أبواب بكركي مفتوحة مع ترحيب بأي لقاء يجمع الشمل المسيحي ويقرّب الاقطاب من بعضها
بعد الخضّة التي رافقت انعقاد حكومة تصريف الاعمال، والدعم الذي لاقته من البعض فيما البعض الاخر رفض انعقادها، وفي طليعتهم «التيار الوطني الحر»، والهجوم الذي تبع تلك الجلسة من قبل النائب جبران باسيل، وتوزيعه السهام في اتجاه الجميع، الامر الذي جعله من دون اي حليف، حتى من حزب الله الذي تلقى من رئيس «التيار» رسائل سلبية بالجملة ، لكنه فضّل الالتزام بالصمت منعاً لتدهور العلاقة اكثر، ما دفع بمصادر معارضة الى القول:» باسيل خسر مسيحياً ولم يربح شيعياً طوال المدة التي عقد خلالها تفاهماً مع حارة حريك، لانّ معظم بنود ذلك التفاهم لم تتحقق، لذا هو اليوم بعيد عن اي حليف مسيحي، إضافة الى انه لا يعرف كيفية إتقان الديبلوماسية في السياسة فنراه دائماً معادياً للاغلبية ، خصوصاً الركن المسيحي الابرز على الساحة أي « القوات اللبنانية»، كذلك لا تجمعه اي علاقة اليوم مع تيار «المردة» الذي كان في فترة ما وقبل وصول العماد ميشال عون الى قصر بعبدا في العام 2016 ، في وضع جيد مع باسيل، لكن ترّشح فرنجية حينذاك قضى على تلك العلاقة، ما جعل التيار البرتقالي في مسار آخر، لتصبح العلاقة في أسوأ حالاتها، كذلك الامر مع « القوات» بعد توقيع تفاهم معراب، اذ كانت العلاقة على خير ما يرام، وأنتجت دعماً قواتياً لوصول عون الى الرئاسة، لكن تبخّر كل شيء لاحقاً ضمن التسوية الرئاسية، فما لبث الدرب السياسي بينهما ان سلك خط الاختلافات في شتى الامور، ليصبح «التيار» في عزلة، بعد خسارته حليفين تحوّلا فجأة الى خصمين.
الى ذلك برز توافق «التيار» و»القوات» قبل ايام خلال رفضهما انعقاد جلسة الحكومة، الامر الذي بدا ايجابياً لدى بعض نواب «التيار» الذين وجهوا بعض الغزل المبطّن الى «القوات»، من خلال جملة « وقفوا الى جانبنا في هذه المسألة» التي قالها النائب سليم عون، فضلاً عن تخفيف اللهجة الهجومية منذ فترة بين الطرفين والاستعانة بمقولة « إستراحة المحارب» لدى الطرفين وغياب التراشق الاعلامي، مما يبشّر بالخير وفق معلومات أنّ «مصيبة» وصول فرنجية الى القصر الجمهوري» لا بدّ ان تجمعهما، ومن خلال ذكاء محنّك لدى رئيسيِ «التيار» و»القوات» في حال اتفقا على اسم مرشح وسطي إنقاذي على علاقة جيدة بهما، من دون ان يشكل استفزازاً للفريق الممانع، لانّ الطرفين ضد وصول فرنجية الى بعبدا، ويجب ان يستغلا ذلك ضمن تقارب ولو مرحلي.
وفي السياق ينقل وزير سابق أنّ إمكان لقاء باسيل – جعجع في بكركي ليس مستحيلاً، خصوصاً اذا اتى بطلب من البطريرك الماروني بشارة الراعي فور عودته من السفر، لان مصلحتهما واحدة اليوم، على ان يكون هدف اللقاء توحيد الرؤية للخروج من الخلافات اليومية، وهذا دور البطريركية المارونية على الرغم من المهمة الصعبة، اي توحيد كلمة المسيحيين في هذه الظروف، وتأمين مناخ داخلي ماروني يتيح تأمين التوافق بقوة، لان الخلافات المسيحية لها بُعد خطر داخل البيت المسيحي، من جرّاء السجالات الاكثر تواصلاً بين زعمائها، انطلاقاً من الدور الوطني الجامع الذي لطالما تميزت به البطريركية المارونية تاريخياً، وحرصاً على وحدة الصف وإيماناً منها بأن الاختلاف لا يعني الخلاف، والمطلوب اولاً عدم نبش القبور والماضي الاليم، ملمّحاً الى انّ وساطة بدأت قبل ايام قليلة على امل ان تصل الى مبتغاها.
في غضون ذلك يرّد مصدر كنسي في بكركي على سؤال « الديار» حول إمكان جمع قطبيِ «التيار» و» القوات» قريباً في الصرح فور عودة البطريرك، بالقول:» نتمنى ذلك لاننا مع اي تقارب من شأنه توحيد الموقف المسيحي، وسيّدنا الراعي لطالما دعا كل الاقطاب الى الاجتماع في الصرح لهذه الغاية، لكنه لم يكن يتلقى الجواب الواضح وخصوصاً في الفترة الاخيرة، حيث تصرّف البعض وكأنه لم يسمع مطلب سيّدنا، فيما بكركي ترحّب بأي لقاء يجمع الشمل المسيحي واللبناني بصورة عامة، ويقرّب الاقطاب من بعضهم وابوابنا مفتوحة امام الجميع».
وعلى خط الحزبين الخصمين، اجرت « الديار» اتصالات بعدد من نواب «التيار الوطني الحر» الذين لم يرّدوا بمعظمهم على الهواتف، ومَن ردّ سارع الى القول» عن شو السؤال؟، اذا كان عن حزب الله افضّل عدم الجواب وكل شيء سيكون ايجابياً قريباً»، ولدى توضيحنا أنّ السؤال عن الانفتاح العوني- القواتي، كان الجواب» في السياسة كل شيء وارد والتفاؤل مطلوب لننتظر ونر».
اما مصادر» القوات اللبنانية « فتكتفي بالقول:» لا شك في انّ الخلاف السياسي كبير بيننا و»التيار الوطني الحر»، لكن مصلحة لبنان العليا يجب ان تجمع اي طرفين حتى ولو كانا خصمين، لانّ الظروف الحالية الصعبة تتطلب التوافق السياسي».
إنطلاقاً من اجوبة الفريقين فالاجواء بين البياضة ومعراب لا تبدو ضبابية كثيراً، لانّ الغيوم في طريقها الى الزوال شيئاً فشيئاً.