباب الاخلاقية التي تجعل «حزب الله» في حالة إسناد للفلسطينيين، ولكن لا نستطيع السير بلا أفق الى معركة لا نعرف اين تنتهي ومتى، في وقت قد لا تنتهي الحرب في غزة، فيما نحن نربط أنفسنا والاستحقاق الرئاسي بتلك الحرب، اما أن تعتدي اسرائيل علينا ونحن ندعم الحزب فهذا امر آخر».

 

وترى المصادر في المقابل «ان الراعي يدرك الوضع وهو يتفهّم محاذير الوضع في لبنان». مضيفة «انّ التيار وممثليه لمسوا من الراعي اكثر من مرة في الجلسات التي انعقدت في بكركي مدى حرصه على ان تكون وثيقة بكركي وطنية وليس وثيقة مسيحية».

 

النزوح

وعلى صعيد ملف النازحين، يرى المراقبون بعض التباين في المواقف الذي بدأ يظهر عند بعض المسؤولين الاوروبيين حيال مخاطر تمدّد النزوح السوري في لبنان، وذلك عبر إطلاقهم بعض المواقف المتفهمة لخطورة الوضع في لبنان بما فيهم الديبلوماسية الفرنسية التي أبدَت خشيتها من تمدد النزوح وخطره على وجود هذا البلد.

 

عن هذا التباين قالت مصادر التيار: «حتى الساعة لم نتبلّغ اي تغيير جذري في الموقف الاوروبي. واذا كان سيحصل هذا التغيير فمن المنتظر ان يصدر في مقررات مؤتمر بروكسل، فيما الاتحاد الاوروبي ما زال يتصرف على اساس التزام «قانون قيصر» ووجوب قيام حكومة انتقالية في سوريا. وإنّ هاتين القاعدتين هما اللتان تردعان الاتحاد الاوروبي عن حل مشكلة النازحين في لبنان لأنه عملياً لديه مشكلة مع النظام السوري، سواء بالنسبة الى الاعتراف بشرعيته او بالنسبة الى التفاوض معه تحت عنوان ان الاوروبيين لا يستطيعون التكلم معه. وعليه، يبقى ملف النزوح قضية معقدة ولا يمكن تبسيطها لأنهم عملياً لم يغيّروا موقفهم بعد، ولأنّ التغيير الذي ينشده لبنان هو بالنسبة اليهم اعتراف بسوريا، فيما التغيير الوحيد الذي حصل هو في المواقف العربية التي اختلفت عن السابق. فالسعودية هي في حالة تطبيع مع سوريا وعيّنت سفيراً لها هناك، فيما اصبحت سوريا اليوم جزءاً من محور يضم: روسيا، ايران، الصين، السعودية، دول الخليج والجزائر… ونحن بذلك امام كباش دولي معقد داخله مجموعة حلف شمال الاطلسي المرتبطة مباشرة بالقرار الاميركي ـ الاطلسي، والتي تقع تحت تأثير الصهيونية في بلدانها، وهي الدول الاكثر رفضاً لأي محاولة للحوار مع سوريا… وبالتالي لا عودة للنازحين اذا لم يتخذ قرار في مؤتمر بروكسل بقبول التفاوض مع الدولة السورية، وهذا ما لم يحصل. وهذا معناه انّ لبنان ما زال في المربّع نفسه، لأنّ الرئيس بشار الاسد هو «مجرم حرب» في نظرهم والمحكمة الفرنسية تلاحقه، وبالتالي بالنسبة لأوروبا لا حل الّا بتغيير الاسد… امّا لبنان «فلينتظر».