يعرف الصهر المدلّل فروضه عن ظهر قلب. يتلوها في موعد محدّد، ليفسد لنا الويك اند، ويفسد بين اللبنانيين، مُستعيناً على قضاء حوائج المِحور بإشهار الفتنة، ومُمتشقاً حجّة معلوكة قوامها حقوق المسيحيين.
فهو يحسب أنّ تكرار نفس الكلام يرسّخ كذبة لتصير حقيقة. ويعتقد أنها لا تزال تبيع، وتحديداً لتوهّمه أنه وفريقه السياسي الديك الوحيد في القنّ، ولا زعيم مسيحياً يضاهيه، بعد عمّه بالطبع، مذكّراً بأنه خير من يؤمّن الغطاء السياسي للمِحور.
كذلك يستثمر في نغمة الإصلاح، والتي بدورها لم تعد تبيع، ولا مصداقية لها، ما دام الإصلاح “عندهم وليس عندنا”، ولا علاقة له بملفّ الطاقة وكهربتها وبالصفقات والسدود المنخورة بما يفوق ميزانية “مسبار الأمل” الإمارتي.
ولأنّ الجمل لا يرى حدبته، ها هو يصرّ على أنّه النزيه العفيف الخالص من الخطايا الدنيوية، والزاهد في السلطة التي لم تتمّ دعوته هذه المرة إلى مائدتها. ويترقّب الطبخة تنضج على نار إيمانه وتقواه ما دام المِحور قادراً على إبتزاز المجتمع الدولي بورقة لبنان وغيرها.
لكنّ المكابرة لم تحل دون تداعي عنتريات صاحبنا… إذ أتاه البطريرك الماروني بشارة الراعي مطالباً بعد الحياد وتسهيل تشكيل حكومة إختصاصيين، بمؤتمر دولي لإنقاذ لبنان.
لذا، حريٌ بصاحبنا أن يتحسّس الخطر على القاعدة الشعبوية المتينة لطروحاته الفذّة. فهو لا يستطيع نعت سيد بكركي الذي يقوِّض خطّته، بمثل ما ينعت به رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، ولا يستطيع تصويره كخطر إرهابي يجب القضاء عليه وإذلاله خدمة للشعب المسيحي المشرقي الذي لا نجاة له الا بتحالف الأقليات.
وتتفاقم الخسارة عندما يتمّ تحذير بكركي من المضي قدماً في السعي الى مؤتمر دولي لإنقاذ لبنان بعد المطالبة بالحياد. وعندما يترافق التحذير مع تهديد بالحرب الأهلية، يصدر عن القويّ الذي يعرف كيف يعالج مستجدّات يرفضها، وتحديداً بعبارة “ما حدا يمزح معنا” التي لطالما شهدناها على لسان “القبضاي” عندما يتجرّأ صبي طموح أو غبي، في الحارة على مخالفة أوامره، فيلقّن الباقين درساً عبره، وكلنا نعرف آليات تأديب من يمزح وِفق هذا الأسلوب الطلياني.
وهذا الواقع يورِّط الصهر المدلّل، يسلبه حجّته القوية، لا سيما بعد 17 تشرين الأول وانهيار سعر صرف الليرة وفتك جائحة “كورونا” وفظاعة جريمة تفجير المرفأ. فلعبة عضّ الأصابع لم تعد تنفع من خلال ادّعاء الدفاع عن حقوق المسيحيين. وغالبية اللبنانيين يؤمنون أنّ خلاصهم يكون بتطيير هذه الطبقة السياسية، وهو منها، أو الرحيل لمن استطاع إليه سبيلاً. ويؤمنون أنه وقبل استرداد حقوق المسيحيين، المطلوب إسترداد سعر صرف الليرة إلى ما كان عليه، واسترداد الودائع التي نهبتها هذه الطبقة، ومن ثمّ راحت تطالب بإعادتها. بالتالي، المطلوب وطن لا مكاسب طائفية.
لذا، لا وسيلة لتعويم نفسه إلا بالإرتماء أكثر فأكثر في أحضان المنقذ الوحيد له من ضلال العقوبات ومن إنحسار منسوب الشعبية. لم يبق له إلا المِحور ليلمّه ويُعَوِّمه ويفرضه بقوة ديكتاتورية على الساحة السياسية.
فهو في أعمق أعماق الإرتباك إذ أتاه البطريرك، ليضع النقاط على أحرف وسائل إنقاذ لبنان من براثنه وبراثن هذه الطبقة المجرمة والمهترئة.
فلينتبه الى بقايا وجوده السياسي لأنّ “بكركي ما بتمزح”.