آخر ما كان يتمناه ويطمح اليه الثنائي رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل هو أن يعود رئيس تيار «المستقبل» سعد الحريري ليرأس ما يفترض ان يكون حكومة العهد الاخيرة التي تشرف على الانتخابات النيابية المقبلة التي ستفرز بدورها مجلساً نيابياً ينتخب رئيساً جديداً للبلاد.
في العام 2016 ومع التسوية المستقبلية- العونية كان الوضع مختلفاً. كان عون وباسيل على حد سواء يتوقعان عهداً مزدهراً وطريقاً طويلاً يسلكانه مع الحريري لتنفيذ كل ما وعدا فيه من اصلاح وتغيير ومحاسبة ونهضة. الا ان انتفاضة 17 تشرين الاول 2019 قلبت الطاولة. استقال الحريري وقرر العودة الى المتاريس بمواجهة عون وباسيل. لم يدرك الكثير من اللبنانيين حينها ما الذي تغير. رد معظمهم في ذلك الحين السبب لخلافات بين الطرفين على الحصص ولسعي كل من الحريري وباسيل لفرض نفسه الرجل الاول في الجمهورية «اللي كلمتو ما بتصير تنين». وجاءت بعدها الانتفاضة، فسارع الحريري لاستيعابها من خلال تصوير نفسه كجزء منها وان «الثورة» هي على باسيل بشكل اساسي.
واستمر التباعد العوني- المستقبلي. واتسعت الهوة اكثر فأكثر. حتى ان الحريري خرج ليؤكد انه لن يعود لرئاسة الحكومة في ما تبقى من عهد عون. وكالعادة ومن دون تقديم اسباب موجبة، عاد الحريري عن قراره هذا، فارضاً نفسه مؤخراً مرشحاً وحيداً لرئاسة الحكومة. هو وان كان صور نفسه كفارس على حصان ابيض قرر الخروج من قصره والتنازل عن حياة الرفاهية التي يعيشها ليأتي وينقذ لبنان وينتشله مما يتخبط فيه، الا انه في الحقيقة اتى بمحاولة انقاذية لحياته السياسية وللحفاظ على ما تبقى من جمهوره. فالمعارضة لا تليق بالحريري وبتياره الذي لطالما كان جزءاً اساسياً من السلطة خلال الاعوام الـ30 الماضية بعكس «التيار الوطني الحر» الذي وان دخل جنة السلطة بعد العام 2005، ظلت المعارضة تناديه.. هي تحن اليه وهو يحن لها.
اليوم يحاول الطرفان مجدداً التعاون الاضطراري لكن هذه المرة ليس لتحقيق الانجازات انما لتمرير المرحلة. فهما وان كانا يفضلان استكمال مشوارهما السياسي مفترقين، الا ان الظروف فرضت نفسها ودفعتهما الى مساكنة قد تستمر حتى نهاية العهد وقد لا تستمر!
وتعتبر مصادر مطلعة على الحراك الحكومي الحاصل والمحصور الى حد بعيد في المرحلة الراهنة بين الحريري وعون، انه ورغم التعاون الاضطراري بينهما، بات واضحا ان الحكومة الجديدة ستعوّم الحريري، وهي بالمقابل ستشكل خسارة عونية جديدة خاصة ان الجمهور العوني لم يعد قادراً على استيعاب الحريري مجدداً لانه يعتبر انه خانه وطعنه بالظهر.. اذ لا ينفك العونيون يمننون المستقبليين بآداء ومواقف الرئيس عون خلال ازمة الحريري في السعودية. وتضيف المصادر: «وضع العونيون الابراء المستحيل في الدرج بعد تسوية 2016، والكثير منهم تنفس الصعداء بعد استقالة الحريري وانهيار التفاهم معه لاعتباره ان العونية قامت اصلاً على مواجهة الحريرية السياسية كرؤية ومشاريع. اما اليوم فيعيش هؤلاء حالة من الارباك لعلمهم بأن الحريري فرض نفسه فرضاً على ما تبقى من العهد وانه لم يعد بيدهم حيلة الا التعاون معه، والا حملوا مسؤولية العرقلة والانهيار والانفجار المدوي لكل الازمات معا».
وتعتبر المصادر ان «اكبر المتضررين من كل ما يحصل هو جبران باسيل الذي تلاشت حظوظه الرئاسية بشكل مدو خلال عام، من دون ان يعني ذلك ارتفاع حظوظ اخصامه سواء رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع او رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، مشيرة الى ان «حظوظ رئيس مستقل هي الاوفر اليوم».