Site icon IMLebanon

أثمان خيارات الحزب وباسيل

 

بإعلان الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أنه غير مرشح لرئاسة الحكومة باتت الكرة في ملعب “حزب الله” والرئيس ميشال عون ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل، بعد أن أفشل الأخير محاولة رئيس البرلمان نبيه بري تقديم خيار زعيم تيار “المستقبل” للرئاسة الثالثة.

 

سعى بري من أجل تأليف حكومة تراعي ظروف التأزم السياسي والاقتصادي والمالي، وما يطالب به المجتمع الدولي، أي أن تكون قادرة على الإصلاح وأن تأخذ في الاعتبار تطلعات اللبنانيين الناقمين على الطبقة الحاكمة، لتتمكن من تنفيذ المهمة الإنقاذية بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، وتوحي بالثقة للدول المستعدة لمد لبنان بالمساعدات المالية.

 

خلافاً للسابق اعتبر بري أن تجارب حكومات الوحدة الوطنية خلال العهد الحالي كانت نتائجها سلبية، حكمتها المناكفات والتجاذبات، وأعاقت تنفيذ ما هو مطلوب، فيما تجربة حكومة التكنوقراط على طريقة اختيار حسان دياب رئيساً لها والوزراء، جاءت محبِطة. راهن بري على إمكان التفاهم مع الحريري على حكومة تراعي شروطه (مستقلين ومحايدين)، وأن تكون “جامعة” تضم تحت هذه المظلة اختصاصيين غير بعيدين عن بعض الأحزاب وبعدد محدود. مع ذلك كانت مراهنة محفوفة بالمخاطر لأن أياً من الدول العربية المعنية لم يكن مستعداً لمساعدة لبنان مالياً لتصحيح ماليته، في ظل تمثيل ولو غير مباشر لـ”حزب الله” في الحكومة، لأن التجارب السابقة لم تثبت أن تبنّي مبدأ النأي بالنفس عن أزمات المنطقة وحروبها، ستوقف تدخلات الحزب السياسية والعسكرية في دولها.

 

أراد باسيل التحكم بمسار التأليف كما لو أن البلد ليس غارقاً في مأزقه الاقتصادي، قبل أن يصادف خيار بري تحفظات خارجية على استفادة “حزب الله” من الغطاء الحكومي مجدداً. يتصرف الفريق الرئاسي كأن بيروت ليست مدينة منكوبة بعد كارثة انفجار المرفأ في 4 آب، أو كأن ليس من عقوبات وحصار نتيجة افتعال تحالف “حزب الله” والرئاسة العداء مع الدول العربية والغربية التي يلجأ لبنان إليها من أجل مساعدته.

 

بات على “حزب الله” وحليفه “التيار الحر” تأليف حكومة من شخصيات طيّعة، لا يهمها غياب الغطاء السني، مثل دياب. لكن خيارات من هذا النوع ترتب عليهما تحدي تحمل مسؤولية المزيد من العزلة السنية لحكومة كهذه. ولذلك أثمانه على الصعيد المسيحي أيضاً مع تعاظم النقمة ضد عون وتياره وصولاً إلى مطالبة البطريرك الراعي بإخلاء الأماكن السكنية من الأسلحة التي يكون الحزب كدسها فيها. كما ترتب انكفاءً للتعاطف الدولي الذي بقي محدوداً بالمساعدات الإنسانية بعد كارثة المرفأ، بدل تطويره لإنقاذ الاقتصاد. كما يرتب تلقف المزيد من العقوبات الأميركية.

 

إنكار خطورة وضع البلد بلغ حداً أن باسيل يهدف من الاتفاق على برنامج الحكومة، إلى توافق مسبق على حصة العهد من التعيينات، على الحكومة المقبلة إقرارها، جراء سجن أو محاكمة مسؤولين في المرفأ والجمارك مثلاً. أما الحزب فقد يفضل كما قال السيد حسن نصرالله انتظار الانتخابات الأميركية، وبالتالي بقاء حالة تصريف الأعمال إلى حينها، أو مواكبة ما يحكى عن مفاوضات استؤنفت بين واشنطن وطهران في عُمان بتعليق الوضع الحكومي اللبناني، في وقت تشهد المنطقة تطورات متفرقة…

 

بيان الحريري لم يُكتَب أمس بل قبل أيام، لمعرفته بأن أي حكومة ستخضع لابتزاز الرئاسة الفعلية والرديفة، وأجّل إذاعته مراعاة لبري، فيما اتكل الحزب على عرقلة باسيل.